بعد تأكد دخول الدكتور محمد مرسى (مرشح الإخوان المسلمين) جولة الإعادة أمام الفريق أحمد شفيق (ممثل النظام السابق الساقط)، خرجت تصريحات لنائب كويتى سابق تؤكد أن محمد مرسى ينتمى إلى قبيلة «الرشايدة»، وهى إحدى أكبر القبائل فى شبه الجزيرة العربية، ويعود نسبها إلى «بنى عبس» الذين اشتهروا فى الجاهلية وكانوا قبيلة كبيرة، من بين أشهر رجالها وفرسانها عنترة بن شداد.. أغلبنا -وقتها- تندر على الكلام، وأن محمد مرسى حفيد عنترة بن شداد ولا يملك منه شيئًا إلا الاسم فقط، لا قوةً ولا حتى حربةً أو سيفًا، فضلا عن أىٍّ من سماته أو صفاته، لكن الرجل (وللحق) منذ اليوم الأول له وهو يؤكد أن قراراته عنترية شدادية مثل جده.. لقد انتزع كرسى القصر من بين أنياب المجلس العسكرى والفريق شفيق.
مرسى بدأ قراراته العنترية بقرار عودة مجلس الشعب، الذى حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلان انتخاباته ووجب حله، وكان القرار الأول له الذى أثار حفيظة كثيرين، وشد انتباه عديدين آخرين إلى قرارات الرجل، والبعض اعتبره متهورًا، وكثيرون اعتبروه منحازًا إلى مجلس شعب جماعته.
القرار الثانى لمرسى الذى أثار بلبلة وانقسامًا داخل الأوساط الشعبية، فضلا عن أوساط السياسيين كان قرار إحالة (أو إقالة) المشير ورئيس الأركان وأعضاءً آخرين من المجلس العسكرى (اللواء العصار واللواء مميش)، القرار كان مثل سابقه يحمل كثيرًا من التحدى والاستفزاز والإبهار والإعجاب.. التحدى للمجلس العسكرى الذى أصدر الإعلان الدستورى المكمّل فى اللحظات الأخيرة قبل غلق باب التصويت فى جولة الإعادة، والاستفزاز لكثير من الليبراليين والسياسيين والقانونيين من الذين أقسم مرسى أمامهم فى الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا وفى جامعة القاهرة، والإبهار لكثير من المصريين من غير الإخوان ممن انتخبوه عن اقتناع أو نكاية فى منافسه الممثل للثورة المضادة، والإعجاب بالأداء لعدد كبير (بل الجميع) من أعضاء الجماعة ممن وقفوا وراءه وساندوه ودعموه، اقتناعا بالجماعة قبل الاقتناع بشخصه.
الغريب أن القرارين اللذين اتخذهما مرسى كانا بعد اجتماع موسع ومطول مع عناصر خارجية.. القرار الأول صدر بعد ساعات قليلة من لقائه وليم بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، أما القرار الثانى الذى صدر مؤخرًا فقد صدر بعد لقاء الرئيس مرسى مع الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر.. كلا القرارين (حسب ما نشر فى وسائل الإعلام) بدأ بالتهنئة للرئيس مرسى على ثقة الشعب المصرى وحسن اختياره للرئيس مرسى، وانتهى (كلاهما) بالحديث عن المساعدات الاقتصادية والمعونة الأمريكية والوديعة القطرية، (وبين التهنئة والمعونة والوديعة تتوه الحقيقة). الجميل فى القرارين أنهما أكدا أننا نملك رئيسًا يملك قراراته القوية العنترية (قد يكون له مستشارين من داخل الجماعة أو من خارجها، لكنه وحده يصدر القرار).
لكن القرار الأول انتهى برضوخ الرئيس محمد مرسى ونزوله على قرار المحكمة الدستورية العليا (حتى لا يتهم باستعداء القانون والدستور الذى جاء لحمايته وصونه)، أما القرار الثانى فلا نعلم ما تخبئه الأقدار لمرسى ولخصومه فى جعباتها من تبعات لهذا القرار، وإن كانت قد بدأت الغيوم تلوح ولم يحضر المشير ولا رئيس الأركان حفل ليلة القدر.
أجمل ما فى القرار الأخير أنه فعلا جاء لتأكيد أهداف ثورة 25 يناير التى كان أهمها إسقاط حكم العسكر الجاثم على نفوسنا وفوق رقابنا منذ أكثر من 60 عامًا (بداية من يوليو 1952)، فمحمد مرسى هو أول رئيس جمهورية يقيل ويختار وزير دفاعه غير مجبر على شخص معين (على الأقل الآن وأمامنا نحن فقط، أما ما فى السرائر فالله أعلم به، ولن يغفر له إن كان يخدع شعبه).