كان تأثير سلسلة «هاري بوتر» قويًا علي عالمي الأدب والسينما مع الشعبية الكاسحة التي حظي بها والنجاح الهائل الذي حققته السلسلة سواء ككتب أو أفلام، وهي مسألة دفعت البعض إلي بناء عوالمهم الأسطورية الخاصة، تأثرًا بما فعلته رولينج، وخلال العقد المنصرم ظهرت عدة سلاسل مختلفة يحاول مؤلفوها إلي تجربة هذا النوع من الكتابة التي تجذب الكبار والصغار معًا، ومن التجارب الناجحة في هذا المضمار سلسلة مغامرات «Percy Jackson & the Olympians » التي ظهرت في عام 2005، وحققت نجاحًا لا بأس به، لتكون الخطوة الطبيعية التالية هي تحويلها إلي سلسلة أفلام بدأها كريس كولومبس - مخرج الجزء الأول والثاني من «هاري بوتر» - هذا العام بالجزء الأول من السلسلة «The Lightning Thief». هنا تحل الأساطير الإغريقية عالم السحر والسحرة، والحكاية تدور حول شاب مراهق يدعي «بيرسي جاكسون» الذي يملك موهبة نادرة هي قدرته علي حبس أنفاسه تحت الماء لأكثر من سبع دقائق، لكنه يحيا حياة طبيعية تنقلب تمامًا عندما يهاجمه مخلوق خرافي يبدو كأنه خرج للتو من قلب كتاب للحكايات الخرافية، ويقوده هذا في رحلة إلي موقع سري يجد فيه أطفالاً كثيرين يبدون كما لو جاءوا كلهم من اليونان القديمة، وعندها يعرف «بيرسي» حقيقة أنه ابن «بوسايدون» إله البحر، ويتعلم الكثير عن أصله ونسبه، لكن أهم معلومة قيلت له إن كرة البرق الخاصة ب «زيوس» كبير الآلهة نفسه قد سرقت، وإن «زيوس» يتهمه هو بسرقتها. تختلف أحداث الفيلم عن الكتاب قليلاً في مسألة أعمار الأبطال الأساسيين، حيث كان من المفترض أن يكونوا أصغر سنًا،لكن طبيعة المغامرات التي يمر بها «بيرس» في الفيلم تجعل عمره هذا ملائما، لكن يؤخذ علي السيناريو استغراق وقت قصير للغاية في تصوير عملية تدريب «بيرسي» وتحويله من شخص عادي إلي بطل يستكشف قدراته الكامنة، وهي قدرات يعتبرها الناس عيوبًا في عالمنا، بينما هي أشياء مهمة للغاية في عالم آلهة الإغريق، لكن بمجرد أن تنتهي هذه المرحلة يتخذ الفيلم طابعًا سريعًا لا يحمل مللاً أو إبطاء، بل يمنحك الكثير من التسلية حقًا. الجميل أن الفيلم يحكي أشياء طريفة ومفيدة للغاية عن آلهة الأوليمب والأصول التاريخية التي بنيت عليها أساطيرهم أيضًا، وهو شيء يحسب للفيلم خصوصًا مع غياب الأساطير الإغريقية النسبي عن شاشة السينما منذ سنوات طويلة بالفعل. الأهم، وكما حدث مع «هاري بوتر»، فإن ممثلي الأدوار الثانية أغلبهم من الأسماء اللامعة، فأوما ثيرمان مثلاً لعبت دور المسخ «ميدوسا» التي تملك شعرًا من الأفاعي ونظرة تحيل إلي حجر، بينما يلعب بيرس بروسنان دور «سنتور» أو نصف إنسان ونصف حصان، وتلعب روزاريو دوسون دور «برسفوني» ربة الحكمة، بينما لعب شون بين دور «زيوس» بأداء جذاب، وكلها أدوار كان يمكن أن يلعبها أي أحد، لكن كان لهؤلاء النجوم حضور قوي فيها علي الشاشة أضاف إلي الفيلم.