المجلة البريطانية: الاختبار الحقيقي لعملية الانتقال الديمقراطي في مصر.. هو هل سيتمكن المدنيين من إدارة القوات المسلحة؟ المعارضة اليسارية والليبرالية لقرارات مرسي هي ما أقنعته بضرورة تأجيل المواجهة الحاسمة مع الجنرالات الخاسر الأكبر من تلك المواجهة سمعة واستقلالية القضاء المصري "مرة أخرى، الإخوان في مواجهة الجنرالات"، تحت هذا العنوان نشرت مجلة "إيكونومست" البريطانية في عددها أمس - السبت - تقريرا حول الصراع الدائر بين الرئيس الجديد "محمد مرسي" وجنرالات المجلس العسكري، حول إعادة البرلمان الذي سبق وحله العسكري.
وتحت عنوان فرعي قالت المجلة: "الرئيس الإسلامي الجديد يجاهد كي ليقتنص صلاحياته من جنرالات مصر".
وقالت في مستهل التقرير: "بعد 10 أيام من تولي مرسي رئاسة مصر، دخل هو وجماعته الإخوان المسلمين في صراع مباشر وواضح مع الجنرالات، بعدما أكدوا أنهم يرغبون أن يكون لهم القول الفصل في إدارة البلاد"، مشيرة إلى أن هذا ظهر جليا في الأزمة الدائرة حول إعادة البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميين، والصراع المفتعل مع المحكمة الدستورية العليا، المدعومة من قبل المجلس العسكري.
وأضافت المجلة البريطانية قائلة: "النتيجة أن هذا الجدل الدائر في نهاية المطاف سيؤثر بشكل كبير على مستقبل البلاد ويجعل الغموض هو المسيطر الأوحد على البلاد".
وتابعت المجلة بقولها "إن الصراع الحالي يطرح سؤالا عسيرا، وهو: هل سيتم إدارة البلاد من جانب الإسلاميين الذين انتخبهم الشعب أم من قبل الجنرالات الذين يعتمدون على مؤسسات راسخة تمتد جذورها لأكثر من 60 عاما من الحكم العسكري للبلاد؟"
واستمرت إيكونومست في الإشارة إلى أن الورقة التي يعتمد عليها الطرفين في الصراع وهو حشد الأنصار، حيث امتلأ ميدان التحرير بالآلاف المساندين لمرسي، فيما نظم القضاة حملة شرسة للهجوم على الرئيس الجديد، ولكن المجلة أشارت إلى أن التوقيت الذي اختاره العسكري لإثارة تلك الأزمة بحله للبرلمان قبل إعلان نتائج انتخابات الرئاسة كان ولا يزال مثيرا للتساؤل، ويعزز من الأقاويل التي تتحدث عن "انقلاب ناعم" ضد الديمقراطية.
ونقلت الصحيفة عن إلياه زوران العضو في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله إن مصر لا تزال منحصرة في "منطقة شبه دستورية" منذ الإطاحة بالمخلوع "حسني مبارك" قبل أكثر من عام ونصف، مشيرا إلى أن محاولة "مرسي" لإعادة البرلمان كانت من أجل أن يستعيد السياسيين المدنيين جزء من السلطات المسحوبة منهم لصالح العسكر.
كما قال الباحث السياسي المصري "عمر عاشور" «إن تلك الخطوة سيسجلها التاريخ باعتبارها خطوة أولى نحو التحول الديمقراطي في مصر، ولكن الاختبار الحقيقي والنهائي لعملية الانتقال الديمقراطي في مصر، هو هل سيتمكن المدنيين من إدارة القوات المسلحة فيما بعد؟».
ولكن المجلة البريطانية أشارت إلى أن الأزمة تكمن في أن قرارات "مرسي" تلاقي أيضا معارضة من قوى يسارية وليبرالية مثل المرشح الرئاسي السابق "حمدين صباحي"، والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية "محمد البرادعي"، وعلى ما يبدو تلك المعارضة هي ما أقنعته بضرورة تأجيل المواجهة الحاسمة مع جنرالات المجلس العسكري.
الخاسر الأكبر من تلك المواجهة، وفقا ل إيكونومست، هو القضاء المصري، الذي أضر كثيرا بسمعته واستقلاله بتورطه في تلك المعركة، وسرعة أحكامه غير المبررة بحل البرلمان، والهجوم الشرس على الإسلاميين خاصة من قبل رئيس نادي القضاة أحمد الزند.