يملك النظام في مصر أموال الدولة وسلطة التعيين في المناصب القيادية بالمؤسسات الصحفية الحكومية التي يغدقها علي مماليك أمانة السياسات و«شيعة» جمال مبارك الحالم بوراثة «العرش الجمهوري».. ويملك النظام كذلك سلطة تعيين نصف أعضاء مجلس الشوري والتي يمنحها للموالين له وكذلك خدم السياسة المتوافقين معه الذين يقبلون بأداء دور المعارضين «الكومبارس» في هذا المجلس الصوري.. وإذا كان مماليك الصحافة الحكومية قد تباروا في الهجوم علي شخص الدكتور البرادعي ودعوته لتحقيق إصلاح سياسي ودستوري في مصر يفتح الطريق لديمقراطية حقيقية علي أرض مصر فإن خدم السياسة من رؤساء أحزاب المعارضة الوهمية الحالمين بالتعيين في مجلس الشوري ونيل الحصانة وحصد المكافآت السخية للجلسات قد تباروا هم الآخرون في الهجوم علي شخص الدكتور البرادعي وأظهروا مدي تفانيهم في أداء المهام والأدوار التي يكلفون بها من قبل ضباط ومخبري مباحث أمن الدولة.. حيث نشرت إحدي الصحف اليومية الحكومية يوم السبت الماضي بيانا لستة من رؤساء تلك الأحزاب الوهمية المحسوبة علي المعارضة تضمن رفض هؤلاء لتعديل الدستور والتمسك بالتعديلات الأخيرة التي أصر عليها الرئيس مبارك بما فيها الصياغة الفولاذية لفقهاء الاستبداد للمادة 76 من الدستور الخاصة بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية.. واتهم رؤساء تلك الأحزاب الوهمية الدكتور البرادعي بأنه أهال التراب علي جميع الأحزاب السياسية بمطالبته بتعديل الدستور.. (شوفوا أزاي!! ).. وزعموا أن تلك المطالبة هي لشخص الدكتور البرادعي لكي يخوض الانتخابات الرئاسية المصرية «مدعوما بقوة خارجية».. ووصف البيان المباحثي لرؤساء تلك الأحزاب الوهمية أنصار البرادعي ومؤيديه من الشباب والأكاديميين والمثقفين بأنهم «قوي مشبوهة» وأن منهم من تمولهم دول أجنبية (دون أن يقدموا أي أدلة علي تلك الاتهامات).. وأن أنصار البرادعي أوهموه بأنه يصلح زعيما سياسيا وأن البرادعي سقط في براثنهم وأنه سيدفع ثمن ذلك من تاريخه الدولي.. ولم يتوقف الكلام المسف لهؤلاء المخبرين الفاشلين عند هذا الحد ولكنهم اتهموا الدكتور البرادعي بمساعدة قوات الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وبالمسئولية عن الانتهاكات الإسرائيلية للفلسطينيين وباستمرار احتفاظ إسرائيل بترسانتها من الأسلحة النووية نتيجة لصمته عليها عندما كان يشغل منصب المدير العام لوكالة الطاقة الذرية.. وختم رؤساء تلك الأحزاب الوهمية بيانهم المباحثي التاريخي بخبر مهم وهو أنهم قرروا عقد محكمة شعبية للدكتور محمد البرادعي دون أن يحددوا أسبابا منطقية لتلك المحاكمة.. خاصة أنه لا يوجد أحد من أولاد الدكتور البرادعي قد تاجر في ديون مصر الخارجية أو كون ثروة من هذا الطريق!!.. ثم إن الدكتور البرادعي ليس هو الذي قال عن علاقة مصر بالولايات المتحدةالأمريكية أنها علاقات تحالف استراتيجية.. وليس الدكتور البرادعي هو الذي سمح للولايات المتحدة بعمليات مرور آمن لأكثر من 40 ألف رحلة جوية أمريكية عبر الأجواء المصرية خلال السنوات العشرين الأخيرة.. ولم يكن أبدا الدكتور البرادعي في يوم من الأيام في موقع سلطة تسمح له بإرسال قوات للمشاركة في حرب تحرير الكويت والتي كانت في محصلتها النهائية وأهدافها البعيدة حربا لتدمير العراق وخدمة مصالح إسرائيل والولايات المتحدة.. فهل يعرف أحدكم سببا لمحاكمة الدكتور البرادعي شعبيا من قبل تلك القيادات الوهمية لأحزابها الوهمية؟! المدهش أن رؤساء تلك الأحزاب أصروا علي أن يضحكونا عليهم في نهاية بيانهم التاريخي عندما قالوا لنا إن اثنين من قياداتهم الوهمية قررا خوض الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة في 2011 كمرشحين في تلك الانتخابات.. وبالتأكيد فإن هذين المرشحين لا يطمحان في الوصول لمنصب رئيس الجمهورية لأنهما مدركان أنهما مجرد «كومبارس» مثل باقي مرشحي أحزاب المعارضة الوهمية التي لا يعرفها أحد.. وأنهم أدوات لتجميل صورة النظام أمام العالم.. وأن كل ما يطمحان إليه هو رضا السيد صفوت الشريف وضباط أمن الدولة عليهم والفوز بمبلغ النصف مليون جنيه التي تقدمها الدولة إعانة لكل مرشح من الأحزاب لتمويل حملته للانتخابات الرئاسية ولا تسأل أحدا منهم عن أوجه إنفاقها - إلا من يخرج عن النص ويحاول أن يظهر للنظام أنه معارض حقيقي مثل ممدوح قناوي المحامي الذي بايع الدكتور البرادعي وساند ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية وهو ما دفع السيد صفوت الشريف لأن يعايره علانية ويقول له وعلي الملأ: يكفي أننا أعطيناك نصف مليون جنيه في الانتخابات السابقة ولم نسألك عن أوجه أنفاقها؟.. ولو تركنا شغل المرشحين «الكومبارس» وهزل الرؤساء الوهميين لتلك الأحزاب الوهمية وتكلمنا بما يليق بحجم التحديات والمشاكل التي تواجه حاضر مصر لقلنا إن نشر كلام رؤساء الأحزاب الوهمية هو فضيحة للنظام السياسي المصري ويكشف مدي هلع النظام وخوفه من وجود شخص بقامة ومكانة ونزاهة الدكتور البرادعي في صفوف المعارضين للنظام.. وإذا كان النظام يشعر من قبل بالرضا وهو يري مماليكه وهي تتطاول علي رموز الفكر وأصحاب الرأي ورجال المعارضة والشخصيات العامة الذين يختلفون مع مبارك الأب.. أو مبارك الابن.. أو صفوت الشريف.. أو أحمد عز.. إلا أن هذا الأسلوب في النباح والتهجم والتطاول من هؤلاء الأقزام والخدم لن يجدي مع الدكتور البرادعي ولا يمكن أبدا أن ينال من قامة ومكانة شخص مثله.. ولهذا يخشي الآن من التصرفات غير الرشيدة وغير العقلانية التي قد يقترفها النظام وأجهزته أو هؤلاء المحسوبين عليه في مواجهة المعارضة المتنامية ضده وضد استمراره وضد مشروعه المخطط منذ عشر سنوات لتوريث الحكم.. إن مرشحي المعارضة من الكومبارس في الانتخابات الرئاسية لن يلتفت إليهم أحد.. ولكن الخوف من رد الفعل الطائش والأحمق الذي قد يأتي من جانب النظام في مواجهة شعبية البرادعي المتزايدة.