مهما كان ما تحمله وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في حقيبتها بينما تزور مصر اليوم، فإنه لن يكون كافيا للبدء في إصلاح ما أصاب العلاقات بين البلدين، هذا ما يؤكد عليه آرون ديفيد ميلر، المفاوض والدبلوماسي الأمريكي المخضرم، الذي كتب في صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية يقول إنه على الرغم من الهالة الدبلوماسية التي تحيطها وزارة الخارجية الأمريكية بالزيارة، فإن هناك عدد من المتناقضات الأساسية التي من المرجح أن تبقي على التوتر في العلاقات في الفترة القادمة. ومن أبرز هذه المتناقضات مشكلة الديمقراطية، فمصر لم تشهد خلال ال 18 شهرا الماضية ثورة بشكل كبير، بقدر ما كان تزاوجا بين نظام أعيد بناءه وانفتاح سياسي تاريخي، على حد قول الخبير الأمريكي.
ويضيف ميلر أن النبأ السار بالنسبة إلى مصر هو وجود بيئة سياسية تنافسية، لكن النبأ السيء هو أن القوتين اللتين تتنافسان في البلد وهما الجيش وجماعة الإخوان غير ديمقراطيين بالفطرة، بل حتى أعداء للديمقراطية، سواء في البنية أو الفلسفة الخاصة بكل منهما. وأوضح أن الجيش والإخوان مصممان سواء من خلال التنافس أو الصدام في بعض الأحيان، على فرض مصالحهما الخاصة على حساب رؤية وطنية حقيقية للبلد، ويحذر من أن ضحايا اللعبة الطويلة بين الجنرالات والإخوان هم المؤسسات المصرية، البرلمان والجمعية التأسيسية للدستور والقضاء، الذي يتعرض الآن لمحاولات متزايدة لنزع الشرعية عنه، في حين أن الليبراليين غير مؤثرين وغير منظمين بما يكفي لينافسوا.
وقال ميلر إن كلينتون في القاهرة ستقول كل الأشياء الصحيحة، لكنها في شرك بين الإسلاميين الذين لا يمكنها أن تتشارك قيمهم، والجنرالات الذين تعتقد أنهم يقوضون الأمل في تغيير ديمقراطي لكنها تحتاجهم للحفاظ على المصالح الأمنية الأمريكية واتفاقية السلام مع إسرائيل. يمكن لكلينتون أن تلقي خطابات مثيرة دفاعا عن الديمقراطية، لكن إدارة أوباما تفتقر إلى الضغط الحقيقي، أو على الأقل أوراق الضغط الجاهزة لاستخدامها، فالمساعدات العسكرية المقدرة ب 1.5 مليار دولار ستستمر في التدفق على القاهرة لأنه من دونها لن يكون لواشنطن أي نفوذ والإسرائيليون يريدون لها أن تستمر، كما أنه لا يمكننا بعد أن قدمنا كل هذا التمويل لمبارك، أن نحجبه عن مصر وهي تحاول أن تصل إلى الديمقراطية. "نحن في مأزق" يؤكد ميلر، وهو يتسائل عما إذا كان الأمريكيون سيبذلون كل ما بوسعهم لمساعدة الاقتصاد المصري، بما في ذلك إعفاء القاهرة من الديون، وغيرها من الإجراءات، حتى ولو لم يتحول الإخوان سريعا إلى تبني الديمقراطية.