سؤال بس......هوا انتا مش ناوى تغير صورة البروفايل دى؟؟؟؟ كان صديقى يسأل عن صورة بروفايلى على الفيس بوك الخاصة بشهداء الثورة و التى اشتهرت و جوه من فيها و اشتهر معها تعبير كتب وسط هذه الوجوه.....(الورد اللى فتّح فى جناين مصر) حينها أجبته بأن هذه الصورة هى كل ما لدى من ماض و حاضر و مستقبل,فقد ولدت ذكرا قبل أربعة و عشرين عاما لكننى أبدا لم أصبح رجلا الا فى الخامس و العشرين من يناير من العام المنقضى,ومنذ ذلك التاريخ و أنا أحسب حياتى و أسجل ذكرياتى فى ماض أصبح له معنى......هم صنعوا لى هذا الماضى أما حاضرى فهم فيه البوصلة و الموجه...لا أقطع أمرا دون أن أفكر فيهم و لا أتخذ موقفا الا لو علمت أن فيه رضاهم...هم شكلوا لى هذا الحاضر و مستقبلى...ذلك الذى نذرته من أجل أحلامهم و من أجل أن يرى ذووهم أحلام من رحل من أحبائهم و هى تتحقق.....هم رغبوا لى هذا المستقبل
أخبرت صديقى يومها أن هؤلاء هم نقطة النور فى حياتى و الشمعة التى تنير كهفا مظلما كنت قد تعودت على ظلمته زمانا قبل أن يصفعنىنورها هل تدرك ذلك الاحساس؟........حين تأوى الى ركن ما فى داخلك تستشعر فيه اليقين و حين تستريح روحك و يستقر قلبك فى ظل واحة من الايمان بشىء ما و الاطمئنان اليه
لذلك أحتفظ بالصورة...لأنها ذكرى و حياة و أمل ليس فى ذلك أى نوع من التكريم لهم...-فما يبلغ تكريم العبد من تكريم الرب- و لكنه احتياج منى الى ذكراهم كى تعطر حياتى و تشعرنى أن ركنا ما فى قلبى يأوى الى ركن شديد من الحق
أقول هذا و أنا أجد نفسى مضطرا كل يوم الى أن أوّسع الصورة فى عقلى و فى قلبى و فى روحى كى تضم أسماءا جديدة و وجوها جديدة تتشابه فى أشياء عديدة....الابتسامة التى تنطق بالحلم و التمنى,نضارة الشباب و حيويته,و تلك الصرخة التى تسمعها فى داخلك كلما نظرت اليها دون أن تعرف كنهها...أهم يستصرخونك من أجل ثأرهم و أحلامهم أم يا ترى هم يجأرون بالشكوى منك و من غيرك الى عزيز مقتدر؟؟
عندى ولع غير علدى بالشهداء..لا يستند فقط الى مكانة دينية ولا الى فضل أسلفت ذكره ولاحتى الى خاطر يطوف بذهنك عن احتمالية كونك مكان أحد منهم,ولكنه احترام غير عادى لتضحية غير عادية من أناس قرروا أن يتركوا كل شىء....المال و الأهل والولد و الأحلام العريضة و الامال الطوال .....يتركوا الحياة!!! من أجل معنى و قيمة ووطن....من أجل اخرين سينساهم الأكثر حفظا للجميل بعد وقت يسير...هذا طبعا ان لم يصبوا اللعنات على رؤوسهم باعتبارهم (خربوا البلد) متسائلين فى بلادة.....(ايه اللى وداهم هناك؟؟؟)
أعذرك اذا لم تشعر بما أقوله....ربما تنقصك تجربة ما سأصفها لك حالا.....هل سبق لك أن وقفت فى الصفوف الأولى لمعركة ما؟؟...اذا لم تكن قد فعلت فاعلم أن هناك خطا أحمرا يرسمه عقلك الباطن على أرض المعركة لا تستطيع أن تتجاوزه و كلما حاولت فعل ذلك...تجد خوفا غريزيا يشد قدميك الى الأرض ...خوف يترسخ فى نفسك حين يدور أمام عينيك ذلك الشريط السينمائى فترى أمام عينيك صور أمك و أبيك و اخوتك....تسمع فيه ضحكة صديقك المقرب على مزحة لا يقولها أحد غيرك و لا يفهمها أحد غيره...تشعر مجددا بخفقان قلبك حين ألقيت التحية للمرة الأولى على حبك الأول......هل تدرك الان ما فعلوه؟؟؟
أعترف أن الأمر صار مرهقا,فكل يوم أجد نفسى محدقا فى و جوه جديدة يخلف التحديق فيها جروحا فى الروح لا تندمل...... الثورة..ماسبيرو..محمد محمود..مجلس الوزراء..بورسعيد ..العباسية.......كلهم تركوا فى قلبى ندبات مع أحباء سقطوا و فى كل مرة..يتحدث السفلة عن تعويضات و الكاذبون عن مدرعات و جنود ارتبكت و تتباكى العاهرات على شباب كان يمقت تلونهم و يصرخ القوادون لاعنين الثورة و يخرج الطبيب ذو الصوت الكئيب البارد لكى يخبرنا كيف قتل الغدر أبناءنا و كم قتل منهم
وكأنهم أرقام يجب أن نسمعها دونما اكتراث...ولكنى أقسم أنهم ليسوا أرقاما...ليسواااا أرقامااااااااااااا هم حيوات..بشر..أحلام ضاعت ..زوجات مترملة..أطفال أيتام..بعض من كفاح الاباء و تعب الأمهات
هم مثلنا تماما بعضهم نزل لأن شرطيا أهانه.. بعضهم نزل لأن كيلو الأرز و صل سعره الى خمسة جنيهات.. بعضهم نزل من أجل مستقبل أفضل لأبنائه.. بعضهم نزل لأنهم لا يجدون قوت يومهم بعضهم كان يملك كل شىء ولكن انسانيته أبت عليه الا أن ينزل من أجل من لا يملكون أى شىء
أحمد بسيونى كان يقف بجانبى..علاء عبد الهادى و أبو الحسن كانوا زملاءا لى..أحمد أهاب كان صديقا لقريبى..سيف الدين مصطفى كان قريبا لصديقة و كريم خزام كان تلميذا لاخر
انهم مثلنا تماما..يحبون زميلتهم فى الدفعة..يلهثون خلف الأتوبيس..يشتهون الفول و الطعمية من عربات الشوارع..يقفون مع أصدقائهم بعد صلاة الجمعة..يصرخون مع أهداف شيكابالا و يصفقون اعجابا بأبو تريكة انهم نحن أقول هذا و هم يحصدون أمثالهم كل يوم كضريبة للحرية..وهم يقاتلون من أجل القضاء على حلم ماتوا من أجله..و هم يرقصون على جثثهم ليلا و يزايدون باسم دمائهم نهارا أقول هذا ليعلم كل من خان,كل من تآمر,كل من طعنهم ثم ألقى السكين و بكاهم,كل من وعد قتلتهم بخروج آمن...أننا لن نترك أرواحهم و أحلامهم تذهب سدى و سنقاتل حتى ننتصر لهم أو نهلك دونهم فنلقاهم و هم راضون عنا
يا من كنتم أجمل من فينا..سلام عليكم فى عليائكم يا أعز الناس..طبتم,والمجد لكم