استوقفني خبر تغيير تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان. أعترف يأنني من الأساس لا أفهم علي وجه التحديد ماذا كان الغرض من إنشاء هذا المجلس طالما أنه قومي، أي تبع الحكومة، وهي التي تدفع ثمن الورق الذي يكتب عليه المجلس تقاريره عن أدائها في هذا المجال.. الدكتور أحمد كمال أبو المجد الذي كان علي رأس التشكيل السابق هو علي كل حال شخصية أكاديمية محترمة، علي الأقل هو لا يجاهر بميوله الحكومية بشكل فج، بمناسبة أو بدون كما يفعل الكثيرون غيره. ورغم أنني بالطبع مع تداول السلطة فإنني لا أفهم آلية تداول سلطة تشكيل المجلس إذ لا يوجد لذلك نظام بعينه باستثناء مزاج الحكومة وسلطتها المطلقة كالعادة. ولعل كل هذه الفوضي وذلك الغموض المعتاد لا يوحيان بشيء أكثر من أن المجلس أنشئلغرض واحد فقط هو مغازلة الخارج بمؤسسات كرتونية غير حقيقية أو هي - كما يقول بتوع القوات المسلحة - أشكال هيكلية للتمويه لا أكثر. وهل من حقوق الإنسان أن يسمع القائم علي مجلس حقوق الإنسان خبر إقالته من الجرائد؟ ثم أقف ثانية لأتأمل تشكيل المجلس الجديد لأجده مكونًا من طاقم محترم من رجال وزارة الداخلية أو المحسوبين عليها بحكم الوظيفة الحالية أو السابقة، ويرأسه شيخ قضاة سابق مشهود له بأنه لم يوجه طول حياته كلمة نقد واحدة للحكومة ناهيك عن دفاعه المخلص عنها في كل مناسبة رأيناه فيها، هو رأيه بالطبع وهذا حقه ولكن من حقنا نحن أيضا أن يكون لنا رأي في المجلس ذاته ومدي كفاءته إذا كان هذا حاله بناء علي كل المعطيات السابقة. أنا شخصيا لا أظن أن هذا المجلس يمكن أن يأتي من ورائه أي خير لمصر أو لأحوال حقوق الإنسان فيها، ولم أظن ذلك علي كل حال حتي في ظل تشكيله السابق وإلا لما وصل المجلس لهذه الصورة الوهمية الديكورية الحالية.أشعر بالأسف للكيفية التي تتطور بها كل الأجهزة الرقابية في مصر والتي تتبع كلها أجهزة الحكومة المختلفة، والتي تقوم الحكومة طبعا بدور رائد في تطويرها للخلف. احضروني بارك الله فيكم: كيف يمكن أن أعمل مخبرا مكلفا بمراقبة سلوك شخص ما وتصرفاته وأدائه ويكون هذا الشخص الذي أراقبه هو الذي قام بتعييني لمراقبته فأسير خلفه خلال النهار في الشارع ببالطو أصفر وأنظر إليه من خلف جرنال مخروم لكي لا يراني ثم أذهب آخر النهار لكي أقبض منه راتبي علي المراقبة فإذا زهق مني رفدني وعين مراقبا آخر عليه حتي لا يشعر بالملل؟!.. إن الرسالة الوحيدة من خلف هذا المعني هو أن الحكومة تعتبر العالم كله عبيطًا وبأننا نحن في مصر أعبط من في العالم، وماله، للمرة الثانية «إذا لم تستح فافعل ماشئت».