سعادتي اليوم لها أكثر من منبع، الأول القدرة بفضل الله علي تقديم شيء مفيد للناس، الأجمل أنه ربما يكون مفيداً لناس لا تعرفني ولم تمر بهذا المقال يوماً، لقد ازدادت غلاوة هذه المساحة في قلبي مرتين في شهرين، الأولي عندما كتبت عن حاجة الغلابة للبطاطين في شتاء يبدو أنه سيكون قارساً وتفاعل معي كثيرون، ربما كانت حصيلة التعاطف ضعيفة نسبياً (أقل من 200 بطانية) لكن ما لا يدرك جله لا يترك كله. المنبع الثاني أن الحكومة تستجيب وهذه مفاجأة لم أتوقعها، فقد كنت علي وشك اليأس بعد أربعة مقالات تحلم بأن تكفل الحكومة للمواطنين قدراً من الشعور بالأمان، جاءت الاستجابة لتؤكد لي أنه ما ضاع حق وراءه كاتب غلس وزنان مثل العبد لله، لم تستجب الحكومة فترفع قانون الطوارئ أو تخفض الأسعار لكنها في رأيي استجابت لما هو أهم وهو حسن رعاية مواطنيها طبياً قدر الإمكان، والرعاية الطبية أهم مما سبق ذكره إذا عرفت عزيزي القارئ أن جزءاً كبيراً من سبب نجاح أوباما في انتخابات الرئاسة أن الجزء الأكبر من برنامجه الانتخابي كان بخصوص الرعاية الصحية والتأمين الطبي للشعب الأمريكي. المنبع الثالث للسعادة هو شعوري بالقدرة علي رد جزء بسيط من جميل موطني الأصلي(الصعيد) علي العبد لله، الآن سيسافرون الصعايدة لساعات طويلة دون خوف من أزمة صحية طارئة قد تودي بحياة واحد منهم مثلما يحدث كل يومين في قطار لا يتوقف إلا كل ساعتين علي الأقل. حكيت قصة الرجل الذي مات وتلقيت حكايات مماثلة، ناشدت وزير النقل أن يتصرف وجاءتني رسائل تطلب مني ألا أخاطب الحكومة وأن أخاطب القطاع الخاص، خاطبت القطاع الخاص ممثلاً في صيدليات العزبي فعرض مالك المجموعة أن يتكفل بتكلفة طبيب علي كل قطار لمسافة طويلة وبتكلفة كل مستلزماته العلاجية، نقلت الفكرة وكتبت عنها مرة ومرتين وأخيرا وصل الصوت لوزير الصحة الذي أصدر قراراً بتخصيص طبيب طوارئ منتدب من هيئة الإسعاف للوجود في كل المحطات وعلي متن القطارات الطوالي للتعامل مع الحالات الطارئة، وقال الدكتور عبد الرحمن شاهين المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة إنه قد تم التنسيق مع وزارة النقل وهيئة السكك الحديدية لعمل بروتوكول تعاون للبدء في تنفيذ القرار وأن الوزير بمجرد اطلاعه علي المقالات بدأ بتوفير عدد كافٍ من الأطباء المتخصصين في التعامل مع الحالات الطارئة لإنقاذ الركاب الذين يتعرضون لمتاعب صحية خلال الرحلات الطويلة، وأشار إلي أن سلاسل صيدليات العزبي تعهدت بتوفير جميع المستلزمات الطبية في القطارات. الشكر لله أولا وأخيرا، لكن يجب أيضا تقديم الشكر للسيد وزير الصحة كونه لم يتقاعس عن واجبات مهنته، وللدكتور عبد الرحمن شاهين الذي تابع وسيظل يتابع تنفيذ قرار الوزير (وأنا شخصيا هاتابع متابعة الدكتور عبد الرحمن)، وللدكتور أحمد العزبي علي روح المبادرة وتحمسه للفكرة ومساهمته فيها بشكل كبير، والأصدقاء الذين ساهموا في الحملة بشكل فعال وأخص بالذكر الدكتور إبراهيم السايح، وسمعني سلام (والله وعملوها الرجالة).