السيسي وبن زايد يشاهدان عرضًا بالطائرات «الميج 29» و«F16»    رئيس «مياه القليوبية» يوجه بضرورة اتباع خطة الصيانة الدورية لمراحل الإنتاج بمحطة سرياقوس    هل ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني اليوم؟.. بايدن يجيب    البرونزية الأولى.. إنجاز تاريخي ليد الأهلي في بطولة العالم    لقاء دولة رئيس الوزراء    شيخ الأزهر يستقبل سفير سلطنة عمان بالمشيخة    وزير النقل: نتفاوض مع «سكك حديد ألمانيا» لإدارة شبكة القطار الكهربائي السريع    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عامًا على تأسيسها    وزراء "الصحة" و" العدل" و" التضامن" يشيدون بمركز استقبال الأطفال    مع قراء «الأخبار»    في 6 أشهر فقط.. القيمة السوقية ل وسام أبو علي تتضاعف    إصابة 10 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    الخريف.. فصل الجمال والتغيير الطبيعي    الأوبرا تحتفل بانتصارات أكتوبر    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    افتتاح المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية لمناقشة الجديد فى الأمراض الوعائية    فحص 520 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة المنيا في مركز العدوة    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    مصرف «أبو ظبي الإسلامي- مصر ADIB-Egypt» يفتتح الفرع ال71 بمدينتي    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    مدرب منتخب فرنسا يكشف سبب استبعاد مبابي    «ينفذ يناير القادم».. «الرعاية الصحية» توقع برنامج توأمة مع مستشفيات فوش الفرنسية    وزارة الطوارئ الروسية تعيد من بيروت 60 مواطنا روسيا    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    رسميًا.. انتهاء أزمة ملعب قمة سيدات الزمالك والأهلي    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    كيف تحجز تذاكر حفل ريهام عبدالحكيم بمهرجان الموسيقى العربية؟    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    «القاهرة الإخبارية»: بريطانيا تستعد لإجلاء رعاياها في لبنان برا وبحرا    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    الهيئة تلزم صناديق التأمين الحكومية بالحصول على موافقتها عند نشر أية بيانات إحصائية    تعرف على إيرادت فيلم "إكس مراتي" بعد 10 أسابيع من عرضه    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    وزيرا الرياضة والثقافة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بالإسماعيلية    وزارة التعليم: التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية للطلاب مستمرة    «أوقاف مطروح»: توزع 2 طن لحوم و900 شنطة مواد الغذائية على الأسر الأولى بالرعاية    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    بسبب الاعتراض على مهاجمة إسرائيل.. إيران تستدعي السفيرين الألماني والنمساوي    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الحرص والبخل    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متحف الشيوعية في براغ.. شاهد علي تغير التاريخ!
نشر في الدستور الأصلي يوم 10 - 11 - 2011

اذا أردت البحث عن شئ غريب وغير مألوف في العاصمة التشيكية براغ فعليك بزيارة المتحف الشيوعي الذي يقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من ساحة "فاتسلاف" الشهيرة، حيث كانت العاصمة التشيكية هي إحدي أهم عواصم دول الستار الحديدي الذي يدور في فلك الإتحاد السوفيتي السابق في أوج الحقبة الشيوعية السابقة، لكن لم يستمر الحال هكذا فقد طالت الثورة الشعبية في عام 1989 تشيكوسلوفاكيا وإنفك عقدها هي الأخري إسوة بباقي الدول الشيوعية السابقة.. وعلي الفور راحت تتخلص من ذلك الإرث الشيوعي الثقيل وأصبحت تبدو لزائريها الأن دولة غير الدولة فدخلت المجموعة الأوروبية عام 2004 وأصبحت عضواً في حلف الناتو عام 1999 وتغيرت شوارعها وأصبح بها الكثير من المتاجر والمطاعم والبنوك التي ترمز الي الرأسمالية وراحت علي إثر ذلك معالم الشيوعية تختفي رويداً رويدا، حتي أن زيارة المتحف الشيوعي تبقي من الأهمية بمكان، لأنها تذّكر بحقبة تاريخية هامة في التاريخ الدولي الحديث إستمرت من عام 1948 حتي سقوط الشيوعية في عام 1989.
ماكدونالدز علي ابواب المتحف
نصعد درجات سلم المتحف متجهين صوب باب الدخول وما أن ندلف الي الداخل حتي تستقبلنا تماثيل أساطين وأعلام الشيوعية مثل لينين وستالين وغيرهم وتبدو هنا المفارقة المثيرة أننا في نفس اللحظة التي تصافح فيها أعيننا تلك التماثيل المخيفة نجد أن خلفنا علي الجهة المقابلة من الشارع يقع أحد رموز الرأسمالية وهو مطعم "ما كدونالدز " الشهير الذي يمكن رؤيته من ذلك الموقع بسهولة، علي الفور يعيش الإنسان لحظات بين صورتين متناقضتين ونظامين مختلفين سقط أحدهما وبقي الآخرمستمراً، غير أن هذه التماثيل المسكينة تبقي عبرة للنظام الذي سقط والذي كانت يوماً ما شامخة في الميادين والأبنية الحكومية الهامة قبل أن تسقط وتختفي حتي ظهرت من جديد رهينة في هذا المتحف المثير والذي لا تتوقف فيه الإثارة علي الجيل الجديد الذي لم يواكب العصر الشيوعي بل إن نفس الإثارة تبقي عند الجيل القديم الذي كان شاهداً يوماً ما علي تلك الحقبة.
رغم أن قلب العاصمة براغ به الكثير من المباني الأثرية والأماكن السياحية الهامة، إلا أن المتحف الشيوعي يبقي لديه بريق خاص فهو المكان الوحيد الشاهد علي زوال حقبة لم تعد موجودة إختفت بكل معالمها وصناعتها لذلك فإن رؤية أيٍ من تلك التماثيل أو الأدوات القديمة يجعلك تقف علي تاريخ الشيوعية في تلك المنطقة بكل تفاصيلها.
بعد شراء بطاقات الدخول مرتفة الثمن وبعد المرور من البهو الذي تنتصب فيه التماثيل نبدأ في دخول الحجرات الأخري حيث أنها متداخلة وأن كل واحدة منها تحكي جزء من التاريخ الشيوعي في تشيكيا الحالية أوتشيكوسلوفاكيا السابقة في الحجرة الأولي نري منتجات الصناعة التشيكية الشيوعية مثل الدرجات والدرجات البخارية وعدد من الأدوات الزراعية وصور عديدة من صور الدعاية أو "البروباجندا " الشيوعية في ذلك لعصر والتي كانت تشتهر بها تلك الدول في ذلك الوقت، وهي تظهر الي أي مدي كانت الصناعات الشيوعية في تلك الآونة متخلفة عن نظيرتها الغربية بكثير.
حجرة أخري نري فيها المنتجات الغذائية مثل المعلبات التي كانت تباع في تلك الآوقات و كذلك المشروبات المشابهة لمشروب الكوكاكولا الذي لم يكن مسموحاً به في أثناء الحكم الشيوعي وقبل أن نهم الي حجرة أخري نلقي نظرة علي مكينة "الكاشير" القديمة، التي كنا نراها في بعض متاجرنا العربية.
البوليس السري في المتحف
في المتحف أيضاً قسم لآدوات البوليس السري الذي كان له دور كبير في العصر الشيوعي، إضافة الي عينة من ملابس الشرطة وشرائط وأفلام تسجيلة تعرض بعض حقائق الشيوعية علي سبيل المثال أًعدم في تشيكوسلوفاكيا في عام 1989 وحده 178 مسجون وتشير سجلات السجون الي أنه كان هناك 257000 مسجون سياسي و 200000 ألف جاسوس كما أنه كان قد تم إقالة وطرد 500 ألف موظف من الحزب الشيوعي في حركة التطهير التي أعقبت ربيع براغ عام 1968.
إن فكرة تأسيس المتحف ترجع الي رجل الأعمال الأمريكي "جلين سبيكر" الذي درس العلوم السياسية وتخصص في السياسة الخارجية الروسية قبل أن يذهب الي براغ قبل 10 سنوات ليقيم هناك ويؤسس هذا المتحف لقد إستغرق تجهيزه عدة أعوام ظل فيها سبيكر يجمع المقتنيات التي كان يشتريها في الغالب مقابل المال، حتي أصبح المتحف حقيقة واقعة.
المتحف بصفة عامة يمكن تقسيمه إلي ثلاث حقب يحكيها عبر ردهاته ومقتنياته وهي حقبة الحلم بالتخلص من الشيوعية وحقبة الحقيقة ثم حقبة العمل التي تلي سقوط الأيديولوجية وهذا يجعل المتحف ليس فقط متحف لعرض بعض المقتنيات بل معرض تثقيفي وتعليمي للحقبة الشيوعية حيث أنك تستطيع أن تلتحق بإحدي الغرف التي تعرض أفلام التاريخ الشيوعي حيث نشاهد إعلان قيام جمهورية تشيكوسلوفاكيا كإتحاد بين التشيك وسلوفاكيا عام 1918.ثم يعرج بك تاريخ تلك الدولة الي الوقت الذي تزايد فيه تهديد الحكومة النازية آنذاك في المانيا لإجبار تشيكوسلوفاكيا عام 1938 على التنازل لألمانيا عن منطقة السوديت المتنازع عليها.ثم نستطيع أن نري تلك الحقبة التي غزت فيها القوات الألمانية تشيكوسلوفاكيا قبل الحرب العالمية الثانية وإعلان قيام حكومة وصاية التشيك ومورافيا بعد انفصال سلوفاكيا بتحريض أيضاً من المانيا، ثم ننتقل إلي تحرير تشيكوسلوفاكيا من النازي عام 1945 علي يد القوات الروسية ومن ثم إعادة تشكيل جمهورية تشيكوسلوفاكيا مرة أخري وقبل أن يعاود التاريخ كتابة سطوره بنفس الطريقة عن هذه البلاد ولكن بشكل مختلف حيث انفصلت مرة أخري سلوفاكيا عام 1992 ولكن بطريقة سلمية حيث أطاحت الثورة الشعبية بالحكومة التشيكية وأُعلن قيام جمهورية التشيك عام 1993 واختيرفاتسلاف هافل أول رئيس لها وأصبحت جمهورية التشيك عام 1999 عضواً بحلف (الناتو) وعام 2004 بالاتحاد الاوروبي.
ربيع براغ
لايمكن الانتهاء من زيارة المتحف حتي نري فيلماً قصيراً عن ربيع براغ عام 1968 أشهر حدث مر علي البلاد إبان فترة الحكم الشيوعي فهو يذّكر جيداً بالتجربة التشيكية الشهيرة نحو الديمقراطية والتي إمتدت من 5 يناير عام 1968 عندما بدأ ألكسندر دوبتشيك بعد تسلمه السلطة كأمين عام للحزب الشيوعي إصلاحاته الديمقراطية التي لم تستمر طويلاً حيث سحقت الدبابات الروسية تجربته التي لازال التشيك يفتخرون بها ويعتبرونها حدثاً ثقافيا ً وفكريا، بل ايقونة من ايقونات جيل الستينيات والسبعينيات التحرّري في أوروبا، من المعروف أن ذلك الحدث قد تحول الي حدث إبداعي علي نطاق أوروبا كلها.
قد تبدو المفارقة الكبري هنا قبل أن تهم بمغادرة براغ عائداً عندما يهمس في أذنك مترجم الرحلة وهو يقول لك إن آخر الإحصائيات التي صدرت هنا تقول أن واحد من كل اثنين لازال لديه اليقين بأن الحقبة الشيوعية هي الأفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.