أرسل إلىّ أحد الأصدقاء بتدوينة كتبها مدون شاب اسمه أنس الوجود فى مدونته التى تحمل عنوان (الكلام اللى يحبِّل)، والتى عرف نفسه فيها بأنه «نص فنان، نص شاعر، نص روائى، نص مسرحى، نص سياسى، نص مهندس، وعايش مبسوط، توت حاوى.. حاوى توت)، التدوينة حملت عنوان (اتجمعوا العشاق فى سجن القلعة)، قرأتها وقررت أن أشركك فى قراءتها معى. «هذه المدونة ليست عن علاء عبد الفتاح وال12000 مصرى فى غياهب سجون المجلس العسكرى فقط البداية مظاهرات ساحة تيانانمن.. مظاهرات ساحة تيانانمن هى مجموعة من المظاهرات الوطنية التى وقعت فى جمهورية الصين الشعبية، بين 15 أبريل 1989، و4 يونيو 1989، وتمركزت فى ساحة تيانانمن فى بكين التى كانت محتلة من قبل طلاب جامعيين صينيين طالبوا بالديمقراطية والإصلاح. توقع أعضاء الحزب المتقاعدون فى البداية أن تكون المظاهرات قصيرة الأمد، أو أن إجراء إصلاحات شكلية سيرضى المتظاهرين. أرادوا تجنب العنف قدر الإمكان، واعتمدوا فى البداية على جهازهم الواسع الانتشار لإقناع الطلاب بإنهاء المظاهرات والعودة إلى الدراسة. إلا أن تنوع مطالب المتظاهرين أعاق ذلك، ولم تستطع الحكومة تحديد من يجب التفاوض معه، أو مطالب المتظاهرين. من بين أعضاء القيادة العليا، فضل الأمين العام التعامل بلطف مع المتظاهرين، بينما فضل الباقى القمع. فى النهاية، تم اتخاذ قرار القمع من قبل مجموعة من الأعضاء المتقاعدين، فعلى الرغم من عدم امتلاكهم لمناصب رسمية، كانوا قادرين على التحكم بالجيش، واستطاعوا إعلان القوانين العسكرية، حيث زعم أعضاء الحزب القدامى أن استمرار المظاهرات لمدة طويلة شكل تهديدا لاستقرار البلاد. واعتُبر المتظاهرون أدوات تحركها أيادى «التحرر البرجوازى». فى 20 مايو، أعلنت القوانين العسكرية، إلا أن هذا لم يكن كافيا لإنهاء المظاهرات التى استمرت بدعم شعبى. بعد عدة أسابيع، اتُخذ قرار تنظيف الساحة بالقوة من المتظاهرين. قاوم سكان بكين.. أعاقت عوائق الطرق الكثيرة التى وضعوها تقدم القوات العسكرية واستمرت المعارك على الطرق حول الساحة.. إلا أن تنظيف الساحة تم فى ليلة 4 يونيو.. لم يكن قمع المظاهرات معتادا بالنسبة لجيش التحرير الشعبى، ولذلك فقد حدثت الكثير من المحاكمات ضد ضباط رفضوا التحرك ضد الطلاب. .. 2011: هى الحكاية كما رواها زين العابدين فؤاد ببساطة شديدة: «اتجمعوا العشاق فى سجن القلعة.. اتجمعوا العشاق فى باب الخلق.. والشمس غنوة من الزنازن طالعة.. ومصر غنوة مفرعة فى الحلق». أحاول أن أتذكر حالة ميدان التحرير قبل أن يتم التدنيس.. أحاول أن أتذكر تلك الحالة من الرهبة التى كانت تكلل تيجان المعتصمين على تبر أشرف الميادين.. أحاول تذكر كيف كانت المغامرة يوم 24 ونظرة أصدقائى إلى وكأننى المجنون يتخبط فى ثيابه والأحكام المطلوقة بخفة العقل، وعدم القدرة على توقع النار التى سوف تحصدنا ونحن أمام مركزة الأمن. كيف لك أن تتخلى عن وقارك فى عرض الشارع وأنت تردد هتافات تندد بحالة السعار التى انتابت سارقى الدولة من العائلة ابنا وأبا وحاشية.. كيف كانت المغامرة ونحن نتحمل السقيع الشريف وكأننا نرقص فيه.. كأننا كرة من الثلج، كلما سرنا زاد العدد وزادت الحدة وازدادت العاصفة وازدادت القوة فى فض الثلج من حولنا ليشعل الدولة لتتحول إلى زنزانة اتهام كبير ليحبس.. علاء عبد الفتاح بداخله ليكمل فؤاد زين الدين الحكاية بكل بساطة: «اتجمعوا والعشق نار فى الدم.. نار تحرق الجوع والدموع والهم.. نار تشتعل لما القدم ينضم.. لما الأيادى تفور فى لم اللحم.. واللحم منتور فى رملة سينا.. والكدب بيحجز على أيادينا.. قدم العدو غارسة فى لحم ترابى.. والكدب عشش مخبرين على بابى.. والمخبرين خارجين كلاب سعرانة.. بيجمعوا العشاق فى الزنزانة». ماذا حدث حتى نصل إلى مرحلة ما كنا فيها نجهز القفص لأتباع الفرعون وولده، ليستقر فى قاعه المظلم أحد أرجل الثوار الذى رقص فرحا بطلب استدعائه إلى النيابة العسكرية، كى يسقط فكرة محاكمة الثوار فى محاكم التفتيش، وإنهم جهة خصام وليس حكاما، وأنهم المذنبون وليس العكس، هذا كله فى عقر دارهم.. ماذا حدث حتى وصلنا وعلاء إلى هذه المرحلة.. حاول العسكر من خلال شرطيتيه، داخلية وعسكرية وأمن دولته وأمن وطنه وتحرياته وأفراده وأمنائه، جاهدا أن يسحب البساط من تحت الثوار ليصفهم بالعملاء والحاقدين والمندسين والممولين والكافرين والملحدين. دأب العسكر على أن يتحول الميدان إلى ساحة احتفال. حاول العسكر أن يفقد الميدان هيبته وقدسيته وأهميته. قرر العسكر أن ينسب الثورة إليه. «مصر النهار يطلقنا فى الميادين.. مصر البكا.. مصر الغنا والطين.. مصر الشموس الهالة من الزنازين.. هالة وطارحة بدمنا بساتين.. مصر الجناين طارحة مين يقطفها.. مصر الجناين للى يرفع سيفها». المشكلة فعلا أن هناك من صدق العسكر وآمن أن علاء ومن يتبعه ومن على شاكلته ملحدون وكفار ويستحقون ما هم فيه.. المشكلة أن هناك من يرى أن من حاول وهب الناس حريتهم خرب البلد ووقف حالها.. المشكلة أن هناك من يرى أن المجلس العسكرى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. ليبقى أمل زين العابدين فؤاد فى ورد هذه البلاد الذى فتح فى جناين أرضها: «مهما يطول السجن مهما القهر.. مهما يزيد الفُجر بالسجانة.. مين اللى يقدر ساعة يحبس مصر».. ليرد عليه الشيخ إمام حاسما «ولا حد