الكويت على أد ماهي دولة صغيرة جداً ، إلا ان شوارعها يتوه فيها أجدع واحد .. وادينا بقالي 6 سنين فيها ولسه بتوه ، كأني جيتها إمبارح .. لذلك أنا عامل زي اللي قال عليها فؤاد المهندس : مالبيت للجرنال وم الجرنال للبيت .. لو عندي مشوار بقى في السالمية مثلا أريّح دماغي واخد تاكسي .. ومن يومين رحت السالمية وركبت مع سواق مصري ، وبما انه مصري حبيت أخد وادي معاه في الكلام عن بلدنا وأحوال بلدنا .. وعرفت من هذا السائق وهو من الشرقية أنه لكي يأتي إلى الكويت اشترى تأشيرة ب 30 ألف جنيه .. حوالي 1500 دينار كويتي .. وما يتحصل عليه في الشهر وهو يسوق التاكسي أكثر من 20 ساعة تقريبا 150 دينار .. يعني بالمصري 3000 جنيه .. بياكل ويشرب بنص المبلغ ، وساكن في ستوديو مع 7 افراد .. " الاستوديو يادوبك يتحمل واحد بالعافية " وبيدفع 30 دينار.. ولو التاكسي حصل فيه أى حاجة عليه هو إصلاحها من جيبه مش على حساب الشركة ، ومايتبقى منه يرسله إلى أسرته المكونة من 6 أفراد " حوالي 1000 جنيه" .. م الآخر حاله بؤس والأسم متغرب وفي الكويت .. وعشان يسدد ثمن التأشيرة بس .. عايز له على الاقل 10 سنين. فاجأني السائق بالسؤال: تفتكر يا أستاذ .. المشير قال الحق في المحكمة؟ فقلت : أكيد رد : ومالك بتقولها بثقة كده ليه؟ قلت: الراجل اقسم:والله العظيم أشهد بالحق .. وهذا القسم ليس أبداً بالقسم الهيّن .. تخيّل نفسك كده واحد بيشهّدك على حاجة ، وقال لك إحلف بالله العظيم تقول الحق .. حتلاقينفسك إترعشت من هول الموقف ولن تشهد إلا بالحق. رد الرجل رداً أفحمني: طيب لا مؤاخذة .. مش مبارك لما مسك البلد اقسم اليمين ؟ قلت : طبعا رد : وإيه اللي حصل بعد كده؟ قلت : خربها وقعد على تلها قال : والوزرا بتوعه اللي في السجن .. مش برضه اقسموا اليمين ؟ قلت : طبعا رد : وهما فين دلوقتي ؟ قلت : هناك فرق بين الحالتين .. فعندما تقسم اليمين الدستوري كرئيس أو وزير .. لحظتها أكيد مش حيكون في نيّتك إنك تسرق البلد وتنهبها .. أكيد حتكون بينك وبين نفسك صادقا .. بعد كده بقى تلاقي نفسك الدوامة أخدتك .. والمال السايب يعلم السرقة .. وان عشقت اعشق قمر وان سرقت إسرق جمل .. أما في حالة المحكمة فالأمر أكثر تعقيداً.. أنت تقسم بالله العظيم على شيء بعينه.. شهادة لوجه الله قد تُدين متهماً وتعدمه وقد تبرئه.. لذلك.. من الصعب جداً أن تقسم اليمين أمام القاضي ثم تكذب. السائق ويبدو انه غير مقتنع بكلامي : معنى كده إن مبارك برىء بناء على اللي سمعته عن شهادة المشير. قلت : المسالة مش سهلة للدرجة دي .. هل تتخيل مثلا إن مبارك قال للمشير طنطاوي بالنص الحرفي : اقتل المتظاهرين وافتح عليهم النار .. أكيد لأ .. لكن ممكن يقوله مثلا : خلصني يا طنطاوي م الليلة السودا دي .. وخلصني هنا تحتمل ألف معنى .. يعني " لم الموضوع " أو اتفاهم معاهم ..أو هددّهم من بعيد لبعيد .. حاجة كده يعني..إنما إقتلهم بصريح العبارة .. مستحيل يكون حصل. قال السائق : بس أنا سمعت بنفسي المشير طنطاوي في حفل تخريج دفعة كلية الشرطة قال بالحرف الواحد : إحنا رفضنا إطلاق النار على المتظاهرين .. وصاحب العقل يميز يا أستاذ .. رفضنا تعني بالتأكيد إن حد قال له إضرب. قلت : مش بالضرورة .. يمكن كان قصده إن القوات المسلحة لا يمكن تضرب أبناءها من الشعب المصري حتى وإن جاءتها أوامر بذلك.. يمكن. قال لي السائق :وتفتكر لو لم يتم رد المحكمة وذهب الفريق سامي عنان للشهادة وحلف اليمين .. كان شهد برضه في صالح مبارك؟ قلت : مش عارف.. بس أكيد حتبقى شهادته زي المشير. قال : يا أستاذ ..أنا صحيح مش متعلم زيّك لكني برضه بفهم .. ده انا قريت هنا في الجرايد الكويتية نقلا عن الأخبار المصرية إن سامي عنان قال : جاءتنا أوامر بضرب الميدان ورفضنا ..فإذا افترضنا إنه راح المحكمة وشهد بعكس ما قالته الأخبار .. فأنا لو منه أقاضيجريدة الأخبار والمحرر اللي كتب كده عني .. ده مش تصريح سهل يا أستاذ .. ده يولّعبلد. ثم راح يُكمل :مثلا أنا كنت متابع حملة جامدة جداً لصحفي كبير إسمه عادل حمودة عن وزير الإسكان محمد ابراهيم سليمان اللي مرمي في السجن دلوقتي .. اللي قاله عادل حمودة يلف حبل المشنقة على رقبة ابراهيم سليمان .. ليه بقى بقول لك حبل المشنقة ؟ .. لأن اللي بيقتل نفر بيعدموه .. أمال لو قتلت بلد بحالها بالسرقة والنهب يتعمل فيك إيه؟ قلت : ما شاء الله عليك .. ده انت واعي ومثقف جامد أوي رد : ربنا يخليك..أنا بس عايز أقول كلمتين .. إسمعهم مني وارميهم لو مش عاجبينك .. لو أنا اتهمت وزير بأنه حرامي مثلا .. فحاجة من اتنين .. إما الوزير يدخل السجن .. أو أنا ادخل مكانه ..ده وزير يا أستاذ يعني مش واحد عادي .. فلا هو دخل ابو زعبل ولا انا .. يبقى م الآخر .. الوزير ده حرامي. مش عايزة فكاكة ..واحد وواحد يساوي اتنين. قلت للسائق الواعي: إنت عايز تقول ايه؟ رد : مش مبسوط ماللي بيحصل .. حاسس كده إننا في تمثيلية 500 حلقة "بميتين أمها " مش ناوية تخلص ولا بعد عشر سنين. قلت : عندك حق فقال : بس مقولتليش برضه .. المشير قال الحق ولا لأ؟ قلت : ما انا قلت لك أقسم بالله .. " وَتَحْسَبُ ونَهُهَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ" فقال : شكلك لامؤأخذة ومتزعلش مني .. بتخاف قلت :أنا مخفش غير من اللي خالقني فقال : ما انا قلتها لك م الأول .. مبارك أقسم أن يحافظ ع البلد ويرعى شؤون أهلها و.. و .. عمل إيه في الآخر .؟ قلت : قصدك يعني على الفلل والقصور والفلوس المتهربة؟ فرد بعصبية : فلل إيه وفلوس إيه .. قسما بالله لو بعدل ربنا بحق يتعدم هو والحاشية بتاعته في ميدان عام .. الراجل خرب البلد وجاب عاليها واطيها .. لامؤاخذة قل لي : أنا هنا وسايب أهلي وعيالي ليه؟ .. تعالى - لو فاضي - وشوف المصريين اللي مرميين في خيطان .. " منطقة هنا في الكويت تعتبر معقل للمصريين الصعايدة تحديدا " .. أقسم بالله يا أستاذ مش لاقيين ياكلوا .. وجي تقول لي فلة وقصر وهباب أزرق .. حسبي الله ونعم الوكيل. ثم قال وكأنه زهق مني : إنت نازل فين في السالمية ؟ فأشرت له على المكان تحديداً وأعطيته الأجرة وقلت له: تصدق بالله رد : لا اله الا الله قلت : انت راجل محترم.