يقول الصديق معتمر أمين: من المهم تفنيد بعض الكلمات التى دخلت إلى الوعى العام على أنها تمثل شيئا والحقيقة أنها مزيفة. مثلا الفلول: المفترض أن هذه الكلمة تعنى أنه كانت هناك معركة وأن جيشا انتصر على الآخر فلاذ المهزوم بالفرار فأطلق الناس عليهم وصف «الفلول» أى «المنهزمون». وأصبح المنهزم فى موقف الخاضع الذى عليه تقبل إرادة المنتصر. أما فى الحالة المصرية، فالوضع كالتالى: انتصرت الثورة ولم تحكم وانهزم النظام ولم يرحل! وبالتالى، نجد أن تسمية الفلول هى فى الحقيقة تسمية فى غير محلها. الواقع يقول إن وراء الصف الأول الذى هُزم، صفوفا أخرى مستميتة فى الدفاع عن أنفسها وتوجهاتها ومصالحها وهى تأبى أن ترحل، بل تريد أن تشارك وترى لنفسها مستقبلا بيننا. وبالتالى وجب أن نطلق عليهم «المتشبثين» لا الفلول. تصحيح التسمية هو أول الطريق للتعامل الصحيح معهم. النُّخبة: يطلق هذا المصطلح على خيار القوم. والنخبة هم المنتخبون فى كل مجال (بقلوب الناس ورضاهم) ويمثلون أعلى ما فيه من حرفية وإتقان ودقة وفكر. بتميز النخبة يتقدم المجال وبأفول نجم النخبة تتباطأ حركة التطوير. قرون الاستشعار عند الشارع المصرى هى التى تختار النخبة التى بدورها تقود القاطرة لتحقيق أحلام الناس. الخدعة فى موضوع النخبة تنقسم إلى نوعين. الأول: أن يخرج علينا واحد من النخبة ويشاور على زملائه ويقول «هؤلاء النخبة ويريدون أن يُضِلوا المجتمع» على طريقة «لو مش عارف تبقى أحسن واحد فى النخبة يبقى كسّرهم وتبقى إنت النخبة اللى فاضل». أما النوع الثانى فيقول إن «النخبة» منفصلة عن الشارع وليس لها قاعدة شعبية! وكأن النخبة نزلت علينا من السماء ولم «يتمرمغوا» فى تراب الوطن وقادوا معارك تلو الأخرى لنيل حقوق المصريين دون أن يعود عليهم بأدنى نوع من النفع! يمكن من أجل هذا السبب استشاط غضب بعض «نخب» العائلات والجماعات «الدينية» وقادة «الجيش» الذين كانوا أولى بعمل التغيير ولم يعملوه بل استفادوا من النظام السابق حتى التحموا به فى زواج لا طلاق فيه! ولما سقط النظام وسقطت معه ورقة التوت وكُشفت عوراتهم، التفوا بسرعة ليلصقوا ما بهم من أمراض وفساد بقادة معارك التغيير (كل واحد بيتهم الناس باللى فيه، الحرامى يقولك كل الناس حرامية ودلوقتى نخبة الأمس بتقول على اللى ضحى بعمره وماله وجهده إنهم «نخبه»... وعجبى). الأقباط: خدعوك فقالوا إن «مسيحى» يعنى «قبطى» وبالتالى «مسلم» يعنى «عربى».. ثم ماذا؟ ثم نصبح عنصرى الأمة وبعضنا ضيوف! هكذا.. ولهؤلاء نقول: أنتم بحاجة إلى نخبة تفهم لتعرف كيف تترجم لكم التاريخ الذى استعصى على الفهم. سين سؤال: إذا كان كل مسلم عربى فى الأساس فكيف تحول 8000 جندى جاءوا مع عمرو بن العاص سنة 640 إلى 72 مليون مسلم سنة 2011، فى حين نما مليونا مسيحى من سنة 640 إلى أن أصبحوا 8 ملايين مسيحى سنة 2011؟ الحقيقة أن كل مصرى جده قبطى وأبوه عربى، وكل عربى قرشى أو عدنانى أمه قبطية (السيدة هاجر) وأبوه عراقى من أصل يمنى (سيدنا إبراهيم). ونحمد الله أن الأمة المصرية تصهر كل من جاء إليها وعاش فيها، وأن الأمة المصرية عنصرها واحد وهو المصريون ولا يوجد بها عنصران. وعلى من يتشكك فى هذه المعلومة مراجعة أساتذة الاجتماع والطب للاطلاع على الخريطة الجينية للشعب المصرى، فبعد أبحاث وتحليلات طويلة وجدوا أن «اللى بنا مصر كان فى الأصل حلوانى».. (حتى لو حاول البعض سكب الشطة بدلا من السكر). المجلس العسكرى: لا يوجد شىء اسمه المجلس العسكرى وإنما المجلس الأعلى للقوات المسلحة. لو أراد قادة المجلس البقاء فى الحكم لاستجابوا للثوار ومطالبهم وكسبوا تأييد الثورة بدلا من أن تشوه صورتهم أمام الشعب بهذه الطريقة ويشعر معها جنود وضباط الجيش (خصوصا الشرطة العسكرية) أنهم محل لوم شديد من المجتمع. آن الأوان أن نبدد فكرة أن المجلس يريد الحكم. قد يريد أن يحافظ على مكانته ومكتسباته لكن الشاهد أن سياسته المتبعة تفقده أكثر من أى مكسب يستطيع أن يحافظ عليه.. وفى هذا كلام كثير قد نعود إليه فى مقال آخر. الشاهد أن المجلس الأعلى ورث خطط مبارك السياسية (راجع لماذا كان هناك تعديل للدستور من الأساس؟) وطبقها دون أى حنكة سياسية، فجاءت النتيجة فى غير صالحه... والآن نحن نخضع لإدارة فاشلة للمرحلة الانتقالية، يدفع الشعب بأكمله نتائجها (يا رب نخلص). البلطجى: يُقال إن 40% من الشعب المصرى تحت خط الفقر، وبالتالى ببساطة الفقر والجهل والمرض هم أسياد الموقف لكل من يعيش دون خط الفقر. الحقيقة أن وصف بلطجى مدسوس علينا، وكذلك وصف مسجل خطر هو فى الأساس وصف فقير لواقع مر. الأصح أن نقول إننا أمام أناس مهمشين يريدون فرصة فى الحياة ولو وجد واحد منهم من يأخذ بيده لتغيرت حاله وتغيرت بيئته. لا أتكلم مع واحد منهم إلا وشعرت بأنه يريد أن يكون حاله وبيته وحياته أفضل. الحرب الذى علينا أن نخوضها أن نأخذ بأيديهم فى نفس الوقت الذى يستعملهم البعض لضربنا! الأمر العجيب أن الموازنة لا يراد لها أن تزيد لتشمل هؤلاء بالرعاية والتأهيل بل يستقطع منها لتنفق ببذخ على كل من يستغل هؤلاء المهمشين (رجال الأعمال والأمن).. ولو تفقه المهمشون لعرف مَن يريد أن يغير حالهم ومَن يريد أن يمص دمهم. مصر الآن دخلت الامتحان ولن ينجح من يغش ولن ينجح من يجاوب «صح بالصدفة» ولن ينجح من يتفق مع الأستاذ (فى الدرس الخصوصى). هنا استحقاق المستقبل ولن يستطيع حمله إلا أهله. نحن نواجه حربا نفسية وحرب مصطلحات وحربا بالكلمة وحربا بالصورة. وإلا كيف تفسر أن تخرج طلائع التحرير من الفيسبوك والتويتر وتقود الناس ليلة 25 يناير، فيراهم الناس على شاشات الفضائيات «شباب يافع، طاهر، متفائل، ومقبل على الحياة» ثم بعد عدة أشهر تجد أن صورة هؤلاء الشباب أنهم «شوية عيال، ومتدربين فى الخارج، وعايزين يدمروا البلد ويوقفوا الإنتاج» لا أسأل كيف تحولت الصورة ولكن أسأل: مَن الذى حوّل الصورة؟