قالت صحيفة "ذي تايمز" اللندنية في نبأ عاجل على موقعها الاليكتروني اليوم الاربعاء ان الثوار الليبيين اعلنوا ان مدينة سرت، مسقط رأس العقيد معمر القذافي، سقطت بايديهم اليوم. واضاف مراسل الصحيفة في المدينة توم كوغلان انه باستثناء اطلاق نيران بصورة متقطعة يبدو ان المعركة الطويلة قد انتهت. ويضيف انه شاهد جثث كثيرين من انصار القذافي الذين قتلوا الليلة الماضية وان قادة الثوار يهتفون في الشوارع ان المعركة انتهت. ويقول كوغلان ان الثوار بدأوا التحرك الى الامام في الساعة 10:40 عبر منطقة تغمرها مياه انبوب مكسور من دون ان يواجهوا مقاومة تذكر في اندفاعهم نحو شاطىء البحر. وقد احتلوا الآن جميع المناطق ولا يبدو انهم يواجهون اي مقاومة. غير ان الثوار يعتقدون ان بعض جيوب المقاومة قد تكون موجودة في المنطقة الثانية من المدينة وان غمر المنطقة بالمياه كان القصد منعه اعاقة تقدمهم. وكان الثوار قد اعلنوا اليوم سيطرتهم على اجزاء واسعة من وسط مدينة سرت الليلة الماضية بعد يوم من عمليات التقدم السريع والعنيد في المعقل الاساسي الاخير للقوات الموالية للزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي. واندفع المقاتلون الثوار الموالون للمجلس الوطني الانتقالي بصورة مضطردة الى الامام في شرق المدينة وسيطروا على ما يقرب من كيلومتر من الارض. وحقق الثوار مكاسب ايضاً على الجبهة الجنوبية وقالوا انهم يتوقعون الوصول الى شاطىء البحر الاربعاء (اليوم). وبدت المقاومة في مسقط رأس العقيد القذافي، والذي يمثل الآن اهم عائق عسكري امام اكمال الثورة الليبية، اضعف بكثير من المقاومة الضارية في الاسبوع الماضي. وقال احمد الكيزا، وهو مقاتل من بنغازي: "واجهنا مقاومة ضعيفة من قناصة القذافي"، لكنه استدرك قائلاً: "لديهم قناصة جيدون جداً". في جزء صغير فقط من شرق المدينة يدعى الدولار قال الثوار انهم واجهوا مقتاومة اكثر تنسيقاً. ومع ان بعض مناطق سرت صارت مناطق لا يمكن العيش فيها بعد ان دمرها قصف الثوار، فقد مرت وحدات تابعة للمجلس الوطني الانتقالي بعد ظهر امس بمجمعات شقق لم تصب باضرار تستحق الذكر. وأدى القنص بين حين وآخر إلى انبطاحهم بحثا عن ساتر، لكن عددا من الثوار توقفوا للبحث في الأملاك عن أسلحة وشارك غيرهم في ما تحول إلى موجة نهب شاملة في المدينة. وكانت السيارات والسلع الكهربائية وأقفاص الطيور المغردة والمحتويات الكاملة لمطار سرت (بما في ذلك عربات جر البضائع والأدراج المتحركة للصعود إلى الطائرات) من بين الأشياء التي تم نقلها خلال الأيام الأخيرة. وتعرضت وحدة من الثوار غير المنظمين إلى عملية رشق عنيفة بالحجارة - وكانوا يدخنون الحشيش بنارجيلة بدائية متصلة بقنينة بلاستيكية. وعلى الرغم من لعلعة الرصاص غير المتواصلة، فإن مقاتلا كان يضع باروكة شعر نسائية وقبعة ركب دراجة جبلية منهوبة وكان يقف على بدالاتها بالمقلوب. وصفق آخرون عندما تحركت الدراجة متعثرة. مجموعة اخرى قطعت القتال لأداء رقصة نصر نشطة، وربما سابقة لأوانها بقليل، وهتفوا: "الشرق والغرب (في ليبيا) متحدين، ودماء ثوارهم ممتزجة". وبدا أن قليلا من المدنيين ظلوا في بيوتهم. وتباينت إلى حد كبير طريقة التعامل مع الذين قبض عليهم في المدينة. وقال مصطفى العيماني، وهو مقاتل، بعد ان عثر على رجلين في منزل أمس، وطبع قبلة على جبين الرجل الأكبر سنا منهما: "مثل والدي تماما، مثل جدي تماما، ليست هناك مشكلة". إلا أن شابين قبض عليهما أمس الأول قيّدا وتعرضا للركل، وشاهد مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية لاحقا أحدهما يتعرض لضرب مبرح في مرآب خلف خط القتال. كلاهما كانت بحوزته أوراق حكومية ثبوتية، لكنهما ولدا في مالي والجزائر. وفي مستشفى سرت الذي تعرض لتدمير بالغ، والذي تم اقتحامه صباح الاحد، هدد عدد من مقاتلي المجلس الانتقالي المرضى، وكانت غالبيتهم من الرجال في سن القتال. وتعرض المرضى في ثلاث حالات على الاقل للكم أو الصفع بعد اتهامهم بأنهم موالون للقذافي أو قناصة، بحسب موظفي المستشفى. وكانت المشاعر متأججة بشكل خاص بين المقاتلين القادمين من مدينة مصراتة، التي عانت دمارا هائلا خلال الاشهر الأربعة التي حاصرت خلالها قوات القذافي المدينة وارتكبت فظائع بينها اغتصابات واسعة النطاق، وفقا لروايات السكان. وعرض الثوار على الصحافيين الغربيين لقطات فيديو وجدوها مع أسير قام أحد الثوار بقطع راسه بسكين مطبخ. وقال هاشم زنادي وهو جراح عظام، إنه ساد في المدينة اعتقاد بأن الثوار سينتقمون ممن يجدونهم داخل سرت، وأضاف: "معظم الذين يقاومون يفعلون ذلك لأنهم يعتقدون أن الثوار سيغتصبون أخواتهم ويقتلونهم". وعندما سئل زنادي عما إذا كان يشارك في ذلك الاعتقاد أجاب بعصبية: "الكثيرون منهم لديهم تعليم عال، وهم طيبون. وقلائل منهم ليسوا كذلك". وطالبت مندوبة للجنة الدولية للصليب الأحمر بضبط النفس، بينما كانت قوات الثوار تقصف وسط المدينة بالصواريخ وقذائف الدبابات. وقالت المندوبة، ديبة فخر: "نحن قلقون جدا من تدهور الوضع الإنساني للمدنيين المحاصرين في سرت". وأعرب مسؤول كبير في حلف شمال الاطلسي (ناتو)، وهو الأميرال غيامباولو دي باولو، أمس عن اعتقاده بأن نهاية القتال وشيكة في سرت، وأضاف: "أعتقد أنه سينتهي بسرعة، ولكني لا أمتلك بلورة سحرية. أعتقد أن نهاية القتال قريبة جدا".