بينما تتواصل حملات القتل والسجن والتعذيب وهتك الأعراض من قبل جيش الأسد وشبيحته للشعب، يقف العالم العربي والإسلامي عاجزا عن الحراك وكأنه يقول أن دم السوري رخيص وليس له قيمة. ومن المدهش حقا أن نرى الحراك العربي يقف مكانه في انتظار ما تخطط له وتنوي فعله الولاياتالمتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين . ولم يكن من المستغرب عدم امتثال الحكومة الأسدية لجامعة الدول العربية فالقرارات لم تحمل بطياتها سوى مضامين هي أشبه ب "لو سمحت وعن إذنك" لا أكثر بدل فرض مقاطعة على سوريا أو تجميد عضويتها لذلك لم يجد النظام شيئا ليخسره برفضه لقرارات جامعة الدول العربية. أما العالم الاسلامي وندواته العالمية وجمعياته ومنظماته فقد فقدت مصداقيتها ورسالتها تجاه الإنسانية والعدالة السماوية فغرقت بصمتها المطبق إلا من رحم ربي. ولا يعد إستخدام روسيا والصين لحق الفيتو في مجلس الأمن لمنع إدانة النظام السوري ووقف صادرات السلاح إلى النظام مستغربا, فقد رفضت ما قبله ولوحت مرارا باستخدامه وقامت مناورات عدة هدفها وقف صدور أي قرار ليس في صالح النظام السوري. كما ترتبط كل من الصين و روسيا بعلاقات مميزة وهامة مع إيران ومما لا شك فيه أن كلا الدولتان لا تريدان فقدانه. لاسيما بالتاثير الكبير الجيوغرافي لحلفائهم في العالم من حيث مساندتهم ووقوفهم معهم بالإضافة إلى فقدان موانئ استراتيجية للأسطول البحري الروسي في سوريا و غيرها من المصالح الاستراتيجية سواء للصين أو لروسيا. وعند النظرفي قضية الثورة السورية فقد أثبت التاريخ المعاصر أن الأنظمة المارقة تاريخها قصير مهما طال أمدها ومهما تحلت بمعسول الكلام والخطابة. وها هي اليوم سوريا الأسد على النقيض من خطابها السياسي والإعلامي تتهجم على كل من يتعرض لها بالإنتقاد في الداخل أو الخارج. وقد رأيناها تهدد وتعتقل كل من يدعو إلى الإصلاح الحقيقي وتتعرض لأقاربهم في الداخل السوري, حتى أن الإنتقام وصل لمن ينقل الاحداث أو يعلق عليها وحتى ممن يرتادون صفحات التواصل الاجتماعي. بالإضافة إلى الاعتداء على علماء الدين وقتل رؤساء أحزاب سياسية, و ترهيب الشعب بهدم المنازل وشن حملات اعتقالات لعشرات الألاف وخطف وإغتصاب للنساء واللهو بتعاليم الدين الاسلامي وتشريعاته والتهديد بأعمال انتحارية. كما عمل النظام على تهديد بعض الدعاة في السعودية كما قام بأعمال قتل في لبنان واختطاف في تركيا، ولم يكتفي النظام بالأفراد بل عمل على تهديد دول بخلق اضطرابات فيها لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. إن هذه الهمجية والوحشية وبلطجة الدولة على كل الأصعدة الغيرمسبوقة في عالمنا العربي من الحكومة الأسدية في ظل عدم الحراك العربي الفاعل يدعونا إلى التساؤل عن سوريا الجديدة بعد سقوط الأسد الحتمي، وإذا ما كان سيعتبر شعبها وساستها الجدد بعد سقوط النظام فيها أنهم جزء من العالم العربي والإسلامي أم ستلحق بالغرب الذي اتخذ موقفا صلبا ضد النظام وشرعيته ومع حقوق الشعب والمواطن السوري. لا سيما أن الأمورفي الداخل كما يبدو تتجه إلى المقاومة المسلحة بعد خيبة أمل الشعب السوري في التدخل الفاعل والموأزرة من اشقائه. ولم يتبقى للشعب السوري بعد الله الا الغرب ونفسه لردع الاسد وهذا سيشكل نواة إلى قادم مجهول، ذاك القادم الذي تحدث نظام الاسد عنه بالفوضى ليتحقق ما خشى منه عالمنا العربي بالصمت وعدم الحراك.