مفيش استعجال براحتهم، أول تعليق من ساويرس على تشكيل الحكومة الجديدة    11 صورة ترصد افتتاح السيسي المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي ولقاء رئيسة المفوضية    بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي.. «العمل»: متابعة برامج تدريبية في مجال الطاقة الشمسية لشباب الأقصر    جيش الاحتلال: تفكيك حماس في رفح الفلسطينية يستغرق عامين    باريس سان جيرمان يرصد مبلغا خياليا لضم لامين يامال    إعدام 485 كيلو أغذية فاسدة في دمياط    الإفراج عن حسن راتب في قضية الآثار الكبرى    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    لمواجهة التحديات الإقليمية.. الرئيس السيسي يستقبل رئيسة المفوضية الأوروبية    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    تعديات على الأراضي ومحال وكافيهات.. الجيزة تشن حملات لرفع المخلفات بالوراق وامبابة    بث مباشر مباراة إنبي وبلدية المحلة في الدوري المصري (لحظة بلحظة) | التشكيل    الزمالك يمنح 200 ألف دولار للمثلوثى والجزيرى من مستحقاتهما المالية    صور.. انهيار أرضي يتسبب في انقلاب سيارة نقل بزفتي    بيل جيتس: الذكاء الاصطناعى يمكنه إنقاذ البشر من تغير المناخ والأمراض    محافظ كفرالشيخ يهنئ الأهالي بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    14 سبتمبر.. نظر جنحة مشرف الأمن في واقعة إمام عاشور ضد "الصقر" أحمد حسن بتهمة التشهير    قسم الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة يحتفل برموز إذاعة صوت العرب بمناسبة 71 عاما على انطلاقها    سلمى أبوضيف: قصة حبي حصلت صدفة والضرب في "أعلى نسبة مشاهدة" حقيقي    الصحة تعلن فحص 2.7 مليون سيدة ضمن مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين»    علامات مبكرة للذبحة الصدرية.. لا تتجاهلها واذهب للطبيب فورا    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    جامعة أسيوط الأهلية تعلن خطتها للفعاليات والأنشطة الصيفية    توريد 610144 طنًا من الأقماح لمراكز التجميع بالشرقية    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني    «رأسه أكبر من المعتاد».. أم تلقي بابنها من الطابق الثاني    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجي بولاق أبو العلا ل28 يوليو    الاتحاد الأوروبي يعلن توسيع العقوبات المفروضة على روسيا    نقيب التمريض تؤكد: مجلس النقابة سيظل داعمًا للوطن وقيادته    غدا.. قطاع الإنتاج الثقافي يحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو على ساحة الهناجر بالاوبرا    "ولاد رزق 3".. حالة حب من الجمهور أم ناجح فنياً ؟    أكرم القصاص: علاقات مصر والاتحاد الأوروبى تعتمد على الثقة وشهدت تطورا ملحوظا    الفريق أسامة ربيع: نسعى لتوطين الصناعات البحرية والصناعات الثقيلة وإعادة الريادة للترسانات الوطنية    وزير الري يُعلن موقف المشروعات الجاري تنفيذها بأجهزة الوزارة عن العام المالي 2023 - 2024    عادل حسين مدرباً لفريق سيدات الزمالك لكرة القدم    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بذكرى 30 يونيو    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    جليلي وبيزشكيان يتنافسان في جولة الإعادة الرئاسية في إيران    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    امتحانات الثانوية العامة 2024.. طلاب علمي يشكون صعوبة الفيزياء وارتياح بالشعبة الأدبية بعد التاريخ بالمنيا    انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الموريتانية    استطلاع: 66% من الإسرائيليين يؤيدون اعتزال نتنياهو للحياة السياسية    السياحة تكشف حقيقة التحذيرات البريطانية والأمريكية لرعاياهما بشأن السفر إلى مصر    ‬صحة جنوب سيناء تطلق 4 قوافل طبية مجانية بقرى ووديان رأس سدر    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الزمالك وسيراميكا في الدوري الممتاز    رمضان صبحي يخضع لجلسة استماع ثانية من أجل حسم مصيره في أزمة المنشطات    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    اليوم.. الحكم علي كروان مشاكل وإنجي حمادة بتهمة نشر الفسق والفجور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حظك اليوم| برج العذراء السبت 29 يونيو.. بشائر النجاح والتغيير بنهاية الشهر    لقطات من حفل محمد حماقي في «ليالي مصر».. شكر «المتحدة» وأعلن موعد ألبومه الجديد    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.تامر حمودة يكتب: سيمفونية حب وطن
نشر في الدستور الأصلي يوم 22 - 09 - 2011


خطرت لي فكرة هذا المقال عندما رأيت صورة قديمة لحاكم مصر المخلوع, بالصدفة علي الإنترنت. كانت صورته هو وزوجته عندما حضرا مباراة كرة القدم في نهائي كأس إفريقيا في العام .2006 وكانت أسماك البحر الاحمر لم تنته بعد من أدسم ولائمها من لحم ضحايا عباره السلام 98. في مشهد عميق يدل علي حكمته عندما حولنا في عهده من شعب يأكل السمك إلي شعب يأكله السمك!!. وبينما كان مولانا ينقش أسمه علي جدران قاع مزبلة التاريخ, كان هناك في بلدان أخري, وبالتحديد في شيلي, حكاما, يحفرون أسماءهم علي قمة صخرة المجد بحروف من ذهب متلألأ بنور. يعلون من شأن بلدانهم ويرفعونها. ينهضون بها ويقفزون معها بطموحهم الوثاب عاليا. في حين تظل مصر العقول والموارد والحضارة والبشر قابعة في أسفل السافلين تحت حكم عصابة المجرمين وحكمة زعيمهم الأثيم!. فماذا إذن حدث في البلدة البعيدة الواقعة في أقصي غرب أمريكا اللاتينية علي شاطيء المحيط الهاديء, شيلي؟. في عصر يوم من أيام شهر أغسطس في العام 2010 , وبالتحديد في الساعة الثانية من بعد ظهر الخامس من الشهر وفي العام المذكورين, إنهار منجم "سان خوزيه" للذهب والنحاس الواقع في صحراء "أتاكاما" في شمال شيلي. انهارت الصخور المقدر وزنها بسبعمائه ألف طنا! 1, لتغلق المخارج والمداخل ولتحبس في طيات الأرض ثلاثة وثلاثين عاملا من عمال المناجم علي عمق سبعمائة مترا تحت سطح الارض وعلي بعد خمسة كيلومترات من مدخل المنجم الحلزوني!. قطع رئيس البلاد "سباستيان بينيرا" رحلته الرسمية خارج البلاد ليذهب الي موقع الكارثة في الصحراء. وكان أول الظن ومع مرور الوقت أنه من المستحيل وجود أحياء علي قيد الحياة. ولكن محاولات الإنقاذ بدأت ولم تتوقف. وبإستخدام الحفارات الضخمه كمجسات , وبعد صعوبات كثيرة نظرا لقسوة الصخور وعدم وجود خرائط حديثة للمنجم وحدوث إنهيار ثان لاحقا, تم حفر سبعة آبار, كل بئر بقطر ستة عشر سنتيمترا, علي أمل ان يصلوا الي موقع العمال المحتجزين ولكن بلا جدوي. ويهل بصيص من نور في الثاني والعشرين من أغسطس بعد سبعة عشر يوما من الكارثة, عندما تم حفر البئر الثامن. فقد سمع عمال الإنقاذ ماظنوا انه طرق علي الحفار وقتها, فلم يصدقوا أذانهم نظرا لطول المدة من بعد إنهيار المنجم وإنعدام الأمل في وجود أحياء!. ولكنهم سحبوا الحفار ليعود وعلي طرفه وريقة ملتصقة به, مكتوب باللون الأحمر عليها; نحن بخير في المخبأ.. امضاء الثلاثة والثلاثين!. بعدها بساعات قليلة, تم إرسال كاميرا فيديو وتم بث أول صور لعمال المنجم الأحياء. وقد عرفنا فيما بعد أن المخبأ كان علي مساحة حوالي الخمسين مترا مربعا. وكانت كميات الطعام والماء لاتكفي أكثر من ثلاثه أيام علي الأكثر ولكن بالتقسيم العادل دامت لأكثر من أسبوعين وقد أنتهت تماما قبل العثور عليهم بقليل. وقد فقد في أسبوعين كل منهم حوالي الثمانية كيلوجرامات من الوزن. وقد أتفقوا أنه لامناص لهم إلا أن يظلوا يدا واحدة حتي النهاية, وأقسموا جميعا أن يظل ماحدث لبعضهم من إنهيارات وأزمات نفسية سرا فيما بينهم لا يفشي2 . وقد بدأت سيمفونية العمل علي إنقاذ العمال مباشرة. فكان الأمر من رئيس شيلي بتكليف أكبر الشركات والبذل في الأموال والإستعانة بالخبرات حتي يخرج هؤلاء العمال سالمين. وقد تم إمداد العمال بالماء والطعام الساخن والأدوية اللازمة ووسائل الترفيه والأناجيل والصلبان والملابس عن طريق أنبوب قطره 17 سنتيمترا والتواصل معهم عن طريق الرسائل والفيديو.. إلخ. وقد جاء الآلاف من أهالي العمال وأهل شيلي إلي الموقع والذي تم بالتدريج تحويله الي شبه مدينة صغيرة بالمستشفى الميداني والمطاعم والخيم والحراسات والنصب التذكارية والتماثيل والأعلام..إلخ.2 وقد تم وضع ثلاث خطط لحفر نفق. اكتملت منهم الخطة ب وتم حفر نفق طوله 700 مترا يصل الي العمال. وفي نفس الوقت تم صنع كبسولة من الفولاذ أطلق عليها إسم "فينكس 2", بطول حوالي الأربعة أمتار وقطر ستون سنتيمترا فقط, بداخلها كاميرا فيديو للمراقبة ووسيلة إتصال ومصدر للأكسيجين وأجهزه رصد للضغط والنبض..إلخ...1 وفي الثاني عشر من أكتوبر, أي بعد تسعة وستين يوما من إنهيار المنجم, نزلت الكبسولة فينكس 2 وفيها عامل الإنقاذ "مانويل جونزليز" في تمام الساعة 23:18 مساء بتوقيت شيلي .مودعا بالآلاف من الشيليين وهم يحيونه وينشدون له النشيد الوطني الشيلي. وقد أستغرقت الرحلة الأولي 18 دقيقة, ليلتقي في المنجم بالعمال المحتجزين في تمام الساعه 23:36 , لتبدأ رحله الإنقاذ. وعندما خرج أول عامل من الكبسولة أنطلقت جموع الشعب هاتفة; شي, شي, شي, لي, لي, لي!! وصدحت أبواق السيارات في كل شوارع شيلي وفي سانتياجو العاصمة. وقد أصدر عمدة إحدي البلدان القريبة الأمر بإغلاق المدارس حتي يتسني للكبار والصغار مشاهدة عملية الإنقاذ بكاملها من دفء منازلهم.2 وقد حضر رئيس شيلي "سباستيان بينيرا" عملية الإنقاذ كاملة والتي امتدت علي مدي الليل واليوم التالي حوالي 23 ساعة حتي انتهت في العاشرة من مساء الثالث عشر من اكتوبر. وقد صافح رئيس البلاد بنفسه كل العمال المحتجزين واحدا واحدا عند خروجهم من الكبسولة!. وقد شاهد عملية الإنقاذ هذه مايقدر بأكثر من بليون مشاهد في جميع أنحاء العالم. ونصل إلي ذروة السيمفونية عندما ينشد رئيس البلاد ومعه الثلاثة والثلاثين عاملا النشيد الوطني الشيلي ومعه أهل شيلي كلهم, ثم يخطب في أهل وطنه قائلا; " أنكم لن تكونوا أنفسكم بعد الآن وشيلي أيضا لن تكون نفسها بعد الآن!". وأضيف أنا من عندي قائلا; وأنت أيضا ياسيدي الرئيس لن تكون نفسك بعد الآن! .بعد أن حفرت إسمك بالذهب والنور في صفحات التاريخ الإنساني. وأرتفعت, فجلست علي قمة جبل المجد عندما شعرت بالآم البشر من شعبك وعندما سخرت كل القوي المتاحة لإنقاذ حياة ثلاثة وثلاثين عاملا بسيطا من عمال المناجم. وأبيت أن تجلس علي مقعدك الوثير في قصرك لتشاهد أحدث الافلام أو لتذهب للإستاد لمشاهدة مباراة في كرة القدم!. وتكفي صورتك وأنت تمسح دموع نجل أحد العمال, تضمه إليك, تهديء من روعه وهو يلتف بعلم الوطن ملتاعا, يحلم برؤية والده. ينتظر علي أحر من الجمر لحظة خروجه من القبر!. وآثرت ان توصل الليل بالنهار حتي تصافحهم واحدا بعد الآخر ويكون لك حق قيادتهم وأن تنشد, فيلبوا, وينشدوا ورائك نشيدهم القومي!.. ونأتي إلي ختام السيمفونية الرائعة عندما تغلق بنفسك فوهة البئر بغطاء من فولاذ معلنا إنتهاء العملية "سان لورنزو" بنجاح. وعندها يتوجه أحد العمال الناجين ليسأل عامل الإنقاذ "جونزليز" والذي كان آخر من خرج من المنجم. يسأله أعجب سؤال, سؤال لايخطر علي بال أحدكم. يطمئن به علي منجمه الذي سجن فيه سبعين يوما. ليطمئن قلبه علي قطعة من أرض وطنه, علي مصدر رزقه الذي طعم منه طوال عمره. لايبالي بأهله المنتظرين الملتاعين ولا يأبه لكاميرات الشهرة, يتركهم ويتوجه له فيسأله بتلقائية; هل أطفأت أنوار المنجم قبل أن تصعد؟!1.... وتنتهي سيمفونية رائعة في حب وطن..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.