مر عقد "عشر سنوات" من الزمن على هجمات 11 سبتمبر 2001، التي اعتبرت نقطة تحول في تاريخ العلاقة بين الولاياتالمتحدة والعديد من الدول العربية والإسلامية، نتيجة التغيرات التي طرأت على السياسة الأمريكية الخارجية بحيث لا تزال تداعياتها مستمرة وتؤثر على مصالح شعوب العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط التي كانت وما زالت وستظل أرضًا للصراعات الدينية والعقائدية. وقد نفذ تسعة عشر رجلاً عملية اختطاف لأربعة طائرات ركاب في الولاياتالمتحدة وحطموا ثلاثاً منها فوق مبان في نيويورك وواشنطن أما الطائرة الرابعة فلم تبلغ هدفها وتحطمت بمنطقة خالية. وتعد هذه من أسوأ الهجمات التي تتعرض لها الولاياتالمتحدة في تاريخها. ويعرض هذا التسلسل الزمني أحداث يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 لحظة بلحظة. وتعدت آثار وتبعات هجمات الحادي عشر من سبتمبر حدود الولاياتالمتحدة لتعصف بكثير من الدول حول العالم. وقد أدت الصراعات المترتبة على الهجمات لمقتل نحو ربع مليون شخص خلال السنوات العشر الماضية. ورغم نجاحها في اغتيال عدوها اللدود "أسامة بن لادن" في 2 مايو 2011 ما زالت أمريكا تعيش في أجواء من الرعب والفزع خوفًا من انتقام التنظيم لمقتل زعيمه وملهمه "أسامة بن لادن". ففي 22 يوليو الماضي وجهت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية تحذيرًا إلى آلاف المسئولين عن المنشآت الصناعية في البلاد من خطر شن اعتداءات من قبل القاعدة. وقد أشارت الوزارة إلى أن مثل هذه الاعتداءات قد تشن بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتداءات 11سبتمبر 2001 وقد تنفذها "عناصر متسللة" إلى المجمعات الكيميائية ومصافي النفط. قال مسؤولون إن وثائق تم الاستيلاء عليها خلال مداهمة وكر اسامة بن لادن في باكستان في مايو المنصرم اشارت الى ان زعيم تنظيم القاعدة كان يخطط لتنفيذ هجمات بالتزامن مع ذكرى سبتمبر.وقالوا إنه يبدو ان التهديد يخص مدينتي نيويورك وواشنطن، ولكن لا يمكن استثناء مدن اخرى ايضا. وقال مصدر امني امريكي في وقت لاحق إن الاجهزة الامنية الامريكية تقوم بملاحقة شخصين او ثلاثة اشخاص لهم علاقة بالمعلومات الجديدة التي تتحدث عن هجوم وشيك. واعلنت شبكة ABC التلفزيونية ان ثلاثة اشخاص - احدهم مواطن امريكي - دخلوا البلاد في الشهر الماضي بهدف تنفيذ هجمات. البعض يرى أن أمريكا تتصنع الفزع والخوف الدائم من تهديدات القاعدة لتبرير مواصلة حملتها الشرسة على العالم، وأن القاعدة لا تمثل تهديدًا يذكر على أمريكا وغيرها، خاصة بعد فقدان التنظيم لكثير من شعبيته وجاذبيته بعد نجاح الثورات العربية في المنطقة ،وبالتالي فأمريكا ما زالت تواصل دجلها السياسي والإعلامي لتبرير كثير من خطواتها الإستراتيجية والعسكرية في المنطقة. وتصريحات الساسة الأمريكان تأتي متناقضة أحيانًا في هذا السياق، فقد قالت وزيرة الأمن الداخلي "جانيت نابوليتانو": إن أمريكا ستظل في حالة تأهب قصوى ضد أية تهديدات محتملة مع حلول الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر. وأضافت بتناقض واضح قائلةً: "إنه رغم عدم وجود معلومات إستخباراتية محددة أو موثقة بأن القاعدة أو الجماعات المرتبطة بها تخطط لشن هجمات على الولاياتالمتحدة بمناسبة الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر، إلا أننا سنظل في أقصى حالات التأهب، وتطبيق إجراءات أمنية لاكتشاف المؤامرات التي تدبر ضد الولاياتالمتحدة، ومنعها ". ولا ريب أن تناقض التصريحات الرسمية الأمريكية مرده استمرار حالة عدم اليقين والشكوك حول اعتداءات 11 سبتمبر 2001 والتي تدور في خلد الكثير من الأمريكيين الذين يعتقدون بأنها كانت مؤامرة دبرتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش بهدف تبرير اجتياح العراق وأفغانستان وأن لا علاقة لأسامة بن لادن بها. فقد أظهرت استطلاعات للرأي أجراه أن 36 % من الأمريكيين يصدقون بوجود مؤامرة نظمت في أعلى هرم الدولة الفيدرالية لتنفيذ هجمات سبتمبر ولم تقتصر هذه النظريات على الولاياتالمتحدة بل شارك فيها مسئولون من العالم الإسلامي وأماكن أخرى. وأظهر استطلاع أن 14% من البريطانيين يعتقدون أن الإدارة الأمريكية تورطت في الهجمات التي أودت بحياة ما يقرب من 3000 شخص في الحادي عشر من سبتمبر.علاوة على ما سبق، اتفق الكثير من المحللين وخبراء الاستراتيجية الأمريكان أن رد الفعل الأمريكي على هجمات 11 سبتمبر 2001 جاء مبالغاً فيه. ويبقى على صانعي ومتخذي القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد مرور عقد من الزمن على أحداث 11 سبتمبر، أن يضعوا استراتيجية جديدة تتوافق مع ثورات الربيع العربي و ظهور قوى سياسية جديدة قادرة على إعادة صياغة سياستها الخارجية بعيداً عن أي ضغوط خارجية، وإنما وفق مقتضيات المصلحة العليا لدولها.