الأمر فى الصومال لم يعد محتملا ، الأمور تسير من سئ إلى اسوأ، الوفيات تتزايد، والمأساة ربما تتعدى الكارثة الانسانية، الموضوع لم يعد تعاطف ودمعتين ، يتم بعدها جمع جنيهين ، فالأمور تزداد تعقيدا ، وبطء وصول المساعدات وتأخرها ، هو السبب فى ذلك ، بالإضافة إلى كوارث أخرى ظهرت فجأة، لم تكن فى الحسبان ، مياه الشرب غير موجودة، والأمراض تتزايد، وتنتشر الاوبئة، والأطفال هم الضحية الأولى في هذا المسلسل الدامى. الموضوع لم يعد اغاثة شعب الصومال المسكين ، وانما هو سرعة اغاثة الشعب الصومالى ، هناك تبرعات فى كل الدول العربية والاسلامية ، تزامنت مع شهر رمضان ، وبخاصة فى مصر ، ولكن اذا تكدست المساعدات ، وتم تأخيرها بسبب اجراءات ، او مشاكل فى التحويلات ، فهذه كارثة ، لانه ربما فى كل دقيقة تأخير يموت انسان برئ او أكثر ، ووقتها سنتحمل جميعا الوزر ، وزر تأخر النصرة ، ولا يقول أحد الحرب مشكلة ، فعلى من يتصدى للعمل الاغاثى ، ان يمتلك الموهبة والقدرة فى توصيل الاغاثة الى المنكوبين ، ولو تكلف ذلك امور كثيرة ، وهذا ماحدث فى حرب البوسنة ، وكيف كان يتم توصيل المساعدات بكافة اشكالها ، عن طريق المعتدين الصرب وفى بعض الاحيان الكروات ، فللاغاثة طرق كثيرة فى توصيل المواد الاغاثية الى مستحقيها. اما عن مستجدات الاحداث فى الصومال ، فتكمن المشكلة الكبرى فى النازحين الصوماليين ، من أماكن المجاعة والقحط وهؤلاء بلغوا حوالى ثلاثة ملايين نازح ، حسب آخر التقديرات ، الازمة لاتقف عند هذا الحد ، ولكن تخيل معى مخيم واحد يوجد به 100000 نازح ، وهو لايمكن ان يستقبل بأى حال من الاحوال على أكثر على اكثر من عشر هذا الرقم وربما أقل ، تخيل معى حجم المأساة ، لذلك فمن اولويات الحلول تدخل جامعة الدول العربية ومصر من اجل إيجاد تسوية سياسية للفرقاء هناك، ونزع فتيل التوتر الذي يزيد من تعميق معاناة النازحين بسبب الجفاف وانتشار المجاعة . حماد عبدالقادر الشيخ المدير العام لمنظمة الدعوة الإسلامية القطرية جاء لتوه من الصومال ، وحمل معه الهموم ، وايضا رصد الحلول الآنية والمستقبلية لحل الازمة الصومالية من خلال مايلى : اولا : الصومال يحتاج إلى خطة عاجلة لإنهاء المعاناة ، أولها رصد حركة النزوح ومناطق السكان ، وتثبيتهم في مناطقهم ، وتقديم الخدمات الضرورية لهم ومحاصرة الأمراض المعدية وفرض الحجر الصحي ، وهذا من خلال التنسيق بين المنظمات الإنسانية والإغاثية ، وكذلك لا بد من خطة عاجلة للشهور الخمسة المقبلة، وأخرى لست سنوات قادمة، والأهم اليوم هو إعداد دراسات عن تحديد أقرب المناطق الموجودة فيها المياه الجوفية ، لأنه بالمياه تتوفر الحياة وتعمر المناطق ، ويعود السكان إلى قراهم ويمارسون أعمالهم الزراعية التي تضمن لهم العيش الكريم وتمنع عنهم المجاعة التي تهدد القرن الإفريقي كله . ولا مجال لتدارك الخطر إلا بتضافر الجهود المختلفة وعلى رأسها جهود الدول الكبرى والدول العربية والمنظمات الإنسانية والإغاثية من أجل تخفيف المعاناة التي وصلت إلى حد لا يمكن السيطرة عليه بسهولة ، والضحايا سيكونون بالملايين في حال عدم التفات العالم إلى المآسي التي يعاني منها الصومال، والتحرك بخطا سريعة من أجل تقديم المساعدات المطلوبة التي لا تتعدى ضمان الغذاء والدواء وجهود بسيطة في التنمية . الى جانب ضرورة عقد مؤتمر عالمي للمانحين تحضره الدول العربية ، والشئ الضرورى والعاجل الذى يحتاجه الصومال اليوم هو المياه والغذاء والدواء والخيام من أجل بناء المعسكرات التي تؤوي النازحين ، تخيل معى فالعديد من النازحين يموتون في الطريق نحو معسكرات الإغاثة التي تبعد أميالا عن تجمعات السكان ، وأن العديد من كبار السن يموتون في الطريق إلى هذه المعسكرات، ومنهم من يدفن في الطريق، ومنهم من يبقى مرميا بينما يستمر النازحون في مسيرهم . لذلك فالعمل في الصومال يحتاج إلى المزيد من المتطوعين والأطباء الذين يسهمون في تخفيف المعاناة عن شعب قتله الجوع والمرض ، ربما تكون الأولوية هي لتوفير المياه ، وإعداد مناطق متكاملة الخدمات بين المنظمات الإغاثية ، وتحريك المستشفيات والعيادات وتأمين المناطق وتوصيل الغذاء إلى كل المناطق ، وفى النهاية فلابد من التصدي للازمة بكل شجاعة، والسبيل إلى هذا هو التكافل بشكل قوي لإغاثة الشعب الصومالي ، قبل فوات الآوان ، قبل ان يحتضر الصومال ، ونشعر بذنب كل طفل او شيخ أو امرأة ماتت من الجوع او العطش .