مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    رابطة مصنعي السيارات تكشف السر وراء أزمة توقف الاستيراد وتحرك الأسعار (فيديو)    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 30 يونيو 2024 بعد آخر انخفاض    "الخلايجة بيخرجوا بليل".. مصطفى بكري معلقاً على قرار غلق المحال العاشرة مساء    نقيب الفلاحين يبشر المزارعين: إنفراجة قريبًا في أزمة الأسمدة    الطيران الحربي الإسرائيلي يخرق جدار الصوت في مناطق جنوب لبنان وبيروت والبقاع شرقا    يورو 2024.. تعرف على رجل مباراة ألمانيا والدنمارك بدور ال16    ياسر حمد يعلن رحيله عن الزمالك    تشكيل الأرجنتين المتوقع ضد بيرو في كوبا أمريكا 2024.. هل يشارك ميسي ؟    نجم الزمالك السابق: هدف الاتحاد السكندري صحيح 100%    يورو 2024 - مدرب جورجيا: مؤخرا كرة القدم كانت مثل كرة تنس طاولة بين رونالدو وميسي    حسام حسن يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو    «اعتاد الانسحاب من القمة».. نجم الأهلي السابق يسخر من قرار الزمالك    "اعرف نتيجتك".. الآن نتائج الثالث متوسط 2024 عبر موقع نتائجنا بالاسم فقط    الأمعاء والرئة ب5.5 مليون جنيه.. اعترافات المتهم بقضية طفل شبرا الخيمة (مستندات)    مراجعة أهم 100 سؤال في اللغة الإنجليزية للصف الثالث الثانوي (لغة أجنبية أولي PDF)    أحمد موسى يهاجم واضعي امتحان الفيزياء: بتخترعوا أسئلة.. مينفعش تفردوا عضلاتكم على حساب الطلبة    وزير خارجية اليمن: جماعة الحوثي تستغل حرب غزة لمنح نفسها دعاية نصرة القضية الفلسطينية    خبير استراتيجي: جرائم الكيان الصهيوني تتطلب موقفا عربيا ودوليا موحدا    من هم المرشحون السبعة لانتخابات الرئاسة في موريتانيا؟    أحمد موسى يكشف موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة -(فيديو)    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    عاوز يبيع له بسعر أعلى.. صاحب مخبز بسوهاج يتعدى على طالب ويصيبه بحروق (فيديو)    بعد اشتعال الموبايل في بنطلونها.. 4 أسباب تؤدي إلى انفجار الهواتف الذكية (احذرها بشدة)    خبير اقتصادي: الحزمة الأوربية لدعم مصر تقدر ب57 مليار دولار    المصيلحي: توريد 3 ملايين طن و551 ألف طن في الموسم الجديد، سداد 45 مليار جنيه للموردين، والتعاقد على 470 ألف طن قمح مستورد    أبرز حالات إخلاء سبيل متهم وظهور أدلة تلغي القرار    أمير هشام يكشف تفاصيل صفقة يوسف أيمن مع الأهلي    الزنداني: القضية الفلسطينية أولوية بالنسبة لمصر واليمن    منتخب ألمانيا يتأهل لربع نهائي يورو 2024 بالفوز على الدنمارك.. فيديو    خبير عسكري: لا يوجد علاقة بين الصراع في غزة وما يحدث في جنوب لبنان    منظمة التحرير الفلسطينية: ما يحدث من صراعات مقدمات لحرب عالمية ثالثة    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 30 - 6 - 2024    "مفيش في جيبه غير 5 جنيه".. العثور على جثة شاب مجهول الهوية بالمنوفية    بأغنية «نويت أعانده».. لطيفة تتصدر «تريند X» في عدة دول عربية | شاهد    حدث بالفن| موقف محرج لمحمد رمضان وميسرة تكشف كواليس مشهد جرئ مع عادل إمام    د.حماد عبدالله يكتب: "البلطجة والسفالة" وسكان القصور!!    شائع الزنداني: القضية الفلسطينية أولوية بالنسبة لمصر واليمن    المحروسة يحتل المركز الخامس والعشرين في قائمة الأكثر رواجا على مستوى العالم    حظك اليوم برج الميزان.. أحداث سعيدة في طريقها إليك    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    هيئة الدواء تصدر ضوابط لصرف المضادات الحيوية بالصيدليات    أبوالغيط: أمريكا استخدمت الكذبة الكبرى المسماة بحقوق الإنسان    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التموين: سداد فارق تصنيع الخبز المدعم للمخابز البلدية    شائع الزنداني: العلاقات بين مصر واليمن متجذرة ومتميزة    تحرير 13 محضرا تموينيا ضد مخابز بالفيوم لصرفهم وتهريبهم دقيق مدعم    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد أبودوح يكتب: الليبرالية الإسلامية
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 08 - 2011

لا شك أن الإنغلاق المجتمعى والكبت الدينى الذين فرضتهما الكنيسة على المجتمعات الأوروبية فى العصور الوسطى قد أديا إلى الإنفجار السياسى والمجتمعى الكبير الذى عاصرته معظم الدول الأوروبية فى ذلك الوقت.. ساعده فى الإنتشار ظهور الفكر الماركسى وما نتج عنه من محاولات تنحية الكنيسة، وتقليص دورها السياسى والحد من تأثيرها بشكل أو بأخر على أنظمة الحكم المتعاقبة .
شكلت تلك الظروف التى مرت بها هذه المجتمعات التربة الخصبة التى ساعدت على ظهور التيار الليبرالى إلى الوجود، ومن ثم وجد فيه الأوروبيون فرصة ذهبية للإبتعاد عن كل ماهو كنسى نتيجة ما يحملونه من نظرة سلبية مسبقة لهذا الكيان والقائمين عليه، وأيضا كوسيلة للتخلص من العيوب الجوهرية التى ظهرت عند تبنى هذه البلدان للفكر الماركسى ونظريته الإقتصادية التى عرفت فيما بعد بالإشتراكية .
من هذا المنطلق نجد أن ما مرت به الشعوب الغربية من مراحل التطور الإنسانى ترتكز على نفس المحاور الرئيسية التى تلعب دورا مهما فى توجيه مراحل التطور التى يمر بها المجتمع المصرى الأن، مع إختلاف الفلسفة الحاكمة التى يحاول كلا من المجتمعين التخلص منها، ومع تباين الدور الذى يلعبه التيار الدينى فى كلا من الحالتين.. فنجد أن التيار الدينى الأوروبى – الكنيسة – قد تحول – بفضل الثورة – من القوة الحاكمة المسيطرة الملهمة إلى حالة من الصمت والسكون المصحوبة بالتهميش، على عكس التيار الدينى بشقه الإسلامى فى مصر الذى إنتقل – أيضا بفضل الثورة – من العزلة المجتمعية والإنزواء السياسى، إلى الإنخراط فى الصراع الأيدولوجى، وأيضا تبنى أيدولوجية الصراع .
نتج عن ذلك بالطبع حالة الإستقطاب الواسعة التى يعيشها المجتمع المصرى الأن، كنتيجة طبيعية لحالة التنافسية المبنية على المغالبة، والتى نراها تسيطر على جميع التيارات الفكرية والتوجهات الأيدولوجية المحركة للقوى المختلفة على الساحة السياسية . ظهر ذلك بوضوح بين التيارين الليبرالى والإسلامى .
والحقيقة أن كلا التيارين يتفق مع الأخر فى أمور جوهرية قد لا تكون واضحة لإنعدام الرؤية التى تتميز به هذه المرحلة، ولكن تبقى المسافة التى تفصل بين المرجعية الملهمة لكلا منهما كبيرة إلى حد بعيد.. فإذا كان التيار الإسلامى يتخذ من المرجعية الدينية الإطار الوحيد له، فإن الفكر الليبرالى يرى فى الغرب المرجعية الحضارية الوحيدة له .
ولعل المنهج التحليلى الغربى، والوضعية المنطقية بوجه خاص هى أبرز ما يميز المدرسة الليبرالية الحديثة، التى لا تنفى عن نفسها الميول الطبيعية للقومية التى تعد من أهم مكونات المجتمع المصرى، ولكنها فى الوقت ذاته تحاول إيجاد طريقة تلتقى بها أوصولنا الموروثة مع ثقافة العصر الذى نعيش فيه.. وهو ما قد لا يتفق مع العقل الجمعى المحرك للتيارات الدينية بصفة عامة، والذى يتجه بطبيعته نحو الميل إلى الماضى والعودة إلى الجذور ومحاولة الإقتباس والتطبيق، التى لا تخلو من الإجتهاد إن أمكن، بحيث لا يتنافى ذلك مع تطلعهم نحو متطلبات العصر الحديث، وإنما يحيط هذا التطلع نوع من الإنتقائية الإجرائية ومراعاة البعد الروحى .
إلى جانب قضية "الأصالة والمعاصرة" يظهر محور خلافى أخر يخضع لقيود المجتمع الشرقى طبقا لطبيعته التى تجعل منه نقطة إختلاف من الناحية النظرية البحتة، والتى يمكن التوافق حولها على أرض الواقع : وهى نظرة كلا من التوجه الليبرالى والمرجعية الإسلامية "للفرد" الذى يشكل العنصر الأساسى لبناء ثقافة المجتمع . فكما تنظر القوى الليبرالية للفرد على أنه كيان مستقل يمتلك حرية مطلقة فى إطار من التسامح وقبول الأخر.. فإن التيارات الدينية بجميع أطيافها تميل إلى أن الفرد هو جزء من الجماعة، وترى أن الحرية الإيجابية تتخطى فكرة قبول الأخر إلى الحفاظ على المكتسبات الموروثة للمجتمع المحيط به . هذا إختلاف طبيعى نتيجة للتباين الجوهرى بين الإتجاهين، ولكننا – كما أسلفنا – يمكن أن نصل إلى توافق لا يتعارض مع الطرح السابق لكلا التيارين بحيث يكون مبنيا على نظرة موحدة " بأن الفرد غاية فى ذاته، وعضو فى مجتمع فى أن واحد" .
وقد تبلور هذا الخلاف وبدا واضحا فى الصراع المحتدم بين القوتين حول المرجعية التى سوف يستند عليها الدستور الجديد، والحيرة بين تمسك البعض بالمبادىء الفوق دستورية، ورفض البعض الأخر لها .
ولكن فى الواقع فإن مصر تختلف إختلافا جذريا عن تلك المجتمعات التى تخلصت من جميع القيود والعادات التى تتسم بشىء من المحافظة، وإنطلقت نحو الإنفتاح الإقتصادى والإجتماعى والسياسى من دون رقابة.. فلا يصح مثلا أن نرى القوى الليبرالية تلقى بإتهامات التخلف والرجعية على كل ما هو إسلامى، منتهجة فى ذلك نفس الطريقة التى طبقها أتباع التاتشرية البريطانية، والريجانية فى الولايات المتحدة فى حربهم على الإسلام بصفة عامة، كما أنه من غير المنطق أن تتهم الجماعات الإسلامية كل من يخالفها فى الرأى بالتكفير والخروج عن الشرع والعداء لله – عز وجل – وخاصة عندما يحدث ذلك فى بلد غالبية سكانه من المسلمين .
قد يفسح هذا المجال أمام إعتقاد البعض أن نقاط الخلاف بين الفريقين هى الغالبة على علاقتهما ونظرة كلا منهما للأخر، وقد تكون هذه النقاط أكثر من نقاط التلاقى، ولكنها – فى حقيقة الأمر- تبرز خلافا وهميا، ناتجا فى الأساس عن سياسية الإقصاء التى يحاول إستخدامها كلا من الطرفين لتحقيق مكاسب معنوية على حساب الطرف الأخر، فليس كل من يتبع التيار الليبرالى كافرا، ولا كل ما هو إسلامى رجعيا أو متخلفا.. كل ما فى الأمر هو عدم محاولة كلا الطرفين التفكير خارج الصندوق الذى حشرنا أنفسنا بداخله، والتقاعس عن مجرد التفكير فى التوصل إلى درجة من التوافق تسمح بالحوار، وإن أدى ذلك إلى ميلاد تيار جديد يمكن أن نطلق عليه " الليبرالية الإسلامية أو الإسلام الليبرالى " الذى سوف يعبر فى النهاية عن إعتراف صريح من كلا الطرفين بالأخر، ومن ثم التوحد و دفع المجتمع بأثره إلى تحقيق الأهداف التى قامت من أجلها الثورة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.