لم أكن أتصور أن طلب إجراء حوار أو ربما تصريح صحفي عن الدور الذي تلعبه جامعة جنوبالوادي وأهم الدراسات والأبحاث التي تقوم بها أقسام علوم الطبقات الأرضية والجيولوجيا والجغرافيا بكليات العلوم والآداب بها وكيفية الاستفادة منها والتصدي لظاهرة تكرار كارثة السيول في الصعيد، قنا وأسوان والبحر الأحمر علي وجه الخصوص، لم أكن أتصور أن يقابل بالرفض والاعتذار من الدكتور عباس منصور رئيس الجامعة وهو واحد من أبناء الإقليم وأستاذ يشهد له بالكفاءة والجدارة العلمية بين أقرانه من علماء الجيولوجيا، فنحن لم نطلب شيئًا مستحيلا منه، فقط طلبنا أن يجيبنا : هل هناك دراسات وأبحاث علمية أجرتها أقسام الجيولوجيا بكليات العلوم في الجامعة تتعلق بظاهرة السيول؟ وما أهم النتائج التي توصلت إليها، وإذا كانت هناك دراسات ونتائج فماذا استفدنا نحن كمجتمع جنوبي من هذه الدراسات؟ أم أن الأمر كله لايتعدي الروتين الدراسي وتسديد خانة الوظيفة الجامعية والسلام؟. الحق أن رفض د. عباس منصور الحديث وتمسكه بعدم الإدلاء بأي تصريحات أو حوارات في هذه الشأن صدمني ويجعلني أسأل : إذا لم تهتم هذه الجامعة بإجراء دراسات وأبحاث نستفيد منها في مواجهة هذه الكوارث وحماية وتطوير مجتمعاتنا في الجنوب فما جدواها إذن بالنسبة لنا نحن أهل الصعيد، فهل دورها وجدواها أن نشير بأصابعنا عليها ونقول في محافظتنا جامعة ويلتحق بها أبناؤنا وبناتنا للحصول علي شهادة جامعية ثم يقفون بعد ذلك في طوابير البطالة، إذا كان هذا هو حقيقة الدور، فالله الغني والجامعات كثيرة والحمد لله مازلت أذكر هذه الشعارات والعناوين التي طالما صدعونا بها عندما بدأ إنشاء هذه الجامعات، وكيف أنهم قالوا لنا وقتها إن جامعة جنوبالوادي ستكون هي القاطرة التي ستجر الصعيد إلي الإمام، هي الرافعة التي ستنتزعه من واقع الجهل والتخلف، وهي البوابة التي سيدخل منها الباحثون عن الأمل والأمان والطموح وغير ذلك من شعارات وكلمات رنانة لم نحس بأثر أو فعل ملموس لها. . قد يهز البعض رأسه ويقول : إلي هذه الدرجة العلاقة مقطوعة مع واقع المجتمع الصعيدي الذي تعيش فيه ؟ بالطبع لا.. فهناك أساتذة وعلماء وباحثون في هذه الجامعة اجتهدوا وأعدوا دراسات وأبحاثاً في غاية الأهمية بل لا أغالي إذا قلت إنهم قدموا لنا أهم الدراسات والأبحاث العلمية التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة، فلا أستطيع أن أغفل أو أنسي تلك الدراسات المهمة التي أجرتها الدكتورة سلوي المهدي أستاذ مساعد علم الاجتماع عن ميراث المرأة في الصعيد وكيف أن أكثر من 90 بالمائة من نساء الصعيد محرومات من الميراث أو دراستها العلمية التي كشفت عن حقيقة إصرار الصعايدة علي ختان بناتهم رغم كل ماتطلقه مشيرة خطاب من تصريحات يومية تبشرنا فيها بأن قري مصر أصبحت خالية من هذه الظاهرة، كذلك لا يمكن أن أتجاهل الدكتور سيد عوض أستاذ مساعد علم الاجتماع الذي قرأت له مؤخرًا دراسة مهمة في جرائم العنف الأسري في الصعيد وجرائم الثأر وأساتذة آخرين لايتسع المجال الآن لذكرهم. . في جامعة كهذه تعيش وتتوسط مجتمعاً غارقاً في التعصب والقبلية والإهمال والفقر والمرض لا تكفينا دراسة أو اثنتين أو ثلاثاً أو مائة، بل نحن في حاجة إلي مئات من الدراسات والأبحاث التي يجب أن تنقب وتكتشف الجديد والمخبأ عن الصعيد ذلك المجهول، أما الأهم في ذلك كله كيف يتسني لنا الاستفادة بهذه الدراسات وتفعيلها وتنفيذ توصياتها علي أرض الواقع وتأخذ بيده وتنهض به. نحن ننتظر من الدكتور عباس، وهو أستاذ في تخصصه أن يخبرنا إن كانت الجامعة قد أجرت أم لم تجر من أصله دراسات علمية عن ظاهرة السيول في الصعيد، وإذا كانت أجرت فما نتائج هذه الدراسات؟ وهل صحيح أن مدينة قناالجديدة ومشروعاتها الصناعية العديدة قد تم إنشاؤها في مخرات السيول وبالتالي هي منشأة في المكان الخطأ ومهددة بالخطر ولنقل عليه العوض في الملايين التي تم إهدارها ونعيش ونبني غيرها.