يبدو أن ما فعله الصحفي العراقي منتظر الزيدي العام الماضي حينما قذف حذاءه صوب الرئيس الأمريكي جورج بوش أثناء انعقاد مؤتمر صحفي في بغداد في 14 ديسمبر 2008 أصبح مثلاً يحتذي به وتكررت حوادث شبيهة من هذا النوع في عدد من دول العالم، هذه المرة حدث الشيء نفسه لكن في تل أبيب في حق دوريث بينيش رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية. وأثناء مداولات في المحكمة «العليا» الإسرائيلية مؤخراً قام أحد الحضور برشق رئيسة المحكمة حيث أصابها الحذاء وسط ذهول وصدمة الحضور في قاعة المحكمة وحاول المواطن الإسرائيلي الذي ألقي الحذاء الخروج علي الفور من قاعة المحكمة، ولكن الأمن الموجود استطاع القبض عليه. وتعد هذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها إلقاء حذاء علي مسئول إسرائيلي وكانت المرة الأولي حينما تم إلقاؤه علي السفير الإسرائيلي بالسويد أثناء اجتماع لطلبة جامعة استوكهولم العام الماضي وذلك أثناء حديثه عن الحرب الأخيرة علي القطاع والتي راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين ما بين قتيل وجريح كذلك تم إلقاء حذاء علي أحد ضباط الجيش الإسرائيلي في أمستردام من قبل متظاهرين فلسطينيين حيث أصابوه في رأسه. السبب وراء إلقاء الحذاء غير معروف وربما يبقي حبيس الملفات الأمنية في جهاز الشباك أو الشرطة الإسرائيلية لكن مع مزيد من تتبع تاريخ دوريث المهني يمكننا اكتشاف بعض نقاط الضوء قد تكشف شيئاً ما عن سبب الحادثة، فبينيش هي أولاً وقبل كل شيء رئيسة المحكمة العليا بتل أبيب ومعروفة بأنها أكبر أعداء المستوطنين اليهود ودائماً ما تصدر قوانين تلزم ساكني تلك المستوطنات بإخلائها لعدم قانونية وجودهم في تلك الأراضي التي هي في الأساس للمواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض، هذا علي الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لا تلتزم أبداً بأحكامها القضائية ولا تنفذها. بل إن دوريث معروفة أيضاً بصراعاتها مع إسحق رابين وزير الدفاع الإسرائيلي في فترة الانتفاضة الأولي ومشهورة باعتراضاتها علي استخدامه القوة في قمع الفلسطينيين عبر إطلاق النيران عليهم واعتقالهم دون محاكمة وهو الأمر الذي أفسحت له وسائل الإعلام العبرية صفحات مطولة عن تفاصيل تلك الصراعات التي تضمنت بيانات وتصريحات بين الجانبين. لهذا فمن الجائز أن يكون المسئول عن إطلاق الحذاء علي بينيش هو أحد المستوطنين الذين تصدر أحكام ضدهم بإخلاء مساكنهم التي تم اغتصاب أراض فلسطينية لبنائها، أو ربما يكون أحد المعارضين لسياسة دوريث المناهضة لاستخدام العنف مع الفلسطينيين أو ربما يكون أحد المتضرين من قضية ما كانت دوريث تتولي ملفها من قبل. ولدت دوريث في 28 فبراير 1942 بتل أبيب وشغلت منصب المدعي العام الإسرائيلي بين سنوات 1998 و1995، كما عملت في منصب القاضية العليا بمحكمة إسرائيل العليا منذ عام 1995 ثم رئيسة المحكمة منذ سبتمبر 2006، وأنهت دراساتها الثانوية في تل أبيب وخدمت بالجيش الإسرائيلي في أحد الهيئات التابعة لرئاسة الأركان وأنهت خدماتها تلك عام 1962 وهي حاصلة علي شهادة الماجستير بامتياز عام 1971 كما أنها حاصلة علي شهادة الخبرة في مجال القانون بقسم التشريع التابع لوزارة القضاء الإسرائيلي ومكتب النيابة العامة التابع للوزارة وحتي عام 1969 عملت مساعدة لنيابة القدس.