التعليم العالي: 3.7 مليون طالب يستعدون لبدء العام الدراسي الجديد    العواري خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    أول كلمات الوحي.. فضل العلم والعلماء في القرآن والسنة النبوية| فيديو    سياسيون: التحول إلى الدعم النقدي يغلق باب الفساد وخطوة نحو العدالة الاقتصادية    تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة 27 سبتمبر بالتعاملات الصباحية    5 أهداف وراء إلغاء الاشتراطات التخطيطية والبنائية.. تعرف عليها    وزير التموين يوجه ببدء طرح الخضر والفاكهة بالمجمعات الاستهلاكية بالشراكة مع القطاع الخاص    بعد نشر «أهل مصر».. محافظ أسيوط يوجه بحدتين نهريتين لحين إنشاء كوبري مشاة بالنخيلة ونزلة باقور    حياة السائقين والركاب في خطر.. النقل تدعو المواطنين لحماية القطارات من الرشق بالحجارة    وزير خارجية إيران: طهران لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الحرب الشاملة في لبنان    «البعثة الأممية لحقوق الإنسان»: لا يوجد إمكانية لاستيعاب النازحين من جنوب لبنان    أخبار الأهلي : كولر ينصب "فخ" لنجم الزمالك فى السوبر الأفريقي    "الفيديو جاهز".. جوميز يحفز لاعبي الزمالك بسخرية "نجمي الأهلي"    طارق السعيد: الزمالك لن يغامر ب محمد حمدي في مباراة القمة.. وأبو علي سيصنع الفارق للأهلي    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    استغاثة على فيسبوك.. حقيقة اختفاء طفلة بالإسكندرية    مصرع 3 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث بسوهاج    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    مميزات وشروط الالتحاق في مدارس «ابدأ».. تخلق كيانات تعليم فني معتمدة دوليا وتواكب سوق العمل    موعد ومكان عزاء شقيق المخرج مجدي أحمد على    جولة بحرية في القناة.. ملتقى «أولادنا» لذوي القدرات يزور الإسماعيلية    زينة تنشر صورا لها بمرحلة الإعدادية.. والجمهور: "فيكي شبه من جيهان نصر"    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها ووقت قراءتها    الصحة تعلن عن جهودها في مقاومة مضادات الميكروبات باجتماع العامة للأمم المتحدة    3 أطعمة رئيسية تهيج القولون العصبي.. استشاري تغذية علاجية يحذر منها    مساعد وزير الصحة يتفقد مستشفى منفلوط المركزي الجديد    صحة المنوفية: تخصيص 4 مستشفيات لإنهاء قوائم انتظار «العظام»    سقوط فتاة من الثالث في ظروف غامضة بالحوامدية    محافظ أسوان يقدم واجب العزاء لمدير الأمن وأسرة الشهيد النقيب محمود جمال    استقرار سعر اليورو اليوم الجمعة 27-9-2024 في البنوك    تحديات التعليم.. كيف تواجه الحكومة عجز المعلمين والكثافة الطلابية؟    كرة اليد، الزمالك يواجه تاوباتي البرازيلي في افتتاح مونديال الأندية    ليلي علوى فى المركز الأخير بشباك التذاكر ب جوازة توكسيك    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    رئيس جامعة القاهرة يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من كلية العلوم    وزير الخارجية اللبناني يدعو لتدخل دولي ووقف إطلاق النار    مصر تستعد لاستقبال التوقيت الشتوي: كيف يساهم في تخفيف عبء أزمة الطاقة؟    البيض ب150 جنيهًا.. الزراعة: ضخ منتجات وسلع غذائية بأسعار مخفضة    تفاصيل لقاء رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية للتنمية    ما حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟ الإفتاء تجيب    دعاء للوالدين المتوفين يوم الجمعة.. «اللهم أبدلهما دارًا خيرًا من دارهما»    «الأوقاف» تفتتح اليوم 14 مسجداً بالمحافظات    إطلاق صواريخ من لبنان على حيفا    وزير النقل يشدد على الالتزام بالسرعات المقررة وفحص القطارات قبل التحرك من المحطات    أسعار حفل أنغام في المتحف المصري الكبير الشهر المقبل    تامر حسني يشيد بأداء أحمد العوضي: فنان كبير ومكسر الدنيا    فلسطين.. شهيدان وإصابات جراء قصف طيران الاحتلال لمنزل غرب مدينة غزة    أمين حلف «الناتو» يدعو لشراكات أقوى مع دول الخليج في خضم التطورات الراهنة    «صباغ» يبحث في نيويورك مع عدد من نظرائه التعاون الثنائي والتصعيد الإسرائيلي بالمنطقة    وزير خارجية الأردن: إسرائيل أطلقت حملة لاغتيال وكالة «أونروا» سياسيًا    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    مصدر: الأمن يفحص فيديوهات تحرش أطباء بالمرضى| خاص    برج الحوت.. حظك اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2024: أنت محظوظ في الحب    حسام حسن: من الصعب توقع مباراة القمة.. وصفقات الأهلي والزمالك قوية    سر رفض عاطف بشاي ورش الكتابة في الأعمال الفنية.. أرملته تكشف (فيديو)    بعد سحب ضابط مطاوي على الأهالي .. داخلية السيسي تضرب الوراق بالقنابل والخرطوش والقناصة!    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان عبد الفتاح بدر تكتب: عفواً .. الفقر أهم قضية على الإطلاق

أفرز الواقع المصرى على مدى عقود تشوهاً فى قرار الناخب الذى غالباً ما استند للمصلحة الفورية المباشرة بدليل قيام النواب بدور "الواسطة" لمواطنى دائرتهم فى التعيين والسفر والعلاج، لذلك يكون التصدى للفقر هو العلاج طويل المدى لبناء ديموقراطية قوية من خلال تكوين ناخب مستقل الإرادة لا يخضع لإغواء كراريس المدارس وشنط رمضان وزجاجات الزيت فى استمالة الأصوات (لاحظ توقيت الانتخابات القادمة: سبتمبر يواكب العيد ودخول المدارس وهو موسم مزدوج شديد الإرهاق لميزانية البيوت المصرية)، ومن جانب آخر يسفر ترتيب هموم الوطن حسب عدد المتضررين عن الأولوية القصوى للفقر، وهى فى ظل مجتمع يعيش 40% منه تحت الخط العالمى للفقر (نحن نتكلم عن 30 مليوناً على الأقل)، وهو عدد يفوق المتضررين من بقاء أو حذف أو تعديل المادة الثانية من الدستور-على أهميتها كونها مؤشر على هوية مصر- إلا أننا نعلم جميعاً أن المصرى سيظل متديناً سواء مسلماً او مسيحياً، ولن يتغير الواقع الحياتى اليومى سواء بقيت هذه المادة أو لا، نحن شعب متدين مع غياب أو وجود النص الوضعى، وكنا كذلك منذ فجر التاريخ نضفى على الدين مكانة خاصة بدليل قدرة الفرعون على حشد المصريين القدماء البسطاء على القيام بأعمال شاقة كبناء الأهرام على سبيل المثال تقرباً لمن كانوا يعتقدون أنه الفرعون-الإله وإيماناً منهم بالحياة الأخرى بعد الموت، أى أن الدين منذ آلاف السنين جزء من نسيج حياتنا اليومية لا يحتاج للافتة مميزة لكى نعيشه.
ما أقصده هو أن الحجم الإعلامى للجدل العام بشأن علاقة السياسة بالدين لا يتلائم مع أولويات الغالبية ويأخذ حيزاً من صفحات الجرائد ووقت الإرسال التلفزيونى كان من الممكن الالتفات فيها لقضايا الفقر المتشعبة والتى تؤدى لنصرة الدين أيضاً، ومن هذه القضايا مكافحة ظاهرة أطفال الشوارع أو الدعارة أو مساعدة الغارمين وغيرها من رفع الظلم والأذى، ومن هنا تظل قضية علاقة الدين بالسياسة -متمثلة فى المادة الثانية من الدستور- قضية نخبوية رغم مخاطبتها للمشاعر الدينية لكنها فى النهاية لن تضر المصالح أو الحياة اليومية للمواطنين ويمكن تأجيل مناقشتها بعض الوقت.
وتدل نتائج استطلاع الرأى الأخير للمصريين الذى أجرته الباحثة داليا مجاهد بمعهد جالوب الأمريكى على احتلال الاقتصاد المرتبة الاولى ضمن اهتمامات المواطن، أى أنه الفقر مرة أخرى، الفقر بمعناه الشامل لا يقتصر على ضعف الإمكانيات المادية أو أن يقع الفرد فى طبقة اقتصادية معينة فحسب، بل يعد الفقر الوجه الآخر لسوء توزيع الموارد المادية والخدمية بصفة عامة، وبهذا يشتبك الفقر مع قضايا أخرى تدخل فى صميم السياسة وإحساس المواطن بالأمن: مثل الأجور وفقر التعليم وفقر الجهاز الصحى بل وفقر المعلومات وفقر الإعلام، فالعبرة فى الفقر بمدى إتاحة الموارد للجميع بأكبر قدر ممكن من العدالة بحيث لا يحرم مواطن مصرى من فرصة تعليم أو علاج أو حياة كريمة لأنه تصادف أن ولد لأبوين فقيرين، ومن هنا يمس الفقر آلاف المهمشين الذين يفضلون إلقاء أنفسهم إلى المجهول ليبتلعهم البحر يأساً منهم فى فرص التمثيل والعدالة والكرامة فى بلدهم.
لا يمكن التصدى للفقر بطريقة مستدامة من خلال المساعدات الشهرية فحسب، لأنها على رغم أهميتها فى سد فجوة فى الدور المفترض للدولة فى تقديم حياة كريمة لمواطنيها غير القادرين إلا إنها تحول المواطن إلى متلقى سلبى لإعانة، ولذلك يجب التوسع فى دعم الفقراء من خلال تمكينهم من الوصول إلى الموارد المجتمعية بإمكانياتهم الذاتية، وبدون أى طنطنة اشتراكية فإن هذا هو الضمان الحقيقى للتنمية طويلة الأجل، بل من خلال تمكين الفقراء ليخرجوا من حالتهم المزرية استناداً إلى ما يملكونه من موارد ودعمها بما يتوافق مع أوضاعهم، مما يستلزم أجهزة الدولة الإنصات إليهم أولاً، ويحتاج كل ما سبق رؤية مستقبلية وطفرة إبداعية فى تناول الفقر فى الحوار المجتمعى العام، بحيث لا يقتصر تصويرهم كضحايا نبكى على مصائرهم يستجدون الاهتمام والمال فحسب، بل أيضاً من خلال تسليط الضوء الإعلامى على النماذج الناجحة التى خرجت من طوق الفقر بالعمل الشريف والتعليم والاجتهاد، بدلاً من التركيز على النماذج التى مرت بالحراك الاجتماعى عن طريق السفر للخارج أو ضربة الحظ أو الفساد أو تجارة العملة أو الآثار أو الأعراض.
يبدو أن النقاش المجتمعى والسياسى الحالى حول مزيد من الاهتمام ببنك للفقراء على غرار تجربة البنوك المتخصصة فى القروض متناهية الصغر للفقراء على يد محمد يونس مؤسس بنك جرامين فى بنجلاديش والحائز على جائزة نوبل للسلام فى عام 2006، قد يسفر عن مزيد من الاهتمام بشريحة عريضة من المجتمع المصرى دون التناول التقليدى للعشوائيات ذات الصريخ والإجرام والميلودراما، بل المليئة بتفاصيل دقيقة ويومية لآلاف القصص الدالة على الكفاح والأمل وحب الحياة والبقاء.
وفى جميع الأحوال لا يمكن فصل مرحلة بناء مؤسسات اقتصادية قادرة على مخاطبة احتياجات الفقراء عن بناء المؤسسات السياسية وكلاهما يحتاج فى المرحلة الراهنة لشفافية ونزاهة ومشاركة من الجميع، لأن الفساد السياسى وتلكؤ وعدم إخلاص النظام السابق هو المسئول عن عدم التصدى للفقر بجدية وهمة فى السنوات الاخيرة، ولعل مصير النظام السابق عبرة لذوى الحكم والحكومات القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.