هل نام الرئيس الليلة؟ لابد أنه ظل "يتقلب" كثيراً فى سريره.. لا نامت أعين الجبناء الخوف سيطر على غرفة نومه كلها وملأها عن آخرها.. وكثرت الأسئلة التى تدور فى رأسه.. هل يحدث لى ما حدث لرئيس تونس؟ هل أغادر البلاد مثله؟ وأتسول النزول بطائرتى فى بلاد أخرى.. بعضها يرفض رغم أننى كنت زائراً له منذ أيام.. وأخرى تقبل نزولى فيها عن مضض.. مشاهد الأيام الماضية التى بثتها شاشات التليفزيون تٌتتابع أمام عيني الرئيس.. "محمد بوعزيزى" الذى أخرجوه من الساحة فأحرق نفسه.. القتلى والمصابين فى الأحداث.. خطاب "بن على" واعتذاره للشعب ووعوده بتخفيض الأسعار.. إقالته للحكومة.. ثم خروجه من البلاد وقبلها خروج زوجته والقبض على أقاربها.. يتابع المشاهد ويؤكد لنفسه: كل هذا بعيد تماماً عنى فقد مات كثيرين وأحرق آلاف وغرق أكثر منهم ولم يتحرك أحد! فلماذا تقوم الثورة هنا هذه المرة بالذات.. كما أن شعبى مغموس حتى قدميه فى البحث عن لقمة العيش الذى عودته ألا يجدها فيظل يبحث عنها وعندما يجدها فلا يفكر فى شئ سوى فرحته بالحصول عليها.. الشرطة فى كل مكان بل هى فى المنازل تقريباً وتستمع لهمس الزوجة مع زوجها فكيف تقوم ثورة بهذا الشكل؟.. صحيح أنهم يعانون هنا من غلاء الأسعار وكثير من التضييقات الأمنية فى حياتهم.. وكثير من القتلى ماتوا على يد الشرطة وأثناء التحقيقات.. لكن لا قلق من كل ذلك فأنا اوجدت هامشاً من الحرية للإعلام.. يتكلمون ويروحون عن أنفسهم وعن الشعب فيها وفى بعض الأحيان أتحدث إلى الشعب وأقوم بزيارته.. زياراتى تمثيليات لكن هذا ليس هو الأمر؟ لن يحدث شئ مما أخاف منه؟ لأنام ولن يحدث شئ.. جلس وتذكر بعض من لقاءاته الضاحكة مع زين العابدين وتسائل :هل دار بمخيلته أن يحدث هذا؟، لست زين العابدين.. أنا أكثر قدرة علي امتصاص غضب شعبي.. في الحقيقة أكبته تماماً قبل أن يخرج.. ألهيه في أي شئ.. لست مسؤلا عن غباء الرؤساء إذن.. تململ الرئيس مرة أخرى وقام بإجراء أكثر من إتصال بأحد وزرائه وآخرين يثق بهم وعاد لمحاولاته فى النوم .. نام الرئيس الليلة على عكس ما يتوقع كثيرون..
