يوم جميل وممتع وحافل مفعم بأروع الألحان هكذا كانت الإذاعة المصرية من خلال محطة الأغاني يوم الاثنين الماضي وهي تحتفل بعيد ميلاد الموسيقار الكبير "حلمي بكر".. "حلمي" لا يخشى أن يذكر أنه أطفأ في ذلك اليوم 73 شمعة وفي نفس الوقت أشعل شموع الإبداع في أعماقه ليتواصل عطائه.. "حلمي" موسيقى من نوع خاص فهو قد يجد نفسه محتضناً عودة أو تداعب أصابعه بيانوا ليكتب نغمة ألحت عليه ثم تراه بعدها بدقائق وقد ارتدى العفريتة التي يضعها صنايعية الميكانيكيا وقد نزل تحت سيارته يحاول علاج آلام حادة ألمت بشكمان العربة الذي صار صوته يذكره بصوت عدد كبير من مطربي هذا الزمن ولهذا يسعى حثيثاً لإصلاحه لأن مهنة الميكانيكي هي هوايته الرئيسية التي تنافس هوايته الأولى التلحين.. وبعد ذلك أو قبل ذلك قد نجده وقد اندمج في حوار تليفزيوني أو إذاعي متحدثاً عن حال الغناء المصري والعربي ربما تغضب آرائه بعض الفنانين والفنانات بسبب تلك الصراحة التي لا تعرف حدود ولا قيود ولكن كل من اقترب من "حلمي بكر" يعلم إلى أي مدى يحمل بداخله قلب ومشاعر طفل جميل مشاغب أحياناً ولكن لا يحمل أبداً ضغينة لأحد لأنه واحد من جيل يحترم مهنة الموسيقى وهو لهذا يعتز بشهادة منحها له الموسيقار الكبير "محمد عبد الوهاب" عندما سألوه مرة عن الملحنين أجابهم اثنان ينطبق عليهم فقط هذا التعبير وهما "محمود الشريف" و"حلمي بكر".. و"حلمي" لديه الكثير من الحكايات مع موسيقار الأجيال أذكر لكم بعضاً منها. عندما استمع "محمد عبد الوهاب" إلى أغنية نجاة "فاكرة" تعجب لهذا التوافق بين الكلمة واللحن فاعترف له "حلمي" أنه كتب كلمات الدخول ولحنها في نفس الوقت "فاكرة أنا فاكرة وناسية حبه بقى ماضي وذكرى.. يعني عندي يادوب فكرة" وبعد ذلك أكمل الأغنية شعراً "عبد الوهاب محمد". بدايات "حلمي" جاءت مع "وردة" في مطلع الستينيات مع أغنية "شوية صبر يا قلبي شوية صبر" وهو لحن رائع لا أدري لماذا لا تبثه الإذاعة المصرية.. أمسكت "وردة" بيده وكان غرقاناً في عرقه خجلاً وقدمته للجماهير على المسرح في لفتة لم ينساها أبداً.. وبعد ذلك لحن لمحمد رشدي لحنين من كلمات "حسن أبو عتمان" وهما "عرباوي" و "حسن المغنواتي" والتي تقول كلماتها "يا حسن يا مغنواتي يا نغم بكى الناياتي" وهكذا كان "حلمي" قادراً على أن يبكي الآلات الصماء فهو صاحب "ما تقولش ايه ادتنا مصر" التي رددتها "عليا" التونسية عام 71 ودخلت أغنية "ع اللي جرى" الموسوعة فهي الأغنية الوحيدة في العالم العربي التي رددها 25 مطرباً ومطربة فقط حتى كتابة هذه السطور ولا تزال "ع اللي جرى" مطمع للجميع بعد أن غنتها "عليا" التونسية قبل 40 عاماً وقدمتها "أصالة" و "صابر الرباعي" في دويتو رائع؟! "حلمي بكر" دائماً معنا مبدع ومعطاء بعد أن تحول من "عرباوي" إلى "عراب" للغناء الشرقي!!