لن اكتب عما نشهده أنا وزملائي جيش الدستور من أيام يلعب فيها الصمود الدور الرئيسي ...سأستعير ألة زمن وأتوجه إلى الأمام بعد شهور وسنين من الآن ..وبالتحديد حينما يصبغ الشعر الأبيض فروة رأسي واتذكر تلك الأيام ...أكتوبر 2010 ...اعتصامنا بنقابة الصحفيين في 4 شارع عبد الخالق ثروت ... أجلس الآن في مكان ما بمصر أو حول العالم اتذكر ما فعلناه بحق في سابقة نضالية لم تحدث في تاريخ الصحافة الحرة ....ستعلو وجهي ابتسامة وأنا أرى بعين الخيال رضوان أدم العظيم يغني لنا البحر بيضحك ليه للشيخ إمام ...وعمرو بدر المقاتل وهو يشد على أيادينا .... عبد المجيد ومحمد الأنور وهاني سمير وهم يعلقون اللافتات على حوائط النقابة ضد سرقة صحيفتنا الحبيبة ... انطلق بذكرياتي سابحا في هواء شارع عبد الخالق ثروت لأرى على سلالم النقابة مجموعة من طاقات الحماس البشري تهتف "راجع عيسى مع منصور" احتراما لرمزين من رموز الكفاح ضد تكميم الأفواه... كل زملائي أشقاء وشقيقات سأتذكرهم عبر الخيال وبعد مرور السنوات ... عجوز نعم لكن في حياتي برزت نقطة ضوء صنعها هؤلاء أبناء الدستور لأستعيد عبر حماسهم ووعيهم بمطالبهم شبابي ... سأجلس وقتها مع أحفادي لأنقل إليهم وقفاتنا الجماعية وتحركاتنا كخلية نحل تفعل كل شيء تتخيله من أجل عودتنا كأحرار وعودة إبنتنا وأمنا الدستور. سأتذكر بعد سنوات صوت محمود بدر هذا الجندي العملاق الذي اهتزت جدران السلطة من ذبذباته وموجاته... خيمة تامر عبد الحميد التي احتوتني كأم حنون حينما كان يغالبني النوم لأستريح لمدة لا تتجاوز الثلاث ساعات فقد كنا في معركة تصحو فيها الحواس وتهب لحراسة ضمائرنا، سأتذكر أحمد بدر وتحليلاته لقضيتنا والتي كانت تثبت صحتها بعد ذلك... سيمر بعقلي وليد صلاح هذا الأخ العزيز الذي وهب نفسه لقضية الدستور ونظر إليها كحلقة في قضية عامة تسمى مصر... سأتذكر عبد المجيد هذا الشاب الصعيدي بحسه الساخر والذي كانت تعليقاته هو ومصطفى عبد الرازق تعيد دورتنا الدموية المرهقة صمودا ووحدة إلى مسارها الطبيعية... سأتذكر إسراء محمد علي التي جاءت أقاصي الصعيد من أجل تحقيق حلم أن تكون كاتبة ذات قلم شريف ولم تجد أمامها إلا الدستور لتجسيم هذا الحلم، وظلت صامدة في قضيتنا حتى النهاية معطية مثالا للمصرية الحقيقية التي لا تهزم أبدا. أبو الدهب الذي تستبشر من ملامح وجهه الهادئة توقعات بمستقبل حافل بالأنوار لكل منا ونصرا للجميع. هؤلاء وغيرهم حروف تجمعت في جملة واحدة تتردد في أذني الآن وأسمعها بصوت الشيخ إمام نفسه يقولها: "اتجمعوا العشاق في الزنزانة مهما يطول السجن مهما القهر .. مهما يزيد الفجر بالسجانة مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر؟!" سأذهب الآن إلى مكتبي القديم البالغ من العمر سنوات طوال لاستخرج من أحد أدراجه صورا التقطها لهؤلاء العظماء كي أعلم من بعدي ماذا فعلوا من أمجاد يونيو 2050