منذ سنوات عدة كانت هناك فى حى الجيزة إمرأة بلطجية تعدت شهرتها حدود المدينة لتصل إلى ربوع مصر كلها فقد كانت تمارس فحش القول والفعل والإيحاء بدرجة من الفجرجعل رجال المباحث أنفسهم بكل خبراتهم فى أمور البلطجة يرتبكون أمامها ، أما عامة الناس فكانوا ينفضون من أمامها ومن حولها مسرعين مرعوبين يؤثرون السلامة مهما أطلق لسانها عليهم من إهانات !! و أما ما يعرفون بالصفوة والحكماء فقد أخذوا يدورون حولها بالإقتراب تارة والإبتعاد تارة أخرى ، فى مناورات دائمة من التهويش والتطنيش والمراوغة فنشأت لغة بين الطرفين لا تقضى على البلطجية ولا تؤذى من حولها ، هكذا الحال وهكذا الصورة العامة فى مصر فى ظل نظام جائر وحكومة مستبدة ولكن بالفعل وكما يقول المثل ( رب ضارة نافعة )رغم قسوة الظروف وفداحة الثمن ، أوراق التوت فى طريقها للإندثار ، ولم يعد هناك ما يخفى ، مشاهد متتابعة ومتلاحقة تتوالى داخل حلبة الصراع السياسى فى مصر ، أحدث فصوله إقصاء إبراهيم عيسى عن شاشة التليفزيون وعن رئاسة تحرير الدستور ، وهو أمر لم يدهش الكثيرين بل كان إجراء منطقيا فى ظل نظام خدامه يفبركون الصور للتعتيم على واقع حكم تراجع وانزوى حد المهانة ، يستأسد على زهرة شباب مصر ينكل بهم بالسجن والتعذيب والملاحقة ، وفى نفس الوقت ينتظر ضوءا أخضر يأتيه من البيت الأبيض بالبشارة ،رسائل الحكومة أطلقها فسدة مصر ومفسدوها لكل إبراهيم عيسى فى مصر أن يدركوا أنهم يجاهرون بالمعارضة بمزاج الحكومة وفى التوقيت الذى تختاره لكنها قادرة على إسكاتهم وقتما تشاء ليعلم عيسى قبل غيره أن ظهره عارى لا تحميه معارضة ولا يحزنون ، معارضونا مشغولون بتبادل الإتهامات والتدافع على نيل عظمتين أو ثلاثة من وليمة الإنتخابات البرلمانية وفق مواد دستورية معيبة وفاضحة ، معارضة فشلت فى الإتفاق على ما لا يُختلف عليه ليكونوا شهود زور متواطئين لإضفاء الشرعية على نظام مرتقب لوريث ُمغتصب ، إبراهيم عيسى سيف فى معركة كل سيوفها فى غمدها ، حسمت نتائجها قبل أن تدور، السؤال الذى يطرح نفسه للمرة المائة !! هل خلا الميدان من المواقف الموحدة القوية والمؤثرة ؟ هل يعجز مفكرونا وكل وطنى فى هذا البلد أن يتصدى لهذا الفجور الذى يمارسه النظام ، هل يمكن أن نعول بعد ذلك على معارضة لا تطيق أن يخدش أحد مصالحها ، الم يحن الوقت لكى تنطلق المعارضة من بين صفوف الناس التى أصطفت أمام طوابير العيش والماء ووجهت معاركها فى الإتجاه الخاطئ ليتمزق جسد الأمة برعاية ومباركة أمن مبارك ، إبراهيم عيسى جدير بأن يكون الشرارة الأولى للمواجهة مع نظام الفساد الذى ظل يفضحه حتى أخرج له الأخير أنيابه والبقية تأتى.