كتبت في هذا المكان يوم الجمعة عن قصة اعتداء ضابط أمن الدولة برشيد علي ثلاثة من وكلاء النيابة ذهبوا إلي مقر أمن الدولة للتحقيق في بلاغ عن احتجاز مواطنين داخل مقر أمن الدولة رغم صدور قرار من النيابة بالإفراج عنهم.. وهو الأمر الذي أثار قلق كثير من القضاة وأعضاء النيابة، ذلك في ظل صمت النيابة العامة ونادي القضاة. وقد قارنت في مقالي بين ما حدث في رشيد وما حدث في طنطا في القضية المعروفة بجناحي العدالة والخاصة باعتداء محاميين علي مدير نيابة، والتي علي إثرها انتقل النائب العام بنفسه إلي طنطا، وأحالت النيابة المحاميين إلي محاكمة عاجلة خلال ثلاثة أيام فقط.. «وبقية القصة معروفة للجميع». وانتقدت موقف النيابة الصامت في حالة ضابط رشيد الذي استهان وأهان النيابة مرتين: المرة الأولي في احتجاز مواطنين دون وجه حق في مقر أمن الدولة ضارباً عرض الحائط بقرار النيابة بالإفراج عنهم، وهو ما دعا الأهالي بعد أن داخوا للوصول إلي أماكن احتجاز أبنائهم إلي اللجوء للنيابة مرة أخري. والمرة الثانية: تتمثل في اعتداء ضابط أمن الدولة علي وكلاء النيابة الذين استغاث بهم الشباب المحتجزون واستطاعوا الحديث عنهم.. فما كان من ضابط أمن الدولة إلا أن قام بإبعاد وكلاء النيابة عن المكان.. وأصدر أوامره للعساكر الموجودين لإبعاد وكلاء النيابة عن قسم الشرطة، وقال موجها أوامره للعساكر «اللي يقرب اضربوه بالنار»، بل إن الضابط نفسه قام بالاشتباك مع السادة وكلاء النيابة وتعدي عليهم بألفاظ نابية وقام بوخز أحدهم في كتفه. بالطبع عاد وكلاء النيابة إلي مكان عملهم وقاموا علي الفور بتقديم بلاغ إلي المحامي العام الأول لنيابات البحيرة أثبتوا فيه الواقعة، واتهموا مقدم أمن الدولة برشيد بالتعدي عليهم أثناء عملهم والتعرض لهم ومنعهم من تأدية عملهم.. كما وجهوا له اتهاماً بالسب والقذف في حقهم. وبناء علي ذلك تم استدعاء مقدم أمن الدولة للتحقيق معه، لكنه استهان واستمر في إهانته للنيابة ولم يذهب. وقد جري ذلك يوم الأحد الماضي.. أي مر ما يقرب من أسبوع ولم يحدث شيء. وتساءلت: هل هناك فرق بين تعامل النيابة مع ضابط أمن الدولة من الداخلية ومحامٍ من المواطنين العاديين؟.. فأين العدالة؟! .. لكن في اليوم التالي أمس الأول السبت أعلنت النيابة العامة أن النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود قد طالب بسحب ملف القضية من نيابة استئناف الإسكندرية التي كانت تحقق في القضية التي رفض ضابط أمن الدولة المثول أمامها للتحقيق إلي مكتبه الفني وتحت إشرافه واستدعاء الضابط المتهم للتحقيق، أي نعم لم يتم مثوله للتحقيق حتي كتابة هذا المقال، وإن كانت مصادر قضائية في مكتب النائب العام قد أكدت أنه سيتم الانتهاء من القضية سريعاً، سواء مثل ضابط أمن الدولة أو لم يمثل وسيتم إحالته إلي محاكمة عاجلة. .. فشكراً للسيد النائب العام علي اهتمامه وإشرافه الشخصي علي القضية، وإن كان لا شكر علي واجب. .. فالنيابة العامة هي المحامي عن المواطنين قبل أن تهتم بأي شأن خاص بها مثل الاعتداء علي وكلاء النيابة. لكن أصبح مطلوباً من النيابة الآن إعادة التفتيش علي أقسام الشرطة.. ويا ليتها تمد إشرافها علي أماكن احتجاز أمن الدولة، والتي لا يعلم أحد عنها شيئاً، وكذلك الاعتقال المتكرر.. وهناك الآلاف من المواطنين المحتجزين في مقرات أمن الدولة ويجري اعتقالهم بشكل متكرر رغم قرارات النيابة وأحكام المحاكم بالإفراج. .. وها هي النيابة تتحرك في قضية ضابط أمن الدولة برشيد المعتدي علي وكلاء النيابة، لكن السادة في نادي القضاة مازالوا صامتين ولم يصدر عنهم شيء وكأن الأمر لا يعنيهم مع أنهم كانوا متشددين جداً في حالة محاميي طنطا. .. يبدو أن المستشار أحمد الزند خارج الخدمة.