«بالروح.. بالدم.. نفديكي يا مصر».. كان هذا هو الهتاف الرسمي لجموع المصريين أثناء فترات مقاومتهم للإحتلالات المختلفة والمتعدده التي مرت بها الأرض المحبوبة «مصر».. وقتها كان الهتاف معبراً عن قناعه حقيقية وإستعداد صادق لفداء مصر بالروح والدم بجد.. ثم دارت الأيام دورتها وأصاب ذلك الهتاف ما أصاب كل حاجة في البلد.. حيث أصبح هتافاً وخلاص.. كل ما عليكم فقط هو إستبدال كلمة مصر بالإسم أو بالحاجة التي تودون الهتاف لها.. الحالة الوحيدة التي يتم فيها الإحتفاظ بإسم مصر في الهتاف كما هو أصبحت فقط أثناء مباريات المنتخب القومي.. بخلاف ذلك.. أصبح الهتاف يصلح لأشياء وأشخاص كثيرين.. ولم يعد حكراً علي الوطن.. هل أنتم مجموعة من الموظفين الطالعين من مصالحهم الحكومية بالأمر لتأييد ومؤازرة الرئيس مبارك في مواجهة القلة المندسة التي تعارض سياسات سيادته ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا مبارك».. هل أنتم مجموعه من المناضلين اليساريين التقدميين الذين يقف عشرون واحد منهم أمام مجلس الشعب يهتفون بصوت مبحوح بينما يطوقهم مائتي جندي أمن مركزي بينما الحياه من حولهم تسير بشكل طبيعي واللي رايح رايح واللي جاي جاي وولا حد سامعهم أصلاً ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديكي يا حرية».. هل أنتم مجموعه من مشجعي نادي الزمالك الحالمين بأن تتكحل أعينهم قبل مفارقة تلك الدنيا الفونيا برؤية أي بطولة للزمالك ولو حتي بطولة بنج بونج ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا زمالك».. هل أنتم مجموعه من مشجعي نادي الأهلي الغاضبين مما فعلوه ألتراس الزمالك بناديهم ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا أهلي».. هل أنتم من أنصار أي مرشح لمجلس الشعب في دورته القادمه ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا فلان».. أمريكا قامت باحتلال العراق ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديكي يا بغداد».. إسرائيل إرتكبت مذبحه جديدة في غزة ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديكي يا فلسطين».. الصهاينة دنسوا المسجد الأقصي ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا أقصي».. تامر حسني إتسجن ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا تامر».. أي كلام فارغ حصل ؟ إذن.. «بالروح بالدم.. نفديك يا كلام يا فارغ يا اللي حصل» ! لقد فقدت الكلمات معناها.. وبالتالي باتت الأفعال غير مرتكنة إلي أي منطق يحكمها.. فلا أحد من هؤلاء سوف يفدي بروحه أو بدمائه الرئيس مبارك أو الحرية أو الزمالك أو الأهلي أو فلان الفلاني أو بغداد أو فلسطين أو الأقصي أو تامر حسني أو كل الكلام الفارغ الذي حصل.. لا أحد سوف يفدي بالروح أو بالدم أحد في تلك البلد.. الجميع منشغلون الآن بأسعار الطماطم والبدنجان وبإنتظار قرار الإفراج عن هشام طلعت مصطفي وبالبحث عن كتاب خارجي في الخباثة بأحد حواري الفجالة بدون القبض عليه متلبساً بشراء كتاب خارجي.. روح ودم مين اللذين يستطيع بهما أبناء هذا الشعب الطيب والجميل والمنهك فداء أي حد أو أي حاجة ؟! لهذا.. لا تتعجبوا إذا استيقظتم في صبيحة أحد الأيام فوجدتم عنصري الأمة وقد إجتمعت قلوبهم علي هتاف واحد.. هتاف واحد يهتفه الجميع.. المسلمون أمام مساجدهم والمسيحيون أمام كنائسهم.. «بالروح.. بالدم.. نفديكي يا كاميليا» !