السلوكيات الشاذة وغياب المثل الأعلي والإعلام الملون أشعلت نيران التعصب عندما تقرأ في صفحة الحوادث خبراً عن قيام ولي أمر بضرب ناظر أو مدير مدرسة بالجزمة إذا كان ولي الأمر رجلاً، أو بالشبشب إذا كان ولي الأمر سيدة لا تندهش عندما تقرأ خبراً آخر عن قيام تلميذ بالإعدادي أو الثانوي بضرب مدرسة داخل المدرسة أو نصب كمين لها في الشارع المجاور لها. وعندما تتواجد داخل أتوبيس هيئة النقل العام وقت الذروة ومصر هي البلد الوحيد في العالم الذي يستمر فيه وقت الذروة 12 ساعة أو أكثر.. المهم عندما تتواجد داخل الأتوبيس ستلفت نظرك عدة أشياء.. مثلاً ستجد شاباً يجلس فوق أحد المقاعد وتقف بجواره سيدة مسنة أو شيخ عجوز.. زمان كان الشاب ينتفض ويترك مكانه للسيدة أو الشيخ أما الآن فستجد الشاب إما يدعي النوم أو يعبث في الموبايل أو ينظر من النافذة دون اهتمام يعني.. آخر طناش. مشهد آخر أكثر غرابة أنك ستجد سيدة تجلس فوق أحد المقاعد ويجلس فوق المقعد المجاور لها صبي صغير وبجوارها يقف رجل عجوز لا تستطيع قدماه أن تحمله أو سيدة عائدة من عملها منهكة القوي تحمل أكثر من حقيبة بداخلها مستلزمات البيت وعندما يتبرع أحد الشهماء ويقول للسيدة الجالسة.. يامدام خدي ابنك علي رجلك علشان الشيخ يقعد تقول له دون حياء: أنا دافعة لابني ثمن التذكرة وكأن 50 قرشاً أو جنيهًا يعني غياب الرحمة. هذه السلوكيات الشاذة أصبحت للأسف هي السائدة في مجتمعنا إلا من رحم ربي وقبل أن تسألوا عن علاقة ذلك بالرياضة أقول إن المجتمع عبارة عن ناس والرياضة يمارسها ناس ويشاهدها ويشجعها ناس يعني الرياضة جزءًا من المجتمع لذلك كان من الطبيعي أن تنتقل هذه السلوكيات الشاذة إلي الملاعب بداية بالتحرش بالفتيات ومروراً بتحطيم المنشآت العامة وترويع المواطنين ونهاية بقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. ما حدث من روابط مشجعي الأهلي والزمالك تحديداً خلال الفترة الأخيرة يعكس بوضوح هذه السلوكيات الشاذة وعندما يتم القبض علي مثيري الشغب يظهر أولياء أمورهم عبر القنوات الفضائية، ويؤكد أحدهم أن ابنه طالب جامعي وليس عاملاً «يعني العمال كفروا»، ويقول آخر ابني متربي كويس وابن ناس «وعبارة ابن ناس لا أفهمها لأن كل إنسان ابن ناس ولا يوجد إنسان ابن أسد أو قرد أو أي حيوان ومع اعترافي أن معظم من ينتمون لروابط المشجعين شباب واع ومثقف وولاد ناس طبعاً لكن هناك قلة ولاد ناس برضه هم الذين يقومون بأعمال الشغب، والفارق هنا أن فيه ناس بتعرف تربي ولادها وناس لا تعرف كيف تربي نفسها . للأسف الإعلام مسئول عن انتشار ظاهرة شغب الملاعب لأن بعض الإعلاميين يلعبون علي وتر التعصب الأعمي ونسوا أن نيران هذا التعصب ستحرق الجميع وفي مقدمتهم من أشعلها . أخيراً، إذا كانت الرياضة تعني الخروج علي الأدب وممارسة البلطجة نحن لا نريدها لأن الرياضة وسيلة لتهذيب النفوس وليس وسيلة للعنف وخدش الحياء وسفك الدماء.