طالعتنا يا صاحب الجلالة وسائل الإعلام بجميع أطيافها ومصادرها علي الصعيد الدولي والمستوي الإقليمي أن عدداً من الدول العربية ستصب في خزائن الولاياتالمتحدةالأمريكية مائة مليار دولار بزعم أو بصلة أنه ثمن شراء أسلحة حربية متطورة وأن المملكة العربية السعودية يخصها منه ستون أو سبعة وستون مليار دولار أمريكي. وأستأذن جلالتكم أنه ولئن كان القرآن الكريم.. كتاب الله الحكيم الذي أنزل علي إمام المرسلين وخاتم النبيين شفيعنا يوم الدين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أمرنا بأن «أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» إلا أن هذا الخطاب وجه إلينا لمواجهة الكفار والمشركين نصرة وانتصارا ونشرا وانتشارا للدين الإسلامي الحنيف. ولما كان البذل والعطاء في هذه الصفقة وذلك الشراء يجيء في مرحلة تاريخية يعبرها الشعب العربي جميعه والأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها تطفح وتفيض بالمذلة.. بالهوان.. الاستكانة.. والمهانة.. الضعف.. والخوف.. يشهد ويسمع ويري الاجتراء علي مقام إمام المرسلين وخاتم النبيين.. والإقدام علي إحراق المصحف الشريف.. والتعريض بالمرأة العربية وفرض القيود عليها بل وسن القوانين حظراً ومنعا للزي والملبس. إن الأعين والأبصار مصوبة إليكم ذلك لأن الشعب العربي صار مضغة في الأفواه انهارت قبضته انفرط عقده وتمزقت وحدته فانحدرت قدرته واقتداره وفقد احترامه وأصبح هشيما تذروه الرياح يطلب الحماية من جيوش قائمة علي المرتزقة تصدرهم شركات (Black Water) مأجورين بالثمن ولكن يحملون أعلام الولاياتالمتحدةالأمريكية. إن الشعب العربي يا صاحب الجلالة يؤمن بأن المملكة العربية السعودية باتت في مقدمة صفوفه.. وفي صدارته.. في قمته مطالبة بأن تدحض ما يروج له البعض بأن الشعب العربي طيب ساذج أحياناً.. وساذج بدرجة عاجز نوعاً.. وعاجز بدرجة مسالم نسبياً.. ومسالم بدرجة أوسع إلي حد ما. وأنه اشتهر وذاع عنا أننا نؤثر البقاء علي الصدام ولكن بثمن الخضوع ولا نقول العبودية. حسبما قال المرحوم الدكتور جمال حمدان. ومن هنا نرفع راية الاعتدال ولكنا لا نعرف الفرق الفارق بين الاعتدال والتطرف في الاعتدال، لأنه مرض خبيث. بل ومن أخبث أمراض العرب بل قل جلالتكم إنه مقتلها البطيء علي مر الزمان. ذلك لأنه إذا كان التطرف في التطرف تدميراً وهدماً وعدمية فإن التطرف في الاعتدال هو إفراط في السلبية. ومن هنا فإن بعض التطرف خير من بعض الاعتدال. وأنه ولئن كان الاعتدال فضيلة إلا أنها تكون أحيانا هي العجز بعينه ومن هنا فإنه حق علي العرب جميعاً الاعتدال في الاعتدال ولا علاج لما نحن فيه نكابده ونعانيه إلا بأن نأخذ جرعة ولكنها محسوبة من التطرف المعتدل كمصل مضاد للاعتدال المتطرف. إني أتطلع يا صاحب الجلالة أن تأذن بأن أكاشف جلالتكم بأن الرأي العام العربي كله وليس جله ينتابه الشك والقلق بأن المائة مليار دولار التي ستصب في خزائن الولاياتالمتحدةالأمريكية بعضها سيتسرب إلي الخزائن اليهودية وأن القصد منه بالنسبة لأمريكا ومؤداه وعلته ومغزاه ليس عطفا ولطفا ورضاء وإرضاء للولايات المتحدةالأمريكية بل إن علته هو معاونتها في عبور الأزمة الاقتصادية الضاربة التي تنال من شعبية وطموحات الرئيس أوباما. وأنه علي سبيل القطع والجزم واليقين أنها لا ترنو إلي زيادة القوة الضاربة لنا لأنه من أدني بديهيات القول أن الاستراتيجية الأمريكية تحرص الحرص كله بل قل إنه من العماد والركاز والسناد بأن تكون الدولة اليهودية متفوقة في قدراتها الحربية علي قوة العرب جميعا. ولعل بعض خبثاء السياسة يرون أن هذه الصفقة الخاسرة هي ثمن لضمان حماية العرب من القوة والقوي الصاعدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وأن العرب جميعهم ترتعد فرائصهم من هذا المد والمجد الذي حققته الجمهورية الصامدة. وهنا أرجو جلالتكم أن تأذن لي بالقول دع الإنكار قد برح الخفاء وانكشف المستور تحت الغطاء بأن أصحاب العروش والكروش معاً في دول الخليج العربية ظلوا يعزفون لحنا واحدا وراء الأبواب المغلقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. يحرضون.. يناشدون.. يستعجلون.. يهمسون في آذانها بأن تنزل علي العراق ضربة لا تقوم لها قائمة بعدها أبداً للخلاص مما كان جاثما علي صدورهم من الخوف والهلع والقلق والفزع وضياع ميراثهم ونسوا.. وتناسوا.. جهلوا.. أو تجاهلوا.. أن العراق كان هو القوة الضاربة حارس البوابة الشرقية للعالم العربي وهو الذي حارب إيران ما يربو أو يزيد علي الثماني سنوات حتي سقط علمها ورفعت الراية البيضاء بالاستسلام للهزيمة النكراء.. وجميعهم أدوا.. دفعوا تكاليف الحرب حتي دمرت العراق وأضحت خرابا.. عادت إلي الوراء مئات السنين.. أطلالا.. شراذم.. انقسامات مذهبية ودينية.. عنصرية.. حزبية وقبلية.. طائفية ويا للهول أن يبلغ العجز أنها صارت غير قادرة علي تنصيب حكومة تجمع الشتات وتلملم ما تبقي من الفتات.. وأعود لأستكمل هذا النداء.. الرجاء.. الدعاء.. بأن تقف لحظة قبل فتح الخزائن ذلك لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ولئن كانت هي التي تقود العالم من المنظور السياسي إلا أنها في هذا السياق لا تبغي سوي تحقيق مصالحها والتركيز علي منابع الثروة ذهبا أو فضة بترولاً أو معادن نفيسة. وفي سبيل ذلك فإنها لا تتمسك كثيراً أو لا تقف أمام أي عائق ولا تتردد لسلوك أي سبيل أو وسيلة وهي لا تخفي شيئا ولكنها تعلنه وفقا لمعايير خاصة. واقرأ يا صاحب الجلالة ما كتبه الرئيس جيمي كارتر في كتابه الذي أصدره مؤخرا وأشار إلي ما لا يلزم بأن المملكة العربية السعودية وافقت سنة 1979 أي في ظل رئاسته علي أنه ليس ثمة ما يحول دون التطبيع مع إسرائيل ضماناً لأمن المملكة. وأعود لأرفع لجلالتكم الرجاء بقبول هذا النداء وأتساءل: ما جدوي شراء أسلحة حربية متطورة بسبعة وستين مليار دولار؟ ولمن ستوجه ضرباته وطلقاته وصواريخه وطائراته؟ وهل مما يقبله العقل أو حتي الخيال.. أو الأحلام.. أو يرد علي الخاطر أنه سيصوب إلي إسرائيل أو حتي إيران التي قفزت قفزة أسلست لأن تتحدي القوي العالمية في شأن السلاح النووي الذي جاهدت له خفية واستتارا وأضحي جهارا ونهارا؟ ولا أحسب جلالتكم أنها ستوجه إلي طهران دفعا للخوف والفزع من قيام دولة الفرس التي قفزت قفزة أسلست لأن تتحدي القوي العالمية وتضم وتضرب دول الخليج أو السيطرة عليها ولأن تبتلع معدتها وتهضم لأن باطن الأرض بما أنعم الله به عليها من الثمرات بعد واد غير ذي زرع. هذا إلي أن تداعي خطورة إيران لن تكون موكولة إلي العرب بل إن أمريكا تحتفظ بها لربيبتها الدولة اليهودية. يا صاحب الجلالة إن العالم العربي يعيش أحلك لياليه وسواد أيامه وانظر جلالتكم ماذا يجري في القدس الشريف أولي القبلتين وثالث الحرمين ثم نعرج معا علي السودان وما هو مقبل عليه من تقسيم وتبعيض وضياع ليقتطع منه ويلد سفاحا دولة الجنوب والله وحده يعلم المصائر وماذا تخبئه الأيام بالنسبة لكردفان. أما عن دولة غزة فإنا نبتهل إلي الله اللطف بأهلها جوعا.. عطشاً.. الحر اللافح والبرد القارص.. قمة المأساة. واقرأ يا صاحب الجلالة باسم ربك ماذا يجري في اليمن والفرقة والانزلاق والدماء النازفة والصرخات النائحة.. كيف لا والصومال العربي الذي يمزق القلوب ويدمع الأعين عن الكوارث التي تحل به أرضاً وبحراً وعرضا ناهيك يا صاحب الجلالة عما تبشر به الليالي الحبالي عن لبنان.. الغليان.. فوهة البركان. واقرأ يا صاحب الجلالة باسم ربك الذي علم بالقلم وعلم الإنسان ما لم يعلم عن الأحوال قل الأهوال التي يعيشها الإنسان العربي. أولئك الذين لا يجدون ما يأكلون إلا من صناديق البقايا والفضلات ومهملات فاسد الطعام والشراب. والذين يسكنون في القبور والعشوائيات أو يفترشون الغبراء ويلتحفون السماء. أو ليس لأولئك وهؤلاء الانتفاض والانقضاض علي نظم الحكم العربية التي تفتح خزائنها عطاء وغطاء لأغني وأعتي دول العالم. كيف لا ونحن جميعا يصدق علينا قول الشاعر العربي القديم: «كالعير في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء فوق ظهورها محمولا». إننا ناشد الزعماء العرب بإغلاق خزائنهم وتصويب دفة العطاء للشعب العربي الذي يعبر الألغام والويل كل الويل مما هو قائم والجوع كافر وهو لا محالة قادم.. زلزال وبراكين تكشر عن أنيابها تنذر بكوارث تهز كل العروش، والله يحفظ العرب من البلاء.