الدكتور بديع.. المرشد الحالي للإخوان المسلمين..هو رجل واسع الأفق.. وقد تعايشنا معاً لسنوات في السجن خرجت منها بانطباع رائع عن خلق الرجل..ومن هنا فإن من حقه عليَّ أن أنقل إليه بعضاً مما أراه.... فأنا مثل الزمار الذي لا تكف أصابعه عن الحركة حتي وهو يفارق الحياة.. فلابد أن أقول وأن أري.. وأن ينصحني الناس وأنصحهم.. المهم أنه ربما يقرر الإخوان المسلمون دخول الانتخابات البرلمانية تلك الخطوة التي قررها المرشد الأسبق..سابق عصره.. الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله وهي أن يطرح الإخوان أفكارهم وأن يتعلموا المشاركة في القرار.. ولم يكن أمام الإخوان في ذلك الوقت سلبيات كبيرة.. ولم تكن مصر تعاني الانحراف التشريعي بهذا القدر الحالي.. حتي إن المعارضة مجتمعة بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمون وافقت علي تجديد الرئاسة لأول مرة للرئيس حسني مبارك مع مطالبته بإلغاء قانون الطوارئ والقوانين المقيدة للحريات كعربون لعهد جديد ولم يخرج عن هذا التأييد إلا أربعة أصوات.. وكان كاتب المقال أحد هؤلاء الأربعة .. وكان ذلك في برلمان 1987.. ولم يكن في ذلك الوقت قد حدث الانقلاب علي جماعة الإخوان المسلمين.. وكشف النظام عن وجهه الاستبدادي فكانت حرب الإجهاض المبكر والتي بدأت في عام 1990 باتباع سياسة الحبس والاعتقال والقضايا.. والمحاكم العسكرية إلي غير ذلك من الإجراءات الباطلة.. وكان التحول السياسي لمصر إلي الأسوأ.. وعادت الديون في سنوات معدودة أضعافاً مضاعفة.. وتم التضحية بما تملكه مصر من أرض وممتلكات إرضاء لغول الفساد وخضوعاً لتبعية القرار السياسي.. حتي وصلنا إلي درجة الانهيار الكامل.. والآن فقد أصبح فضل المشاركة التي حدد معناها الأستاذ المرشد الأسبق ليس لها ذات الواقع الذي تم اتخاذ القرار فيه.. فمن يشارك اليوم.. فإنما يشارك في دعم الفساد بمزيد من المناقشة التي تضفي علي القرارات الباطلة جواً من المشروعية وسيشارك في الانحراف التشريعي.. ويكون الاعتراض بمثابة صناعة الديمقراطية الزائفة وصياغة سلسلة من التشريعات تتيح الأكثر من التوغل الأجنبي.. والمخاصمة العربية والتقارب الحكومي الإسرائيلي.. ولن يزيد دور المشارك علي دور المساحيق التي تجمل الوجه القبيح فلا هي نجحت في تجميله ولا هي حافظت علي سحر عطرها.. وسيشارك أيضاً من يشارك في اختيار رئيس الدولة الجديد أياً كان المرشح لهذا المنصب.. وكل ذلك في نموذج ديمقراطي شكلي.. فلم تعد المشاركة يا دكتور بديع هي المشاركة التي قصدها أصحاب السبق في الفكرة والتي تحمل من أجلها أستاذنا عمر التلمساني الكثير والكثير..إن المرحلة القادمة هي مرحلة بيع البقية المتبقية من أرض مصر للفساد وبالفساد المباشر والمزيد من حرمان القضاء من استقلاليته والصحافة من حريتها.. ذلك أن الأمنية الأخيرة للنظام الحاكم أصبحت هي أن يجد عكازاً يستند عليه ولو لسنوات ولكم يتمني هذا النظام لو كان العكاز هو جماعة الإخوان بعراقتها.... وتاريخها النضالي المشرف.. وذلك فيما لا يزيد علي الثلاثين عضواً حسب الخريطة والخطة.. أما الذي أنصح به فهو مقاطعة إلاخوان للانتخابات.. تلك المقاطعة التي ستضفي عليها بريق التوافق مع ما تدعو إليه من صدق مع النفس.... وليس معني ذلك أن قرار المقاطعة سوف يجنب الإخوان ويلات الابتلاء بالسجن والملاحقة والاضطهاد.. بل إن المزيد من الغدر والابتلاء ينتظر الجميع.. علي الأقل لأنهم رفضوا القيام بالدور المطلوب.. والغدر من طبع النظم الاستبدادية .. وبمناسبة طباع الغدر فيروي أن العقرب طلب من البطة أن تنقله إلي الجانب الآخر من النهر.. فرفضت البطة طلب العقرب خوفاً من أن يقوم بقرصها فيقتلها.. لكن العقرب أكد للبطة أنه لا يمكن أن يفعل ذلك لأنه في هذه الحالة سوف يموت هو أيضاً.. غرقاً في البحر.. فاقتنعت البطة وحملت العقرب علي ظهرها إلا أن العقرب قام بقرص البطة وهما في منتصف البحر فنظرت البطة إلي العقرب نظرة عتاب فقال لها العقرب : «اعذريني يا بطة... فإن الطبع غلاب». وعجبي