التعليم: مادة التاريخ الوطني ل«2 ثانوي» غير أساسية    نشر تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية    محافظا الفيوم وبني سويف يشهدان انطلاق المهرجان الثالث للنباتات الطبية والعطرية    إنشاء قاعدة بيانات موحدة تضم الجمعيات الأهلية بالدقهلية    رئيس جامعة المنوفية من الأعلى للجامعات: الأنشطة الطلابية من أهم أُسس المنظومة    السعودية تبدأ تشغيل أول مشروع لتخزين الغاز بتقنية الحقن المعالج    «الأونروا»: الظروف الصحية والمعيشية في قطاع غزة غير إنسانية    ناصر منسي: ليفاندوفسكي مثلي الأعلي أوروبيا.. وعماد متعب محليا    يوتيوب دون تقطيع الآن.. مباراة الأهلي السعودي والوصل Al-Ahli vs Al-Wasl اليوم في دوري أبطال آسيا للنخبة 2024    ضبط تاجر نصب على شخصين واستولى على 620 ألف جنيه بسوهاج    مصرع فتاة بسبب جرعة مخدرات بالتجمع الخامس    النيابة نستمع لأقوال اثنين من الشهود بواقعة سحر مؤمن زكريا    متاحف الثقافة ومسارحها مجانًا الأحد القادم    «كونشيرتو البحر الأحمر» في افتتاح ملتقى «أفلام المحاولة» بقصر السينما    6 أكتوبر.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    فان دايك: صلاح لديه الالتزام الذي يحتاجه ليفربول    برلمانية: هل سيتم مراعاة الدعم النقدي بما يتماشى مع زيادة أسعار السلع سنويًا والتضخم؟    ننشر التحقيقات مع تشكيل عصابي من 10 أشخاص لسرقة السيارات وتقطيعها بالقاهرة    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    قافلة طبية مجانية بمركز سمالوط في محافظة المنيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة، لغداء شهي ومفيد    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    محافظ الشرقية يُناشد المزارعين باستثمار المخلفات الزراعية.. اعرف التفاصيل    الإدارية العليا: وجوب قطع المرافق في البناء المخالف والتحفظ على الأدوات    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا الثلاثاء 1 - 10 -2024    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    سي إن إن: إسرائيل نفذت عمليات برية صغيرة داخل الأراضي اللبنانية مؤخرا    عاجل:- بنيامين نتنياهو يحرض الشعب الإيراني ويهاجم قيادته: "إسرائيل تقف إلى جانبكم"    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    الحكومة الإسرائيلية: إعادة سكان الشمال لمنازلهم تتطلب إبعاد حزب الله عن حدودنا    فلسطين.. العنوان الأبرز فى جوائز هيكل للصحافة    «أوقاف مطروح» تكرم 200 طفل من حفظة القرآن الكريم في مدينة النجيلة (صور)    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    مجلس النواب يبدأ دور الانعقاد الخامس والأخير و 5 ملفات ضمن الاجندة التشريعية    فصل نهائي لموظفين بشركات الكهرباء بسبب محاضر السرقات المكررة -تفاصيل    تهدد حياتك.. احذر أعراض خطيرة تكشف انسداد القلب    بعد رسالة هيئة الدواء.. خدمة للمرضى لمعرفة "بدائل الأدوية"    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشرطة في خدمة البلطجة»
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 09 - 2010

كنا ونحن صغار نطالع جملة شهيرة هي «الشرطة في خدمة الشعب». كانت موجودة في كل أقسام الشرطة في الداخل والخارج، وعندما كبرنا تغير هذا الشعار وأصبح «الشرطة في خدمة سيادة القانون»، ثم تحول إلي «الشرطة والشعب في خدمة سيادة القانون»، وأعتقد أنه أصبح حريا علي وزارة الداخلية أن تغير الشعار إلي «الشرطة في خدمة البلطجة»، فمن جهة أصبحت الدولة نفسها لا تحترم القانون وسيادته، ومن جهة ثانية أصبحت هناك علاقة وطيدة بين أقسام الشرطة والبلطجية، ليس فقط في أن بعض الأقسام تستخدم البلطجية كمرشدين لضباط الشرطة، الأمر الذي يزيد من بلطجتهم ويجعلهم يفرضون الإتاوات علي الغلابة والضعفاء بموافقة ودعم الضباط الذين يستخدمونهم، ولكن لأن بعض مأموري الأقسام قسموا المناطق التي تقع في دوائرهم إلي مناطق نفوذ للبلطجية.
وكنت قد كتبت الأسبوع الماضي عن «لوبيا» الذي لم يستطع محافظ القاهرة بنفسه أن يوقف نفوذه، وعن آخرين سيطروا علي حديقة الأزبكية وحولوها إلي ملك خاص لهم ويؤجرونها ليلاً لطالبي المتعة، ولم يحرك أحد ساكنا، ولم أسمع أن أجهزة وزارة الداخلية حققت في الأمر، علي الرغم من أن سمعة الوزارة نفسها أصبحت علي المحك لأن هناك اتهامات لأقسام الشرطة بالفساد أو الضعف عن مواجهة البلطجية.
وكانت المفاجأة في تعليقات القراء علي ما كتبت والتي أضافت لي معلومات وحقائق مأساوية تتطلب التحقيق السريع من وزير الداخلية نفسه، لأنها لو ثبت صحتها لأصبحنا في غابة، ولأصبحت وزارة الداخلية شركة خاصة شبيهة ب«بلاك ووتر».
فهذا قارئ يقول:« أقدر أضيفلك أن معظم البائعين في هذه المناطق من قرية «....» بأسيوط، طبعا عارفين أن هذه القرية بها عدد كبير من الظباط وصباح السوس 3 ظباط بيسندوها والأماكن بتتأجر ب100 جنيه وأكثر بعلم تام من الحكومة، أضف إلي ذلك قلة الأدب والسفالة اللي بيعملوها مع الناس التي تشتري وكل يوم عشرات المشاكل من البلطجة والتعدي بالضرب واليد علي النساء والتحرش الجنسي الفاضح» وأنا بالطبع حذفت اسم القرية، لأنني ليس لدي دليل علي هذا الكلام وهو متروك لوزارة الداخلية لكي تحقق فيه.
وقارئ آخر يقول: «أنا والله العظيم من سكان شارع الجيش في العتبة وأشهد أن كل ذلك يحدث ولو عايزين بلطجية وصيع وغيره ومخدرات وغيره وكله تعالوا الشوارع الجانبية من شارع الجيش في العتبة حتي باب الشعرية وأمناء الشرطة بيقولوا للبياعين لو فيه حملة كبيرة نازلة، ناهيك عن تعاونهم مع سائقي الميكروباصات وغيره وغيره وغيره».
وقارئ ثالث يعلق:«في واحده اسمها «هبة» مشغلة أكثر من 14 فرشة تمر هندي ومأجرة حوالي 6 أماكن فيما لا يقل إيجار اليوم عن 75 جنيهاً توقف الشاب اللي جاي متغرب من بلدهم وقد يكون معاه مؤهل عالي وتاخد منه 75 جنيهاً يوميا ولو مدفعش تمشيه وتوديه قسم الموسكي وتتهمه بسرقة الصيغة كما فعلت مع الكثير وتحبسوا وتاخد الشغل اللي جايبه الواد علي حسابه. تعرفووا مين اللي موقفها «......» «ويذكر اسم قيادة كبيرة في مديرية أمن القاهرة.
وقارئ رابع يقول:«السلام عليكم أشكرك جدا علي هذا المقال الحيوي والحقيقي الذي يعبر عن الواقع المرير وكلامك كله صحيح وعلي فكرة أنا كنت بشتغل في هذه الأماكن، لأني عندما تخرجت لم أجد عملا وأعرفها جيدًا وكنت أيضا أقوم بتسليم الإتاوة لظباط الشرطة ولو تحب تعرفهم بالاسم ممكن أقولك عليهم وأنا الآن مهاجر خارج مصر وعلي فكره جميع أقسام الشرطه هكذا إلا قليل منها ولابد أن تضع في الحسبان «قسم الشرابية» فالفساد فيه بلا حدود نفس اللي قلته عن قسم الموسكي وأكثر والبلطجي الذي يجمع الإتاوات هو «محمود شنكح» وابنه «محمد» والشهير ب«ممه» يجمعون الإتاوات ويسلمونها لقسم الشرابية لنائب المأمور شخصيا وبتعليمات من المأمور لكل أفراد القسم ألا يتعرضوا لهذا البلطجي مهما عمل، فكلامك يا سيدي صحيح 100% الله يخرب بيتهم «حاميها حراميها».
وأحب أن أشير للقارئ إلي أنني تعمدت عدم نشر أي تعليقات مهينة لجهاز الشرطة أو تتهمه بالفساد، لأنني مازلت أؤكد أنه جهاز مهم لحماية أمن المواطنين حتي ولو انحرف حاليا عن مهمته سواء بالتركيز فقط علي الأمن السياسي، أو بفساد عدد من أبنائه، فما أسعي إليه هو التنبيه إلي خطورة ما يحدث علي مستقبل هذا البلد.
والكلام الذي ذكره القراء الذين علقوا علي مقالي السابق لابد أنه ينطبق علي آلاف الحالات والعديد من أقسام الشرطة، وأن جهاز الشرطة لا يتشطر إلا علي عدد من النشطاء السياسيين الغلابة، في الوقت الذي يتحالف فيه مع البلطجية ويأخذ منهم الإتاوات، ومثل هذه الحالات تتطلب تدخلاً علي أعلي مستوي ليس فقط لأن سمعة الشرطة أصبحت متدنية لدي المواطنين، الأمر الذي يعيق عمله في مواجهة المواطنين الذين أصبحوا يفتقدون الثقة فيه، ولكن لأن الأمان أصبح مفتقداً للمواطنين الذين أصبحوا عاجزين عن مواجهة هذه الظاهرة.
كذلك فإن تنامي هذه الظاهرة يعني أن مستقبل هذا البلد أصبح محفوفاً بالمخاطر، ليس لأن الدولة أصبحت علي شفا الانهيار والتفكك، لأنها عاجزة عن حماية أبنائها، وأنها تعود إلي عصر ما قبل الدولة، ولكن لأن الأجهزة تربي قنبلة موقوتة يمكن أن تؤدي بالبلد إلي الانفجار في حال ما سعت أي جهة انقلابية إلي تنظيم هؤلاء «الشراغيش» والسعي بهم إلي الانقلاب علي السلطة لمصلحة فئة من رجال الأعمال مثلا أو قرر بعض ضباط الأقسام الذين يربون البلطجية التمرد علي السلطة، فالأمر جد خطير وليس بالبساطة التي تجعل كبار رجال الدولة يتجاهلون هذه الظاهرة مع محاولة الاستفادة منها في بناء شعبية زائفة، وهو ما يحدث من بعض كبار المسئولين الذين يستفيدن من هؤلاء البلطجية في أوقات الانتخابات علي سبيل المثال، أو عندما يعقدون مؤتمراً سياسياً.
وأنا اعرف أنني أكتب عن موضوع شائك، ومعقد وخطير، لأن الأمر يتعلق بمافيا منظمة محمية من جهاز «متغوِّل» في المجتمع هو جهاز الشرطة أي أنه إيده طايلة. وعندما كتبت أول مرة حول هذا الموضوع علمت أن أحد ضباط قسم الموسكي قام بتحريض الباعة الذين يدفعون الإتاوات علي شخصيا، وعندما استمررت في الكتابة سمعت تعليقات متعددة حول أنني مثل من يؤذن في مالطة، وأنني يمكن أن «يغزني» أحد أعضاء هذه المافيات بمطواة وأنا أسير في الشارع، ولكن ذلك لن يهزني ولن يجعلني أتراجع عن مواجهة الفساد والبلطجة، خاصة أنني أري أن هذه الظاهرة تمثل خطورة علي مستقبل هذا البلد، وإن كان من يحكمونه لا يرون ذلك أو يستفيدون منه حاليا لكنه سوف ينقلب عليهم مستقبلا.
وبالطبع فإن هذه الظاهرة تفشت بسبب زيادة معدلات البطالة في المجتمع، وكان علي المسئولين الكبار- أي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء- أن يشكلوا لجاناً من أجل علاج هذه الظاهرة مثلما سارعوا إلي تشكيل لجنة تبحث عن تحايل قانوني لصالح فرد واحد من المستثمرين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.