هناك عدة طرق للسيطرة علي الشعوب، أغباها علي الإطلاق: الديكتاتورية المفرطة. تكميم أفواه الناس، مراقبة كل نفس وكلمة. عزيزي الطاغية أنت تضيع وقتك، كل ذلك يذهب هباء، إذ إن مصيرك سينتهي لنفس مصير عتريس زوج فؤادة. ما هكذا تورد الشعوب، اسمععععع خبراتنا علك تستفيد: لا تشبع رعاياك، فأنت بذلك تدفعهم دفعا للتفكير، وفي التفكير مضار كثيرة. لكن لا تكحت بطونهم جوعا حتي لا يثوروا عليك. قسم شعبك إلي فئات متفاوتة، وألحق بكل فئة منهم ظلما، تميز فيه بقية الفئات عنهم، ثم خصهم بمكرمة تميزهم بها عن بقية الفئات، وهكذا، تضمن حقد كل فئات الشعب علي بعضها البعض، فينشغلون بالتناحر. ثم قسمها إلي الطبقات الثلاث المعروفة، لكن اجعل التفاوت بينهم مريعا. الفئة الأولي هي التي تمتلك كل الثروة - لا تنس أن تعقد رقابهم بحبل من الزلات والفضائح فإذا ما نسي أحدهم نفسه ألقيت به في غيابات الجب وجعلته عبرة لإخوته - أنت تمتلك هذه الطبقة. الطبقة الثانية، وهي طبقة المنتفعين، أو ما يطلق عليهم، مجازا، الطبقة المتوسطة، مهمتها أن تعمل لدي الطبقة الأولي. يجب أن تولي هذه الطبقة اهتماما خاصا، أعط هذه الطبقة كل مظاهر الحياة المرفهة، ولا تملكهم أيا منها، سيارة مريحة، مملوكة للبنك، شقة جميلة، مملوكة للمشروع الذي أخذ قرضا من البنك، أدوات معيشية لزوم رغد العيش، مملوكة للشركة التي تحول أقساط الأدوات علي البنك. هكذا تذوق هذه الطبقة نعيم العيش، لكنها لا ترتوي منه، فهي دائما مهددة بسحب الحلم منها. أما الطبقة الفقيرة، فواجب عليك أن "تكحرتها" تماما، امسح بها البلاط، فهي موجودة لزوم إرهاب وإرعاب الطبقة المتوسطة، التي "تتقي شرها" بالتبرعات الخيرية. املأ حياة الطبقة الفقيرة بمباهج مزيفة، مثل كرة القدم، أو قضايا مزيفة، مثل العنف الطائفي الذي يشعرهم بالتطهر والتقرب لوجه الله، ولا بأس من بعض المهرجانات المبهجة مثل الموالد والانتخابات، ما همَّا غلابة برضه ولازم يفرحوا. هكذا سيدي الزعيم تخلق قاعدة شعبية مصابة بالغباء، لا تنظر لأبعد من أرنبة أنفها. حرية التعبير مكفولة للجميع. أي نعم، هي حرية تعبير محسوبة بعض الشيء، بمعني، أنها حرية تعبير مسئولة. أنت لا توجه أحدا، لكنك توصي البعض بفتح بعض القضايا والمناقشات الجانبية، وصدقني، ليس أكثر من البلهاء في كل الساحات الثقافية، ما إن يفتح في حضورهم نقاش حامٍ حول قضية تافهة، فإذا بهم ينجرون للمناقشة، وربما يتحمسون للجدل. ثم إنك إن جعلت من الطبقة المتوسطة مجموعة من أكلة العيش، فإن العاملين منهم في مجال الثقافة والسياسة والإعلام، سينشغلون بأكل العيش بطبيعة الحال، الأمر الذي يستلزم نقاشات تافهة، تغري جماهير تافهة، وتشعل نيرانا تافهة، وتدر أرباحا هائلة. حين يخيّر أكيل العيش بين قضية أمن قومي، وبين إجراء حوار يشعل فتنة طائفية مثلا، سيختار الأخير، لأنه يريد أن يسدد أقساط السيارة، والشقة، والثلاجة، والتليفزيون، والتكييف، والموبايل، واللاب توب، وشاليه مارينا. أرأيت؟ هذا أفضل بكثير من فرض برنامج أو خطة علي الناس بشكل مباشر. آدي مصر بتعلمكم وتاكل من البيت الأمريكي.