لم تكن مَلَكَهْ قد أنجبت بعد حين استأجر زوجها من أمي حجرة داخل شقتنا المكونة من ثلاث حجرات، أصرت أمي علي أن يكون إيجار الحجرة جنيهين، فالبيت صار يطل علي شارع رئيسي يجاور قسمي الشرطة، فضلا عن قربه من محطتي الديزل والأتوبيس. أسنان فتحي زوج مَلَكَهْ كانت تلتمع بشدة وهو يبتسم بخجل، ويقول لأمي أنه و مَلَكَهْ عروسان جديدان، وكانت أمي قد اضطرت إلي التأجير بعد انتهاء دفتر أبي، ومماطلة المدينين في سداد المبالغ المدونة بالدفتر، فتحي و مَلَكَهْ كانا قد جاء من بورسعيد مع هجرة مدن القناة بسبب الحرب، وبالرغم من ذلك كان فتحي يذهب إلي بورسعيد ويغيب هناك نصف شهر، ويأتي إجازة النصف الثاني من الشهر، كنت أعجب من ذهابه إلي مناطق الحرب وعودته ثانية بالرغم من ذلك، حين يعود بعد غياب أنصت للأصوات المنبعثة من حجرتهم، كان صوته خفيضاً لايكاد يسمع بالمقارنة لصوت مَلَكَهْ الذي يسمع بوضوح وهي تسخر منه ومن أمه، في إحدي الإجازات اصطحبني معه ليشتري ربطة قصب لمَلَكَهْ، قال لي إنه يعمل في هيئة قناة السويس، وأنها بعيدة عن مناطق الحرب، اشتري ربطة القصب من البائع الذي صمم علي أن يأخذ خمسة تعريفة، في حين أن أمي تشتريها بقرش ونصف، قال لي إذا سألتك مَلَكَهْ قل لها إن الربطة بقرش ونصف. كان أخويا الكبيران ينامان في الحجرة الكبيرة، في حين أنام وأمي وأختي فريدة وأخي الأصغر زين في الحجرة الجانبية، وكان فتحي و مَلَكَهْ في الحجرة المجاورة للحمام، وكنا جميعاً نستخدم حماماً واحداً بلا ترباس داخلي، وفي يوم، وكنت عائداً من المدرسة، ألقيت حقيبتي في حجرتنا، لم يكن أحد في البيت، اندفعت إلي الحمام فإذا مَلَكَهْ تقف عارية، تمسك كوزاً تصب منه الماء الساخن فوق رأسها، فيما أسمع صوت وشيش وابور الجاز تحت صفيحة المياه، تطاير رذاذ ماء من شعرها المحلول علي وجهي، كانت تضحك وتنظر إليّ : مش تخبّط قبل ما تدخل. كان مستوي رؤية عيني تجاه بطنها التي ينزلق الماء عليها، وينزل إلي الشعر الأسود النابت أسفل بطنها. قالت : أنت بتبص علي إيه يا وله؟ ناولني الليفة والصابونة. راحت تفرك الصابونة في الليفة. قالت : ليفلي ظهري بسرعة قبل ما أمك تيجي، وأنا أمرر الليفة فوق ظهرها الأبيض انزلقت من يدي علي بلاط الحمام. قالت : مانتاش عارف ياخايب أمال لما تتجوز هتعمل إيه؟ انحنيت وسط بخار المياه الساخنة، التقطت الليفة ورحت أضغطها بقوة علي ظهرها من أعلي إلي أسفل، وهي تشجعني وتقول: أيوه كده راجل.لم تندهش مَلَكَهْ حين أخبرتها أن البائع ضحك علي فتحي زوجها وباع له رابطة القصب بخمسة تعريفة. قالت إنها تعرف كل حاجه حتي دون أن يخبرها أحد بذلك. وأن فتحي مابيعرفش يفاصل. صرت أدخل حجرتها دون استئذان فأراها في قمصانها القصيرة، منحنية، أو ممددة علي سريرها الحديدي العالي ذي الأعمدة و الناموسية التي تسدل ليلاً، إلي أن لمحتني أمي من فرجة الباب أقف متأملاً الزغب الأصفر الناعم علي فخذيها، أخذتني إلي حجرتها وضربتني بقطعة من خرطوم المياه، وحظرت عليَّ دخول حجرة مَلَكَهْ، وهددتني إن فعلت ذلك ثانية ستدهنني عسلاً، وتلقيني في بئر السلم لتحب الفئران أن تأكلني، وتقرض عظامي بأسنانها. ازداد شغفي بمَلَكَهْ وبالروائح والأصوات المنبعثة من حجرتها، صرت أتحين غياب أمي وأنطلق إلي حجرتها، أرتمي في حضنها وأنا أرتعد فرحاً وخوفاً، أشعر بطراوة صدرها علي وجهي، وهي تعبث بشعري وتسألني : أنت بتحبني؟ صار السر ما بيني وبين مَلَكَهْ يكبر، أخذ السر في حضني وأنام، وفي حضور أمي وإخوتي تنظر إليّ مبتسمة، كأنها تذكرني باللحظات السعيدة التي لا توصف، بالفرحة العارمة بالاكتشاف والتلاصق، تلك الفرحة التي ولدت وسط التهديد والحظر..