لا تخلو أغلب مسلسلات رمضان من ممثل عربي يؤدي دوراً محورياً باللهجة المصرية.. لجأ البعض إلي حيلة وهي أن يزرع في الدراما معلومة تؤكد أن جذور هذه الشخصية ليست مصرية تماماً مثلما رأينا «كندة علوش» في «أهل كايرو» و«باسم ياخور» في «زهرة وأزواجها الخمسة»، ولهذا عندما تفلت كلمة هنا أو هناك لكندة أو باسم سوف يتسامح معهما الجمهور.. بينما مثلاً «سوزان نجم الدين» في «مذكرات سيئة السمعة» أفلتت منها اللهجة المصرية ولم تتم الإشارة إلي جذور شامية وبالطبع فإن كثرة استخدام تلك الحيلة لا أتصورها لصالح المشاهد فسوف يدرك مع التكرار أنها مجرد لعبة!! اللهجة هي أحد أسلحة الممثل وعندما تخونه يحدث علي الفور نوع من التباعد مع الجمهور.. فتح «جمال سليمان» الباب علي مصراعيه للنجوم العرب بعد النجاح الجماهيري الطاغي الذي حققه قبل أربع سنوات في مسلسل «حدائق الشيطان» لم يصل «جمال» للمصريين لمجرد أنه أجاد اللهجة الصعيدية ولكن صدقه الناس لأنه أجاد الإحساس بالشخصية.. المحاولة الثانية «أولاد الليل» خانته اللهجة البورسعيدية ولم يضبط الإحساس.. ثم انتقل إلي «أفراح إبليس» في دوره الأثير صعيدي ونجحت تلك الخطوة، أما هذه المرة فإنه يؤدي دور قاهري في «قصة حب» وهو واحد من أهم المسلسلات الرمضانية التي تتسلل منها قضايا المجتمع حيث يلعب دور ناظر وأستاذ في اللغة العربية.. بالتأكيد أفلتت منه بعض الكلمات المصرية لكنه قدم ما هو أهم عندما أمسك ملامح الشخصية داخلياً لرجل لم يعد لديه سوي آخر خيط عاطفي في حياته.. أما «عابد فهد» الذي أدي دور قاهري ابن بلد في مسلسل «كابتن عفت» فلقد لجأ إلي أسلوب الانتحال الصوتي حيث أضاف إلي نطق الحوار شيئاً من التضخيم.. أسلوب «عابد» الصوتي، محاولة لكي يخفي أي قصور في اللهجة علي طريقة أولاد البلد المصريين أو ما يعتقد «عابد» أن هذه هي طريقتهم.. تختلف درجة إجادة اللهجة المصرية بين فنان وآخر والأمر لا علاقة له بكثرة الممارسة ولكن الاستعداد الفطري.. فمثلاً «هند صبري» تنطق اللهجة المصرية أفضل من بعض المصريات بينما مثلاً «مادلين طبر» وجودها في مصر يصل إلي 20 عاماً ولا تزال لديها كلمات لبنانية كثيراً ما تتناثر في حوارها المصري.. أفضل ممثل سوري يؤدي اللهجة المصرية هو «تيم حسن» وأفضل ممثلة سورية «جومانة مراد».. وجود عدد ضخم من الفنانين العرب في الدراما المصرية ليست له علاقة باللهجة لكنه يخضع لقانون اقتصادي، حيث يفرض التسويق أسماء بعض الفنانين العرب.. الفضائيات المنتشرة لعبت هذا الدور وصار الجمهور يتقبل تلك الحالة من تعدد الجنسيات ويظل أن القدرة علي ضبط اللهجة المصرية ليست هي بالتأكيد الترمومتر الحقيقي لقياس موهبة الفنان ومدي نجاحه ولكن قدرته علي توصيل الإحساس تلعب دوراً أكبر وهكذا مثلاً لم تنضبط اللهجة المصرية تماماً مع «جمال سليمان» ورغم ذلك فلا يزال يحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين!!