أعرف أنك تحمل هم المصاريف في مصر، هي صعبة لكنها لن تقودك إلي التسول وإذا اضطررت إليه، ممنوع التسول أمام المصالح الحكومية فلن تجد شخصًا يتعاطف معك لأن الناس تخرج من هذه الأماكن كفرانة، فيما عدا ذلك نحن شعب طيب فنحن الشعب الوحيد الذي يشتري «ماء تواليت» في زجاجات ولها ماركات شهيرة مثل «الشبراويشي»، ونحن شعب مضياف شعارنا في التجمعات «أقعدوا بالعافية »، ونحن الذين نشك دومًا في الشحاتين ونغلق آذاننا أمامهم، بينما نذهب إلي النصابين بأقدامنا ونستحلفهم بالله أن ينصبوا علينا، ونحن الذين وافقنا علي مبدأ أن القانون لا يحمي المغفلين، ولم يكن هذا نكاية في المغفلين بل كان من أجل توفير فرصة عمل للبلطجية القادرين علي استرداد الحقوق الضائعة بمهارة يحسدون عليها، في كل الأحوال أرجوك لا تشعر بالقلق من الزحام فنحن شعب نزيد بمعدل أسرع من المعدل الذي زادت به اتصالات في 3 سنيييين، لأننا لم نقتنع بشعار «قبل ما نزيد مولود نتأكد أن حقه علينا موجود» حيث إن الموجودين منذ سنوات أصلاً حقوقهم ضائعة، ونحاول أن نحسن أوضاعنا بزيادة أعدادنا كما فعلت الصين، لا يوجد صيني واحد لديه شك في أن المولود الجديد سيزيد دخل أسرته لأن الرك علي الحكومة التي تجيد استعمال هذه الزيادات، ونحن نستخدم هذه الزيادات بعقلية محدودة، فنمنحهم الفرصة للعب أدوار مجاميع في المسلسلات التاريخية أو لعب دور حائط بشري عند مرور تشريفة السيد الرئيس أو أتوبيس المنتخب الوطني، ونتخلص من الفائض بالحرائق الجماعية في القطارات والمسارح أو العّبارات المثقوبة أو عن طريق صخور جبل المقطم. عموما عندما تنوي أن تقضي مشوارًا في شوارع القاهرة ابتعد عن ساعات الذروة (من 8 صباحًا حتي الحادية عشر مساء)، وإذا اضطرتك الظروف للحركة في غير هذه المواعيد فلا تطلب تاكسيًا ولكن اطلب دليفري ماكدونالدز، وتفادي أن تضطرك الظروف لأن تسلك الطرق التالية «نزلة المحور في ميدان لبنان - كوبري أكتوبر - إشارة العباسية - شارع الأزهر - إشارة رابعة العدوية - ميدان الحلمية - نزلة رمسيس - ميدان الإسعاف - دخلة فيصل - ميدان الجيزة»، فيما عدا ذلك يمكنك التحرك براحتك في اي مكان أو أي وقت يحلو لك لكن لا تعطي وعدا لأحد بموعد ما لأنك ستفقد مصداقيتك بمرور الوقت، ومن أجل الإلتزام بموعد مع شخص ما لأمر يهمك يفضل أن تبات قبلها بليلة في أقرب نقطة من مكان اللقاء، عمومًا لا تشغل بالك بموضوع المواعيد لأن الفكرة اتضربت مننا خلاص فقد صرنا نعطي بعضنا مواعيد خرافية مفتوحة لا يملك أحد أن يمسك بك متورطًا بعدم الوفاء بها مثل «بكره العصر .. بعد الماتش.. علي تمانيات .. علي عشرة حداشر .. هاكلمك وأنا في الأنحاء .. أول ما أبقي عندك هارن لك .. هاخلص ونتقابل ... هاريح ساعتين وآجي لك»، حتي في السينما «حفلة تسعة تبدأ عشرة وربع»، هناك دائمًا فرق توقيت لا يقل عن ساعة ولا يزيد علي أسبوع، ربما ستندهش لأن الشخص الذي غير وجهة نظر العالم في موضوع الوقت واخترع وحدة قياس للوقت جديدة اسمها الفيمتو ثانية كان مصريًا د.أحمد زويل، الأنقح أن مخترع لعبة اسمها كرة (السرعة) مصري أصلاً، لا تندهش ولا تحاول أن تربط بين زويل وكرة السرعة وطبيعتنا كمصريين لأنك تعرف جيدًا أن الإبداع يتولد من رحم المأساة، والمأساة أكبر مما تصور، يكفيك أن تعرف أنه في مصر فقط دون سائر بلاد العالم القطن علي العروسة لكن أجرة التنجيد علي العريس.
