أثار قرار نيابة الأموال العامة بحفظ التحقيقات في قضية «مدينتي» جدلاً واسعاً داخل أوساط نواب مجلس الشعب وممثلي الحركات والتيارات السياسية المختلفة حول مدي تأثير هذا القرار في حكم الإدارية العليا المقرر صدوره في أول سبتمبر المقبل ببطلان عقد «مدينتي» أو إلغاء حكم القضاء الإداري والقضاء بصحة عقد مدينتي. فأكد سعد عبود النائب عن حزب الكرامة في مجلس الشعب أن قرار نيابة الأموال العامة لن يؤثر مطلقاً في سير أحكام مجلس الدولة، مضيفاً أن قرار حفظ التحقيقات لا ينفي وجود جريمة ومخالفة صريحة للقانون، ولفت إلي أن تجار المخدرات قد يحصلون علي براءة لعدم كفاية الأدلة أو لعدم ثبوت الاتهام، ولكن هذا لا ينفي أنهم تجار مخدرات، وأضاف عبود: نحترم قرار النيابة إذا لم يثبت عكسه، وقال من الممكن أن يعاد طرح أمر وجود شبهة الإهدار المال العام في بيع أرض «مدينتي» لهشام طلعت مصطفي علي النائب العام مرة ثانية وثالثة ورابعة، ولفت إلي أن محاكم مجلس الدولة تختص بالفصل في شرعية القرارات الإدارية وإقرار نيابة الأموال العامة بأن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الخاص بعقد بيع أرض «مدينتي» أشار إلي بعض المخالفات لا يستدل منها علي ما يفيد بأن هذه الأرض قد تم تخصيصها بسعر أقل من ثمن الأرض وقت التخصيص، وأن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قامت شأنها شأن جهات وهيئات حكومية أخري بمخالفة قانون المناقصات والمزايدات، يعني أنها لم ترتكب جرائم يعاقب عليها المسئولون بالسجن ولكنها خالفت نصوص القوانين ولم تتبع السبل القانونية في إبرام التعاقد، ومن ثم فتخضع لرقابة القضاء الإداري لبطلان العقد، وشدد عبود علي أن المحكمة الإدارية العليا أحالت طعن هشام طلعت مصطفي وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للمفوضين دون وقف حكم القضاء الإداري ببطلان عقد «مدينتي» بهدف تحضيره لدائرة الموضوع، مما ينبئ بأن المحكمة استشعرت أن حكم القضاء الإداري قام علي أسس سليمة. وعلي الجانب الآخر، أكد الدكتور جمال زهران أحد أعضاء مجلس الشعب المطالبين بالتحقيق في قضية إهدار المال العام في بيع أرض «مدينتي»- أن قرار نيابة الأموال العامة بحفظ التحقيقات ما هو إلا محاولة من الدولة للضغط علي السلطة القضائية؛ لأن صدور حكم من القضاء الإداري ببطلان عقد «مدينتي» وتأييده من الإدارية العليا يزلزل عرش الفساد في مصر، وأضاف زهران: أن الحجج الواهية التي استندت إليها نيابة الأموال العامة لحفظ التحقيقات والمتمثلة في التقليل من قيمة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات والتقليل أيضاً من مخالفة نص قانوني «قانون المناقصات والمزايدات» تكشف عن أن الحكومة أعطت الضوء الأخضر لرجالها لمحاربة حكم القضاء الإداري والحفاظ علي كراسي الوزراء والمسئولين، وأضاف زهران: سبق وتقدمت بطلب إحاطة لوزير العدل عن أسباب زيارته المفاجئة للرأي العام لمجلس الدولة واستجابته لجميع مطالب مستشاريه علي عكس المعروف عنه، وعن أسباب تخصيص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ل10 آلاف متر لمجلس الدولة، وأضاف: الحكومة بتضغط بكل ما تملك علي القضاء والنيابة العامة ليحاوطوا مجلس الدولة، وشدد زهران: النيابة العامة تحاول تشويه صورة وقيمة الجهاز المركزي للمحاسبات وتجعل تقريره مجرد حبر علي ورق، ففي الوقت الذي يصدر الجهاز تقريراً يؤكد إهدار المال العام في بيع أرض مدينتي لشركة هشام طلعت مصطفي، تقول نيابة الأموال العامة إن التقرير لم يوضح ما إذا كان البيع بسعر أقل من القيمة السعرية للأرض أم لا؟ وهو ما يجعلنا نتيقن بأن الجهاز لا قيمة له ولا لتقاريره. وأكد زهران أن قرار نيابة الأموال العامة خطوة قوية للسيطرة علي حكم المحكمة الإدارية العليا، خاصة في ظل عمل مستشاري دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لمستشارين قانونيين لدي رئيس الجمهورية وعدد من الوزراء، وقال زهران نحن أمام نموذج لقضاء الحكومة العامل علي حماية مصالحها. وأكد زهران أن نواب مجلس الشعب لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيتقدموا ببلاغ آخر للنائب العام للتحقيق في الفساد المستشري في قضية بيع أرض «مدينتي». أما المهندس حمدي الفخراني صاحب دعوي بطلان عقد «مدينتي» فيري أن قرار نيابة الأموال العامة يؤكد أن المحكمة الإدارية العليا ستقبل طعن الحكومة وستلغي حكم القضاء الإداري ببطلان عقد «مدينتي»، وأضاف الفخراني: الحكومة رفضت أن تأخذ 300 مليار جنيه حق الشعب في بيع أرض «مدينتي» وشدد الفخراني علي أن هناك تعليمات مشددة من الحكومة للتصدي لحكم مجلس الدولة بجميع الطرق، الأمر الذي جعل- الكلام مازال علي لسان الفخراني رئيس الوزراء ووزير الإسكان يقابلان رئيس مجلس الدولة قبل حجز الطعن للحكم بعدة أيام وتلي هذا اللقاء لقاء آخر يجمع رئيس مجلس الدولة برئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ووزير العدل يخصص بعده رئيس الهيئة 10 آلاف متر لإنشاء مقر لمجلس الدولة بالقاهرة الجديدة، وقال الفخراني أري أنه من المستحيل أن تؤيد دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا حكم القضاء الإداري، ولفت إلي الدولة تتسول التبرعات لمعاهد السرطان صباحاً ومساء رغم أنها رفضت أن تأخذ 300 مليار جنيه وتركتهم لهشام طلعت مصطفي ليصرفهم علي الراقصات، وشدد الفخراني علي أن القانون ينص علي أن دعوي البطلان لا تسقط إلا بعد مرور 15 سنة من تاريخ التعاقد، وبما أن عقد «مدينتي» أبرم عام 2005 فمازال أمامه 10 سنوات ليقيم خلالها دعاوي لبطلان عقد «مدينتي»، وأضاف: الدولة في ردها أمام المحكمة الإدارية العليا طالبت بقبول الطعن وإلغاء حكم القضاء الإداري مستندة إلي انتفاء الصفة والمصلحة لنا في إقامة الدعوي رغم أن مواد الدستور تؤكد أن الملكية العامة تخضع لرقابة الشعب وتحميها الدولة، فإن دفاع هشام طلعت مصطفي يري أن أصحاب الصفة والمصلحة الوحيدين في أرض «مدينتي» هم هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهشام طلعت وورثته، وأضاف الفخراني: نيابة الأموال العامة قالت إن هناك جهات أخري غير هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قد أجرت تصرفات في أملاكها وفق أحكام قوانينها الخاصة بعد إصدار قانون المناقصات والمزايدات رغم أن هذا يخالف نص 21 فتوي صادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع أعلي جهة قضائية وإفتائية في مصر بعد المحكمة الدستورية العليا.