في خطوة اعتبرتها القيادة العراقية وسيلة لحماية الإعلاميين والحفاظ علي حياتهم، بينما اعتبرها الإعلاميون أنفسهم مزحة ثقيلة ومحاولة لاعتقالهم بصورة جماعية، أعلنت قيادة عمليات بغداد عن رغبتها في بناء مدينة لحماية الإعلاميين، علي أن يقوم بحماية هذه المدينة الإعلامية قوات الدفاع والداخلية. وهذه الفكرة تعتبر مثيرة للدهشة لعدة أسباب من بينها أن هذه التصريحات جاءت علي لسان اللواء قاسم عطا- المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد- والذي يعد أحد المسئولين في تركيبة الاحتلال وقوات حفظ الأمن، وبالتالي فإنه أحد الذين يتحملون مسئولية كل ما أصاب الإعلاميين علي مدي السنوات الأخيرة. ثانيا، إن من سيقوم بحماية هذه المدينة هم أفراد الدفاع والداخلية، وهي القوات التي عرفت في السنوات الأخيرة بإرهاب الناس واختطافهم، منذ بداية تشكيلها استنادا إلي المحاصصة الطائفية وبوجود المستشارين الأمريكيين، ووفقا لتقارير المنظمات الحقوقية العالمية مثل منظمة «العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش» فهي التي تقوم بمداهمة البيوت والمؤسسات وارتكاب الجرائم واحتجاز العناصر الناشطة في معتقلات يتفنن أفرادها بطرق التعذيب الحديثة. ثالثا: إن هذه المدينة الإعلامية حال إنشائها في ظل هذا النظام، فإنها ستتحول إلي معتقل تسهل السيطرة عليه، لا سيما في ظل قوات الأمن التي تمتلك حرية المداهمة والسيطرة الكلية بهدف تحجيم دور الإعلام. وقد علل اللواء «عطا» فكرة بناء مدينة للإعلاميين لسببين أساسيين:الأول، هو الانتشار العشوائي لوسائل الإعلام في مناطق متفرقة من بغداد الذي أثر بشكل سلبي في توفير الحماية اللازمة لها، ثانيا: أن وجود 50 محطة فضائية و20 محطة إذاعية إضافة إلي عدد كبير من الصحف والمجلات ووكالات الأنباء في بغداد، بحاجة إلي جهد أمني كبير لتوفير الحماية لها. ومن ثم، فقد وضعت القيادة خطة لحماية الإعلاميين تمثلت في محورين رئيسيين هما: إنشاء مدينة إعلامية تضم جميع وسائل الإعلام مما سيسهل أمر حمايتها، وثانيا: إن القوات التي ستنفذ الخطة تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية مجهزة بالمعدات والأسلحة المتطورة والحديثة. ويواجه الإعلاميون وضعا مأساويا، إذ تنوعت سبل تصفيتهم من قبل الاحتلال وحكوماته منذ عام 2003 وحتي اليوم، إذ يحتل العراق المرتبة الأولي بين الدول التي لم يتم التحقيق فيها بجرائم قتل الصحفيين كما لم يتم حل أي منها، حسب لجنة حماية الصحفيين الدولية. وتتراوح أساليب إخماد أصوات الصحفيين والإعلاميين ما بين التصفية الجسدية «163 صحافيا» والاعتقال والتهديد والترويع والاختطاف «اختطف 64 صحفياً ومساعداً إعلاميا قتل أغلبهم ومازال 14 منهم في عداد المفقودين». وتواصل قوات الاحتلال الأمريكي بالاشتراك مع الجيش العراقي استهداف الصحفيين، حيث قامت في 19 مايو 2010، بالاعتداء علي محمد جليل، مصور ومراسل وكالة الأنباء الألمانية في الفلوجة، إذ اقتحم جنود من الجيشين منزل الصحفي وأبرحوه ضرباً ومن ثم عمدوا إلي مصادرة جهاز اللاب توب الخاص به وكاميراته الشخصية دون أن يتقدّموا بأي تبرير لأسباب هذا الاعتداء حسب لجنة حماية الصحفيين الدولية.