نشرت إحدي الصحف في صفحتها الأولي أمس خبرًا يقول إن حزب الست الحكومة في محافظة الإسكندرية قام بتسعير طلبات الراغبين في المنافسة علي دخول قائمة الحزب في الانتخابات التشريعية المزورة المقبلة بمبلغ 16 ألف جنيه يدفعها «طالب القرب» النيابي الحكومي مقابل فقط الحصول علي فرصة تداول اسمه في أوساط قيادة عصابة «القط الأسود» التي سوف تقرر في النهاية من هو سعيد الحظ وسيئ السمعة الأكثر تأهلا للفوز بعضوية القائمة الرسمية لركاب «سيارة ترحيل» وتهريب رجالات الحزب القساة الأشداء من «النيابة العامة» إلي مقاعد النيابة البرلمانية المسروقة!! ورغم أن خبر الصحيفة خلا من أي إشارة إلي أسعار «طلبات القرب» الترحيلي التشريعي التي قررتها قيادات حزب الست في باقي الدوائر والمحافظات، فإنني أتوقع أن بعضها قد يتجاوز أضعاف الرقم المذكور أعلاه خصوصًا تلك التي تشهد زحامًا شديدًا من أصحاب السوابق الذين يتكالبون علي شراء الحصانة البرلمانية للفرار من وجه العدالة، وكذلك الدوائر التي تتمتع بموقع جغرافي ممتاز «علي ناصية مثلا» ومنظر أو«فيو» ساحر .. كأن تكون شبابيك الدائرة مطلة علي حديقة غناء تحولت لخرابة بعد تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس، أو دائرة أخري يستطيع النائب المزور أن يري البحر من بلكونتها..إلخ. وإذا كان في مصر حاليًا حمار طيب قرأ السطور السابقة ولم يفهم وظل محتفظًا بقدرته علي الدهشة والتساؤل بعبط: لماذا يدفع أحدهم (ولو حرامي) هذا المبلغ مقابل مجرد تسجيل اسمه في كشوف الطمعانين في الحصانة البرلمانية مع أنه قد لا يفوز بالترشيح من أصله؟ ومن أين أتت قيادة حزب الست بكل هذه الجرأة والثقة في استجابة القطعان التي تقودها وانصياعها لهذه «الإتاوة» التي من الواضح أنها «عربون» أو «رسم حجز» فقط وسوف يتبعها في حالة صدور قرار «التخصيص» التزامات مالية أخري باهظة جدًا؟! أقول، لو أن هذا الحمار الطيب مازال علي قيد الحياة فلا يوجد أي بأس ولا مانع عندي أن أضرب صفحًا عن غباوته وحمريته وأجاوب عن سؤاله المزدوج بالآتي: أولاً: أعد قراءة هذه السطور كلها مرة ثانية (وثالثة لو عندك وقت) لأن التكرار كما لايغيب عن فطنتك يفيد الحمار العادي عادة، وقد تكون من هذا النوع. ثانيًا: إذا نفذت النصيحة السابقة واكتشفت أنك حمار من النوع غير العادي بدليل أنك مازلت لا تعرف لماذا يدفع الطامعون في نشل المقاعد النيابية (وبعضهم من «أصاحب السوابق» التشريعية المتمرسين) هذه المبالغ الضخمة لشراء«سمك في ميه»، ولماذا يثق قادتهم أن هؤلاء لن يتمردوا وسيدفعون صاغرين؟ .. فاعلم يا أخي الحمار أنك أتعبتني وغَلبت حماري معاك تمامًا، ليس لأنك أحمر كثيرًا مما ظننت ويستعصي عليك إدراك حقيقة أن الاستثمار في النيابة المسروقة والحصانة المزورة يحقق أعلي عائد استثماري في الدنيا ويتفوق علي التجارة في المخدرات أو يسهل مزاولتها ويضاعف أرباحها علي الأقل، لكن الأنكي والأخطر من ذلك أن حضرتك لا تبدو متمتعًا ولا مطلعًا علي قيم ومبادئ «الفكر الجديد» التي تحض أعضاء عصابة «القط الأسود» علي التعاضد والتكافل ومن ثم المشاركة الجماعية في تحمل تكاليف معركة تزوير إرادة الشعب المصري، علي أساس أن «ثمار التنمية» في النهب ستأكلها العصابة كلها وستدخل كروش الجميع ودون فروق كبيرة بين العضو المتحصن في مبني المجلس الموقر أو شقيقه القاعد في «الوكر» !!