في مصر مشروع ثقافي ضخم، يعرف باسم (القراءة للجميع)، وبغض النظر عن أن القائمين علي المشروع لا يؤمنون به، بقدر ما يؤمنون بالمكافآت والحوافز والبدلات، التي يحصلون عليها منه، فالواقع أن تسمية المشروع خاطئة تمامًا؛ لأن القراءة فيه ليست أبدًا.... للجميع... في مصر فئة، يقال لها المكفوفين، فاقدي البصر، الذين يعتمدون علي حواس أخري، بخلاف حاسة الإبصار، وهؤلاء لا يمكنهم قراءة كتاب مطبوع، وإنما يعتمدون علي وسيلتين لا ثالث لهما.... الكتب المطبوعة بطريقة برايل، أو الكتب المسموعة، والمشروع الضخم العملاق، الذي أثري العاملين فيه (ماديًا) تجاهل تمامًا هذه الفئة، ولم يهتم بها كثيراً، فمع كثرة ما أنتجته المطابع من أجل المشروع، من كتب لم يعد يقرأها أحد، لم نجد ولا حتي 1% منها مطبوعاً بطريقة برايل، ولا توجد منها كتب مطبوعة.... حتي القرآن الكريم نفسه، مطبوع بطريقة برايل، بأسعار خرافية، تمنع المكفوفين من قراءة دينهم نفسه، ولأنه ليس بين المسئولين مسئول واحد كفيف، فإن أحداً لم يهتم بهذا، ولم يبذل أدني جهد من أجل توفير سبل الثقافة للمكفوفين، وطه حسين رحمه الله منذ زمن، ولم يأت بعده مثله، ربما لأنه ليس بين المنافقين كفيف، يتحسَّس طريقه إلي السلطة... القراءة إذن، كما تبين، ليست للجميع.... إنها فقط للمبصرين، أما رعاية المعوقين، فقد اختصرناها إلي تدليع اسمهم، من معاقين، إلي ذوي احتياجات خاصة، وفعلنا كل ما يلزم؛ لعمل أكبر شو إعلامي ممكن، دون توفير احتياجات المعاقين الفعلية... راجعوا الأمور كلها أيها السادة الأصحاء، وتخيلوا أنفسكم في موقع المعاقين، وهذا يمكن حدوثه في لحظة واحدة، لو شاء العلي القدير، وابذلوا قليلاً من الجهد الحقيقي من أجلهم، ولن أقول لكم راعوا ضمائركم، لأنني واثق من أن ضميركم مستريح.... في تربته..