150 ورشة رخام تقريباً، توجد وسط منطقة «الدريسة» بمحرم بك، المكتظة بأعداد هائلة من السكان الذين يشكون دوماً من الأتربة والغبار الذي يحاصرهم ليل نهار، بسبب هذه الورش، مما أدي لإصابة أغلبهم بأمراض الصدر والربو، وبالرغم من سعي المحافظة إلي إصدار قرار بنقل الورش خارج المناطق السكنية، فإن فساد المحليات وعدم توفير أماكن بديلة مازال يقف حاجزاً أمام تنفيذ تلك القرارات. لم يقف الأمر علي إصابة الكبار في المنطقة وحسب، بل أصاب أطفالهم أيضاً بأمراض ضيق التنفس الناتجة عن أمراض الصدر والحساسية، وقالوا إنهم ينفقون مبالغ طائلة لا تتناسب مع محدودية دخلهم علي علاج أطفالهم من هذه الأمراض التي يسببها غبار الورش، حيث قالت ربة منزل: طفلي مصاب بأمراض صدرية وبالأمس فقط أنفقت علي علاجه تسعينجنيهاً، بالإضافة إلي مصاريف الكشف والتنقل علي الرغم من أننا أسرة بسيطة ولا تمتلك الكثير من المال، لافتة إلي أن ابنها ليس الحالة الوحيدة المصابة بهذا المرض، بل إن معظم أطفال المنطقة يعانون من المشكلات نفسها منذ ولادتهم بسبب غبار الورش، وطالبت المحافظة بنقل هذه الورش خارج المناطق السكنية. بينما أكد آخرون علي نية أصحاب الورش لاحتلال المنطقة وإخراج السكان منها وذلك من خلال إقناع بعض سكان الأدوار الأرضية ببيع شققهم لتتحول مساكن المنطقة بالكامل في النهاية إلي معارض وورش رخام، يأتي ذلك في الوقت الذي يشتكي طلبة المنطقة من الضوضاء التي تتسبب فيها أصوات الصواريخ بالورش والمستمرة طوال اليوم أثناء فترة الدراسة، بالإضافة إلي المشكلات التي غالباً ما تحدث بين أهالي المنطقة وأصحاب الورش بسبب الضجيج والإزعاج. ويؤكد الأهالي أن هذه الورش غير مرخصة من الحي، وقالوا إنها تفتقد لعوامل الأمن الصناعي، ومع ذلك فإن الحي لم يتحرك تجاه الشكاوي التي تقدمنا بها، منتقدين وجود بعض اللجان البيئية التي تقوم بالتفتيش علي المنطقة، وقالوا إنها في غالب الأمر لا تفعلشيئاً، مشيرين إلي قيام أصحاب الورش بتقديم رشاوي لهذه اللجان في مقابل عدم كتابة تقارير تفيد بخطورة ورشهم علي صحة المواطنين، ليبقي الحال علي ما هو عليه، وليستمر الأهالي في معاناتهم اليومية. بدورهم اعترف أصحاب الورش ل«الدستور» بالأضرار التي يتسببون بها للأهالي، مؤكدين عدم وجود حلول أخري أمامهم، وأضافوا إن المحافظة لم توفر لهم بديلاً، حيث يعترف أحمد خليل صاحب ورشة نجارة بالخطر الدائم الذي تسببه الورش علي سكان المنطقة، وقال: عدم تضرري من هذه الورش لا ينفي أن غبارها شديد الخطورة علي صحة المواطنين بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة، ويواصل: إذا كنت من سكان هذه المنطقة فلن أسمح تماماً بوجود مثل هذه الورش بالقرب من منزلي، موضحاً أن معظم أهالي المكان لا يستطيعون فتح شبابيك شققهم خوفاً من الغبار الذي يغطي الأثاث داخل المنازل، الذي يؤثر في البيت بأكمله. ويقول رأفت البطيخي صاحب ورشة رخام هذه المنطقة في الأساس منطقة صناعية والسكان هم من أتوا إلينا بالرغم من علمهم بوجود ورش رخام بالمنطقة، وتساءل: فأنا علي سبيل المثال قمت بشراء قطعة أرض لإنشاء ورشة رخام، في حين قام غيري بشراء قطعة أرض وبناها ليسكن فيها هو وأسرته، فأين الخطأ إذاً؟! ويكشف أصحاب الورش عن وجود نية لدي المحافظة لنقل الورش خارج المناطق السكنية، وقالوا: إن هناك إخطاراً وصلهم من قبل المحافظة يفيد بنقل الورش خارج المناطق السكنية، وأنه يجب علينا أن نقوم بإخلاء الأماكن من الآلات والمعدات، كما أرسلت البيئة لجاناً للعمل علي حصر عدد الورش الموجودة داخل المنطقة، وتساءلوا: إلي أين نذهب بمعداتنا التي كلفتنا مئات الآلاف من الجنيهات؟ وقالوا إن عمالهم أصبحوا مسئوليتهم مادامت المحافظة لم توفر لهم الأماكن البديلة، وطالبوا المسئولين بتوفير البديل خشية من تشريد الآلاف الذين يعتمدون في أرزاقهم علي هذه الورش.