القوانين المثيرة للجدل مثل الإرهاب وبناء دور العبادة سيتم تعليقها عاطف البنا عام 2010 ليس عاما عاديا بكل المقاييس، فهو عام غني بأحداثه فسيكون شاهدا علي انتخابات مجلسي الشعب والشوري وستكون المرة الأولي التي يتم فيها إجراء انتخابات مجلس الشعب بلا إشراف قضائي. ولأن الساحة القانونية والدستورية تشهد أيضا حالة من الجدل بين المطالبة بصياغة دستور جديد وبين الاكتفاء بتعديل بعض مواده، خاصة المادة 76 الخاصة بشروط الترشح لمنصب الرئيس. ذهبنا إلي الدكتور عاطف البنا- أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة- لنسأله كيف يري مصر في 2010 فكان هذا الحوار. هل تري أن الأوضاع في مصر خلال 2010 ستكون في تقدم أم تأخر؟ - أعتقد أنه لن تحدث تغييرات بشكل كبير أو حتي صغير علي أي صعيد خلال هذا العام وأري أن2010 لن يختلف كثيرًا عن 2009. إذن فأنت لا تتوقع إجراء تعديلات بالدستور خلال عام 2010؟ - نعم لا أتوقع حدوث تعديلات دستورية بالرغم من أن كل القوي السياسية تطالب بتعديلات وبصفة خاصة المادة 76 الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية والتي بوضعها الحالي تمنع الترشيح عما يزيد علي 95% من المصريين وتقصره علي مرشح الحزب الحاكم ومعه ما يتراوح بين 3 و 6 أحزاب أخري علي الأكثر، أما المستقلون فنص المادة 76 يشترط حصولهم علي تزكية 250 عضو من مجلسي الشعب والشوري اللذين يسيطر عليهما الحزب الوطني مما يمثل إهدارًا لحقوق المرشحين والناخبين أيضا، حيث لا يمكنهم الاختيار العادل بين مرشحين حقيقيين. ولكن ماذا لو تم القيام بضغط شعبي قوي من أجل تعديل هذه المادة؟ - في هذه الحالة إذا وجدت ضغوط شعبية قوية وواسعة متمثلة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وجميع القوي المعارضة بالإضافة إلي مفكرين ومثقفين وكانت ضغوطاً واسعة ومستمرة فقد يتم تعديل المادة ولكن بالرغم من تزايد التحرك الشعبي فإنني أراه مازال محدودًا ولن يستطيع تحقيق هذه الخطوة،أما السيناريو الآخر لتحقيق هذا التعديل المنشود فسيتم في حالة إذا حدث وهدي الله قيادات النظام فجأة لتصحح أخطاءها وتبدأ بالتفكير بروح الحرص علي المصلحة العامة للبلد بدلا من المصلحة الخاصة لبعض الأفراد المسئولة فيها ولكني أري أن هداية النظام إلي الديمقراطية فجأة في 2010 احتمال ضعيف. هل تري أن مصر في حاجة إلي كتابة دستور جديد أم تعديل لبعض المواد سيئة السمعة مثل 76 و 77و 88 و 197 ؟ - بالتأكيد مصر تحتاج دستوراً كاملاً جديداً ولكن إذا لم يتسن ذلك فعلي الأقل يتم تعديل هذه المواد الأربع بشكل خاص، فالمادة 76 تمنع أكثر من 95% من الترشيح لمنصب الرئاسة، أما المادة 77 فهي كارثة الدستور التي تسمح لرئيس الجمهورية بعدد لا نهائي من الفترات الرئاسية ويرجع ذلك إلي عام 1980، حيث تم تعديل حرف واحد في المادة وجعلها من «مدة رئاسية أخري» إلي «مدد رئاسية أخري» وأري ضرورة إعادتها إلي صيغتها الأولي، والمادة 88 ألغت الإشراف القضائي علي الانتخابات الذي يجب أن يحتمه الدستور علي كل لجنة من لجان الانتخاب حتي اللجان الفرعية، لأنه أهم ضمانة لنزاهة الانتخابات، أما المادة197 فهي تمنح قانون الطوارئ ثوبًا دستوريًا تحت مسمي قانون الإرهاب. هل تري أن عام 2010 يمكن أن يشهد تعديلاً للمادة الثانية من الدستور إرضاء لبعض التيارات التي ترفضها داخل المجتمع المصري خاصة مع زيادة الحوادث الطائفية؟ - لا أعتقد أن ذلك سيحدث لا في 2010 ولا في غيره وأنا أندهش كثيرًا من هذا المطلب وأراه غريبًا علي مجتمعنا لأنه يلغي هويتنا علي مدي 14 قرناً من الزمان وهي بالفعل تكفل الحقوق لجميع المصريين وليست سببًا في انتقاص حقوق المواطنة المصرية. شهد عام 2009 طرح مشروعات لصياغة دستور جديد لمصر مثل اقتراح الأستاذ محمد حسنين هيكل بتشكيل مجلس صياغة الدستور أو طرح الدكتور عبد الحليم قنديل جمع توكيلات من المصريين لصالح جمعية تعيد كتابة الدستور.. فهل سيشهد عام 2010 تحقيق هذه المشروعات؟ - أنا أعتبر أن هذه المشروعات نوع من العمل السياسي الشعبي، وإذا تم الإعداد له جيدا وكان الضغط الشعبي واسعاً وقوياً فقد يوفق أصحاب هذه المشروعات ولكن تبقي مشكلة فيمن يطرح هذا الدستور؟ المفترض أن الطرح يكون إما من جانب الرئيس أو مجلس الشعب وليست هذه هي المرة الأولي التي يتم فيها التفكير في صياغة دستور مصري جديد، فقد حدث ذلك في أوائل التسعينيات، حيث كنا مجموعة أنا وآخرين مع الدكتور حلمي مراد_رحمه الله_عكفنا لمدة سبعة أشهر علي صياغة دستور جديد استعنا في كتابته بشخصيات سياسية وقانونيين بالإضافة إلي رجال قضاء سابقين وتمت طباعته وتوزيعه بمعرفة الأهرام ولم تحدث أي استجابة له ولذلك لا أعتقد أن الدستور الجديد سيتم تنفيذه ولكنها خطوة جيدة ووسيلة إيجابية لنشر المطالب الشعبية. سيشهد عام 2010 انتخابات مجلسي الشعب والشوري.. ما السيناريو الذي تتوقع حدوثه فيهما؟ - أتوقع السيناريو المعتاد من حيث التلاعب في النتائج وكالعادة سيسيطر الحزب الوطني علي الأغلبية الساحقة، بينما يحصل المستقلون علي عدد مقاعد قليل جدا أعتقد أنه سيكون أقل من المجلس الحالي، خاصة في ظل غياب إشراف القضاء علي العملية الانتخابية مما سيسمح بتزوير أوسع. هل تتوقع قيام مجلس الشعب بتمرير قانون الإرهاب هذا العام؟ - لا أتوقع تمريره..لأن ذلك يعني إلغاء حالة الطوارئ الموجودة والإفراج الفوري عن كل المعتقلين بموجبها وأغلبهم سياسيون وهنا يجد النظام نفسه في أزمة ولذلك يتم تأجيل قانون الإرهاب منذ سنوات،وفي رأيي أننا لسنا في حاجة إليه ولدينا قوانين جنائية كافية ووافية ولكن قانون الإرهاب وجه آخر مقنن لقوانين الطوارئ سيئة السمعة. وماذا عن قانون بناء دور العبادة الموحد؟ - لا أعتقد أيضا أنه سيتم إصداره ،وأري أن بناء المساجد والكنائس يجب أن يكون باعتبارات المكان وعدد السكان ومدي حاجتهم بشكل بسيط في التعامل، لأننا مسلمون ومسيحيون نعيش منذ قرون معا ولم تكن هناك مشكلة حول بناء دور العبادة، ولذلك أري أن عدم صدور هذا القانون لن يؤدي إلي أوضاع سيئة وكذلك فإن صدوره لن يؤدي إلي أوضاع أفضل. عام 2010 هو عام التجهيز والحسم بالنسبة للانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد للمرة الثانية عام 2011.. فماذا تتوقع أن يحدث هذا العام في هذا الشأن؟ - سيكون هناك صمت تام من قبل الحزب الوطني وسط الضوضاء والتكهنات وسيأتي قبل الانتخابات بفترة قصيرة معلنًا مرشحه للرئاسة وسيترشح معه شخصان أو ثلاثة من أحزاب أخري والنتيجة معروفة ومحسومة لصالح الحزب الوطني. من تتوقع أن يكون مرشح الحزب الوطني مبارك الأب أم الابن؟ - لا أدري..هذا يسألون هم عنه. هناك دعوي قضائية أقيمت ضد بعض المسؤلين بالحكومة بسبب بناء الجدار الفولاذي علي الحدود مع قطاع غزة والذي أثير في آخر أيام 2009.. فكيف تتوقع سير هذه القضية؟ - بداية أنا أؤكد أنني ضد هذا الجدار العازل ولا أؤيد بناءه بأي شكل من الأشكال وأري أنه يجب مواجهته بأنشطة سياسية أفضل من الالتجاء للقضاء، فالموضوع به نقاط قانونية كثيرة ومتشابكة تحتاج جلسات مناقشة بين القانونيين لتحديد أبعادها لذلك لا أستطيع توقع سيرالقضية.