في واحدة من المآسي الإنسانية الجماعية تحولت رحلة نيلية لفتيات كنيسة مارمينا بالعمرانية إلي كابوس مرعب في حجم امتداد شاطئ النيل بالمعادي بعد أن ابتلعت المياه مساء أمس الأول مركباً يقل 19 فتاة بعد دقائق من الانطلاق من حديقة النيل بطرة، لتتوالي فصول المأساة بمصرع 10 منهن وتم انتشال 4 ولايزال البحث جارياً عن 6، بينما أصيبت 9 آخريات، لتصبح تلك الرحلة هي ستار النهاية في حياة 10 فتيات لا تتجاوز أعمارهن 16 عاماً، ومصدراً لألم بلا نهاية لأسرهن.وقد أمرت النيابة بحبس صاحب المركب الغارق 4 أيام على ذمة التحقيق. كانت كنيسة مارمينا بالعمرانية قد نظمت رحلة نيلية مكونة من 19 فتاة من المرحلتين الإعدادية والثانوية وذلك بمناسبة عيد الأنبا كراس وبصحبتهن ثلاث مشرفات، حيث استأجرن مركباً نيلياً من شخص يدعي «علي عويس علي عبدالعزيز» 18 سنة وأثناء استقلالهن المركب تسرب إليه الماء نتيجة وجود ثقب، مما أدي إلي اختلال توازنه وانقلابه واستطاع صاحب المركب النجاة بعد القفز في المياه والسباحة إلي البر، كما استطاعت 9 فتيات السباحة والعودة إلي الشاطئ، بينما لقيت 10 فتيات مصرعهن غرقاً، تم انتشال 4 جثث منهن ولاتزال 6 جثث أخري مفقودة. انتقلت أجهزة الأمن إلي موقع الحادث بحلوان وقوات المسطحات المائية والإنقاذ النهري، وتم عمل كردون أمني حول موقع الحادث وضبط المتهم المتسبب في الحادث الذي تم نقله إلي المستشفي نتيجة إصابته وهو يسبح إلي الشاطئ. استعانت قوات الإنقاذ النهري بأربعة غواصين الذين قاموا بعمل مسح شامل لمنطقة الحادث لاستخراج باقي الجثث من المياه وذلك علي مدار 8 ساعات متواصلة. أكد شهود العيان أنهم سمعوا صراخات واستغاثات من فتيات يستقللن مركباً نيلياً، حيث تبين أن التلميذات كن في رحلة نيلية نظمتها كنيسة مارمينا بالعمرانية وبسبب تسرب المياه إلي المركب اختل توازنه وغرق واستطاع بعض الموجودين بالحديقة إنقاذ 9 من الفتيات بينما غرقت 10 آخريات. قالت «مريان رفعت» المشرفة علي الرحلة فور نجاتها من المياه إنها طلبت من قائد المركب وهو شاب لم يتجاوز ال 18 عاماً عدم استقلال تلك المركب لوجود مياه بداخله، إلا أنه أكد لها ولباقي الفتيات سلامته وأن المركب يعبر النيل يومياً لأكثر من 100 مرة وبالفعل وافقن علي استقلال المركب وما أن أبحر في وسط النيل حتي تسربت المياه داخل المركب واختل توازنه وانقلب، وبسبب تأخر قوات الإنقاذ لم تتمكن 10 فتيات من الوصول إلي الشاطئ، مضيفة أن هناك فتيات لا يتجاوز عمرهن 8 سنوات كن بصحبة المشرفات. وقالت «ميريهان صبحي»: إنهن شاهدن المياه بين أقدامهن وحاولن تحذير قائد المركب الذي حاول العودة إلي الشاطئ، إلا أنه لم يتمكن فقام بالقفز في المياه والسباحة إلي الشاطئ. وأشارت «ميريهان» إلي أنه تم نقلهن إلي مستشفي المبرة بالمعادي بعد إنقاذهن فيما تم نقل آخريات إلي مستشفي حلوان العام وذلك نتيجة إصابتهن الخطيرة. وقال «رفعت صبحي» والد إحدي المفقودات وتدعي «روزفين رفعت» إن قوات الإنقاذ لم تتمكن من العثور علي نجلته ذلك بسبب الإهمال الشديد، حيث قام غطاس واحد بالبحث عن الجثث بحجة عدم وجود أسطوانات الأوكسجين اللازمة للغطس. وأضاف أن المراكب النيلية ليست عليها أي رقابة وليس بها وسائل ضمان لحماية الأبرياء الذين يلقون مصرعهم بسبب الإهمال، علاوة علي أن تلك المراكب لا تجري لها أي أعمال صيانة وليس بها وسائل إنقاذ مثل جواكت الإنقاذ أو حتي أطواق النجاة اللازمة في مثل هذه الحالات. وقد تم نقل ضحايا الحادث إلي مستشفيي المبرة بالمعادي وحلوان العام، حيث تم نقل 4 جثث إلي مستشفي المبرة وهن: «مريان رامي» و«مريان عاطف» و«مرينا صبري» و«مريان رامز»، كما تم نقل 9 مصابات أخريات إلي مستشفيي حلوان العام والمبرة واللاتي تم نقلهن فيما بعد إلي مستشفي السلام الدولي بدار السلام بناء علي طلب أسرهن. ولاتزال 6 جثث مفقودة والتي تخص كلاً من «مريان جاد» و«روزفين رفعت» و«ميريهان منير» و«دميانا عطية» و«مريم عزيز» و«ميري صبحي». وقد شهد مستشفي المبرة بالمعادي توافد عدد كبير من أسر المتوفيات الذين حضروا في ساعة مبكرة من صباح اليوم وتسلموا جثث ذويهم ، حيث تم التوجه بها إلي كنيسة مارمينا بالعمرانية للصلاة عليها ثم تم تشييعها إلي مثواها الأخير بمدافن العمرانية. كانت النيابة العامة قد انتقلت إلي مكان الحادث لإجراء المعاينة الميدانية للحادث حيث تم فحص المركب الغارق الذي تبين بوجود فتحات به. وقد أمرت النيابة تحت إشراف المستشار «محمد غراب» المحامي العام الأول لنيابات جنوبالقاهرة و«إيهاب همت» رئيس النيابة بانتداب المعمل الجنائي والكشف عن رخصة قيادة المركب وعما إذا كان قائد المركب وقت الحادث معه رخصة تسيير من عدمه، وأمرت بضبطه وإحضاره فور تحسن حالته بعد إصابته نتيجة الحادث والتصريح بدفن الجثث الأربع بعد عرضها علي الطب الشرعي. وقد أشارت التحقيقات المبدئية إلي أن المركب الغارق عبارة عن مركب بمجداف طوله 4 أمتار وعرض متران وصدر له ترخيص من حي النزهة وانتهي منذ فترة طويلة. وأضافت التحقيقات من خلال سماع أقوال المصابين أن المركب كان به عدد زائد عن حمولته الأساسية بشكل كبير يصل إلي ضعف الحمولة وأن قائد المركب لم يهتم بتحذيرات الركاب من خلال تحذيره بأن هناك تسريباً للمياه. وحضر إلي مكان الحادث «قدري أبوحسين» محافظ حلوان الذي تقدم بتعازيه إلي أسر الضحايا الذين حضروا إلي مكان الحادث في ساعة مبكرة، وقرر المحافظ صرف تعويضات لأسر الضحايا، حيث تم صرف مبلغ 5 آلاف جنيه للمتوفيات وألفي جنيه للمصابات، وأثناء وجود المحافظ جاء والد إحدي الضحايا الذي أخذ يصرخ ويقول: «أنا عاوز المسئولين يعرفوني أين ابنتي.. ريحوني عاوز أعرف هيه حية أو ميتة» ثم أخذ يبكي ويردد.. «مفيش حد هيجيب حقي غير ربنا». وقد حضر الأنبا بسنتي أسقف حلوان الذي أكد أن الحادث قضاء وقدر لكن لابد أن نسأل إزاي مركب حمولته 10 أفراد يقل 20 فرداً أين الرقابة وأين المسئولين عن تلك الحدائق؟!.