يبدو أن تقل الدكتور البرادعي علينا قد جدد الأمل في قلب السيد جمال مبارك، ومن يوميها وهو يرفع الكاسيت علي أغنية: تملي في قلبي يا حبيبي. حاولت أن أعطيه فرصة، يمكن حتي البرادعي يغير ولاَّ حاجة. تؤتؤتؤتؤ.. لالالالا مش قادرة مش قادرة. خاصة بعدما تحدث السيد جمال عن الفلاح «عماد المجتمع المصري»، كما وصفه. قال جمال مبارك إن اهتمام الحزب سيزداد بعماد، وإنه أصلا كان مهتم بعماد جدا، بس حيتّك عليه شوية كمان، خاصة فيما يتعلق بأسعار المحاصيل وضمان حصول الفلاح علي عائد مجز من زراعته، وإن الحزب وحكومته «سيحرصان علي إيلاء مسألة بلورة رؤية مستقبلية شاملة لقطاع الزراعة كل اهتمام»، مش عارفة ليه حاسة إن الجملة دي فيها حاجة عيب. كما أضاف أن حكاية البلورة دي ستعظم من استخدام الموارد المائية المتاحة، وأكد ضرورة مساعدة عماد علي تجاوز التحديات الصعبة، وأهمية تطهير الترع والمصارف - يا لهوتي ياماَّ، تطهير الترع دي كنا بناخدها في المدرسة باب: عصر محمد علي - وأصر إلحاحا علي ضرورة توثيق التعاون مع دول حوض النيل، اللي ماحدش فيهم طايقنا أساسا. وبهذه المناسبة السعيدة، أحب أبلغ تحيات عماد، وأقول إن عماد بيحيي ويبارك، وبيسلم عليكم وبيقول: اعتقوني لوجه الله. عماد اتخرب بيته في زراعة القطن، قطن النيل، الذي كنا نقول له: يا حلاوة عليك يا جميل. أصبحنا نغني له: ألف رحمة ونور يا قتيل. في سنة من السنين أكلت الدودة محصول القطن كله جمعاااااء، في السنة التي تليها ظهر محصول القطن أصفر هزيلا، في كل القطر جمعاااااء، في السنة الثالثة، نما محصول القطن دون ثمرة، جمعااااااء، هكذا: جذور، وساق، وأوراق، أما نوارة القطن فراحت تجيب ورقة بوستة، ومازلت أذكر وجه الفلاح المنوفي المتألم وهو يمسك بالمحصول، وكأنه يمسك بيد ابنه المقتول، ويقول: «28 سنة بازرع قطن، عمري ما شفت كده، فين النوارة؟» في السنة الرابعة قرر الفلاحون ألا يقدموا علي تلك العملية الانتحارية مرة أخري، القطن يكلف الفلاح، ويرهق الأرض، وكان ياما كان يدر ربحا كبيرا، أما بعد أن قال وزير الزراعة: اللي عايز يزرع قطن ده زي اللي عايز يلبس طربوش وماحدش بيلبس طربوش دلوقت! فقد أقلع الفلاحون عن لبس الطربوش والطرطور معا. هذا بخلاف انتحار زراعة القمح، وسرطنة الخضراوات والفواكه، إلي جانب شوية فكة كده، مثل طرد الفلاحين من أراضيهم، والتحايل عليهم وتطفيشهم من أخصب الأراضي لبيعها للمستثمرين غير المصريين، واضطرار بعضهم إلي حفر قبره في أرضه معلنا أنه لن يسلم أرضه إلا علي جثته، ومن الفلاحين من شق جلبابه وقال: بلاها وجع دماغ، وقرأنا دراسة في الصحف تنبهنا إلي أنه في خلال عشر سنوات من الآن ستختفي مهنة المزارع من مصر، وهكذا كذا فزورة. لم يكتف السيد جمال مبارك وحزبه بكل هذا «الاهتمام» الذي أوسعوه عماد، فيتوعدونه بمزيد من الاهتمام، ويا إحنا يا إنت يا عماد.