انتخابات اللجان النوعية لمجلس النواب.. اليوم    وزير الري يبحث مع السفيرة الأمريكية بالقاهرة سبل التعاون المشترك    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    أسعار الأسماك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر في سوق العبور للجملة    ارتفاع أسعار النفط العالمي عقب هجوم إيران على إسرائيل    رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك بمنتدى الأعمال المصري بمارسيليا    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 2-10-2024 بالبنوك المصرية    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب 3 مراكز بكفر الشيخ.. صور    شركة ليوني مصر تعتزم إقامة مشروع توسعات لإنتاج الضفائر الكهربائية بالروبيكي باستثمارات 40 مليون يورو    الحوثيون يستهدفون 3 مواقع إسرائيلية ويتوعدون باستهداف مصالح أمريكا وبريطانيا    استشهاد 49 فلسطينيًا وإصابة آخرين في عدوان على خان يونس وأماكن تؤوي نازحين    الكشف عن تفاصيل انفجارين قرب السفارة الإسرائيلية في الدنمارك    بليغ أبو عايد: الاستهتار سيطر على لاعبي الأهلي أمام الزمالك في السوبر    موعد مباراة ليفربول وبولونيا والقنوات الناقلة في دوري أبطال أوروبا    نجم الزمالك السابق: عمر جابر كان يستحق التواجد في منتخب مصر    اليوم.. طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 30 درجة    النشرة المرورية.. زحام الطرق على الرئيسية فى القاهرة والجيزة    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الطالبية دون إصابات    إعلام إسرائيلي: مقتل جندي متأثرا بإصابة في حدث أمني على الحدود مع لبنان    «الإفتاء» توضح حكم الشرع في إهمال تعليم الأبناء    رئيس الرعاية الصحية يلتقي رئيس جمعية الرعاية الصحية الفرنسية لبحث سبل التعاون    بالصور.. نجوم الفن في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    تجديد حبس 5 أشخاص بتهمة تصنيع المخدرات في بدر    النيابة تطلب التحريات في واقعة إقدام فتاة على إنهاء حياتها بالمرج    نجاة شقيقة إيمان العاصي من الموت.. أحداث الحلقة 14 من مسلسل «برغم القانون»    اليوم.. مجلس النواب يعقد أولى جلساته في دور الانعقاد الخامس    مصرع 3 أشخاص وإصابة 2 في تصادم سيارتين بطريق مرسى علم    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    الأوقاف تختتم مبادرة «خلقٌ عظيمٌ» بمجلس حديثي في مسجد الإمام الحسين.. الخميس    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 2 أكتوبر    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    ترتيب دوري أبطال أوروبا قبل مباريات يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446 هجريا.. اليوم    مصرع قائد تروسيكل في حادث تصادم سيارة ب صحراوي سوهاج    طريقة عمل الطحينة في البيت، بأقل التكاليف    احتفالات في بيروت بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا في بيروت    بدء فحص طلاب المدارس بكفر الشيخ ضمن حملة القضاء على البلهارسيا    طريقة حل تقييم الأسبوع الثاني علوم للصف الرابع الابتدائي بعد قرار الوزير بمنع الطباعة    «شايل شرايين ومحدش كاسر عيني».. أحمد سليمان يوجه رسائل نارية بسبب السخرية من ارتداءه «شبشب»    عاجل.. مفاجأة كبرى بشأن مستقبل علي معلول مع الأهلي    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت 97 مليون و405 آلاف خدمة مجانية في شهرين    حازم إيهاب مازحا مع مخرج مسلسل انترفيو: "بيقول عليا غلبان ورغاي"    «أغنية كل أسبوعين».. ماذا حققت أغاني عصام صاصا التي طرحها خلال حبسه؟    إلهام شاهين: سعيدة بالتكريم في مهرجان المونودراما وأكره الحروب وأنادي بالسلام    الداخلية يضم ميدو العطار لاعب الترسانة    بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في رتبة التوبة    ختام كورس ألف مُعلم كنسي "طور" بحلوان    عراقيون يخرجون للشوارع في كرنفالات فرح إبتهاجا بالقصف الإيراني لإسرائيل    سلمى أبو ضيف تهدد بمقاضاة المتنمرين على حملها (تفاصيل)    أديمي يقود دورتموند لاكتساح سيلتك.. وإنتر يتجاوز ريد ستار برباعية في دوري الأبطال    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    تقترب من النصف، زيادة جديدة في سعر دواء شهير لزيادة سيولة الدم ومنع الجلطات    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    خالد الجندى: من يؤمن بأن "السحر يضر" وقع فى الشرك بالله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشامي يكتب: عزاء نصر حامد أبو زيد
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 07 - 2010

كما كان متوقعًا، لم يتمكن البعض من كتمان فرحتهم بوفاة المفكر نصر حامد أبو زيد، لم تستطع نفوسهم إخفاء شماتتهم في موت شخص لم ينكر أبدًَا إسلامه وتوحيده بالله، شخص كان دائم الحرص علي أن يستهل كلامه بالبسملة، لكنهم تحت سيطرة منهجهم الخاطئ، تسابقوا في تقريظ الرجل بعد وفاته مثلما فعلوا في حياته، راحوا يحاسبونه وهو بين يدي رب كريم، تناسوا الحديث النبوي الشريف «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة» وهم يعلمون أن أبو زيد كررها مئات المرات.
أحد المواقع الإسلامية إياها تجاوز حدود اللياقة حين نعت الرجل المتوفي ب «الهالك»، بل حمد الله علي نهايته تلك.
أكثر من ذلك أن هذه المواقع الغريبة اعتبرت وفاة أبو زيد ب «بفيروس غامض» عقوبة إلهية ينزلها الخالق علي من يتجرأ علي ذاته، وكأن الموت بفيروس غير غامض ليس بالعقوبة الإلهية.. لم ينتبه هؤلاء إلي أن نصر حامد أبو زيد، أصيب بالتهاب فيروسي غير معد في المخ كان ممكنًا علاجه، وهو التهاب من الجائز أن يصيب المؤمن وغير المؤمن، ثم أليس المؤمن مصابا وقد يبتليه الله بالمرض، أم أن ذلك لا ينطبق بأي حال علي أبو زيد؟!... سبحان الله!!
مشكلة نصر حامد أبو زيد مع الكثيرين، أنه تبني الاتجاه العقلي في التفسير والتزم بمنهج التحليل التاريخي الاجتماعي، وكان يعتقد أن التأويل المجازي لكل ما يناقض العقل في منطوق القرآن الكريم، هو القاعدة الراسخة التي ينبغي اتباعها، تأسيسًا علي أن الفكر الإسلامي استفاد منذ نشأته وعلي مدي أربعة عشر قرنًا من هذه القاعدة، وأن إنكار وجود المجاز في القرآن الكريم من شأنه أن يخل إخلالاً واضحًا بمسألة الإعجاز القرآني المتمثل في ذلك التفوق الأسلوبي والبلاغي، وأن هذا الأساس العقلي للتأويل المجازي الذي سبقت إليه «المعتزلة» قبل ردح من الزمان، لم ولن يتوقف، وأن الخلاف كان ولا يزال متعلقًا بالتطبيق.
ظل نصر حامد أبو زيد متمسكًا بقناعاته بأن معضلة الفكر الديني في العالم الإسلامي تتركز في محاربة المشروع العقلاني واستبعاده من أطروحات الخطاب الديني، وهو في ذلك لم يستغرب الصدام الذي أوقعه ضد من يتبنون خطابًا دينيًا ذا تصور واحد، علي اعتبار أن الصدام مع هؤلاء موجود في تاريخ جميع الأديان.
كان أبو زيد أشجع كثيرًا ممن عارضوه وكفروه، حين طالب بتحرير الناس من الفكر الجامد، وحين دعا إلي تشكيل مناخ سياسي يتيح تداول السلطة، مفضلاً تحرير العقول علي تحرير الاقتصاد، منتقدًا السلطات التي تركز علي الاقتصاد الحر بينما تهمل حرية التعبير والحق في التعليم وتختصر الحرية في حق التصويت بصناديق الاقتراع.
لم تكن لدي أبو زيد مشكلة مع التراث الديني، وهو نفسه نفي أن يكون قد هاجم الإسلام أو القرآن الكريم، كما رفض أن يصبح منشقًا أو أن يُعامل كمضطهد في هولندا حيث أقام خمسة عشر عامًا بعيدًا عن وطنه، وطنه الذي خذله بأن سمح بتكفيره وبتفرقته عن زوجته بحكم محكمة في منتصف التسعينيات، في وقت كانت فيه الدولة تصارع تيارات دينية متطرفة، ففضلت أن تزايد بهذه القضية في معركة سياسية واضحة لكسب الرأي العام علي حساب حرية التعبير.
هو ذاته نفس الأسلوب والدافع الذي يحرك الدولة فتقبض علي مجموعة تتهم زعيمهم بادعاء النبوة وازدراء الأديان، رغم علم الجميع بأن هذه المجموعات لا قيمة ولا وزن ولا تأثير لها في المجتمع.
ربما حاول نصر حامد أبو زيد في أيامه الأخيرة تلطيف الأجواء والتخفيف من وقع الصدمات التي ولدتها كتاباته وأفكاره السابقة، مما ساهم في تسهيل عودته إلي مصر مرة أخري في ظل أجواء سياسية ومجتمعية مختلفة، فرأينا مكتبة الإسكندرية - بما لها من مكانة فكرية ووضع رسمي - تفسح له المجال ليتحدث عن التفسير اللاهوتي للقرآن الكريم كما قدمه «المعتزلة»، كما دافع عنه كثير من المثقفين حين رفضت الكويت دخوله إليها بضغط من التيار الإسلامي السلفي داخل برلمانها.
وبرغم بلوغ أبو زيد النهاية المحتومة لكل كائن في هذا الكون دون أن يحقق حلمه بالاستقرار في مصر ودون استعادته منصبه الأكاديمي، فإن عزاءه تمثل في تحلي كبار علماء الأزهر الأجلاء بالحكمة، ودعائهم له بالرحمة والمغفرة، بل إن الدكتور عبد الصبور شاهين - الذي كان أول من لفت الانتباه لكتابات أبو زيد المثيرة للجدل - اعترف بأنه لم يكفره علي الإطلاق، وكيف يكفره وقد اكتوي شاهين نفسه بنار اتهامه بالكفر حين أخرج كتابه «أبي آدم» قبل سنوات!.
عزاء نصر حامد أبو زيد الذي كافح في ظروف أسرية صعبة حتي بلغ مكانته الفكرية والعلمية، أنه اجتهد في مجتمع توقف عن الاجتهاد وامتنع عن نعمة التفكير لصالح نقمة التكفير فارتضي بمكانته الراهنة بين الأمم.
عزاء نصر حامد أبو زيد أن أعماله، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها، ستظل باقية وسوف تثير بعد مماته جدلاً مثلما أثارت في حياته، وأجره علي اجتهاده عند الله وحده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.