المصريون لم يفكروا في مجاملة الجمهور اللبناني يوما والغناء بلهجته.. إحنا الريادة! نجوى كرم كل ما فعلته نجوي كرم أنها أعلنت عن اعتزازها بلهجتها اللبنانية التي تتمسك بالغناء بها، وقالت ببساطة شديدة إنها لن تغني باللهجة المصرية حتي يغني كل من عمرو دياب، وأنغام باللهجة اللبنانية..اشتعلت الدنيا وقامت ولم تقعد، والموسيقيون المصريون اعتبروها إهانة.. كيف؟ هل مثلا لأن اللهجة المصرية أكثر قداسة من اللبنانية؟ لا أحد يفهم، السؤال الأهم هو فعلا لماذا نطالب الجميع بأن يغنوا بلهجتنا في حين أننا لا نهتم بتحية الجمهور اللبناني مثلا عن طريق الغناء بلهجته ولو قليلا ، لكن طبعا لا مانع من الغناء باللهجة الخليجية لأسباب ليست فنية في كل الأحوال.. أيضا من قال إن من لا يغني بالمصرية كتب عليه الانزواء والشقاء، وأن الشهرة الحقيقية تخاصمه.. هل المطرب العربي لا يتحقق إلا إذا غني بالمصرية؟ لدينا نماذج كثيرة متمكسة بالغناء بلهجتها ولا يمكن وصفهم بالفاشلين مثلا منهم «جوليا بطرس»، و«فارس كرم»، و«محمد عبده»، و«راشد الماجد»، حتي إن نصيب الأغنيات المصرية في سجل السيدة فيروز قليل جدا، لكن من يقدر أن يقول إن لبنانيتها سجنتها.. لا أحد يفهم كيف يتنازل فنانونا مرهفو الحس الذين يقولون دوما بأن الموسيقي لغة عالمية ويؤكدون أن نجوي كرم «فاتها الكثير» لأنها تتمسك بلهجتها التي لا يفهمها الكثيرين، وترفض الغناء بالمصرية التي ستضمن لها شهرة أكبر، وجمهورا أوسع.. هذا مثلا بعض مما قاله الموسيقار هاني مهني: «نجوي كرم مشهورة آه، ولكن ليست بشهرة نانسي عجرم وإليسا.. هي في النهاية مغنية عادية، وليست رمزا، وبراحتها عايزة تغني مصري أو لأ، وعموما أنا أري أن نانسي وإليسا أهم منها، فكل منهما تغني بالمصرية، والجمهور المصري أكثر تعلقا بهما بسبب غنائهما بالمصرية في حين أن نجوي كرم لا تشكل له تلك الأهمية"، وأكد هاني مهني أن اللهجة المصرية مهمة جدا، وينبغي علي أي مطرب يرغب في الانتشار أن يسعي للغناء بها، وعلي النقيض رفض مهني مطالبتها لأنغام وعمرو دياب الغناء باللهجة اللبنانية، ووصف تصريحاتها بالمستفزة قائلا: «هي كده بتقسم الفن.. وعمر الفن ما بيتقسم»!! لكن فيما يتعلق بعدم ممانعة المصريين في الغناء باللهجة الخليجية وتجاهلهم للبنانية مثلا قال هاني مهني أن السبب الرئيسي يرجع إلي أن عدد الجمهور الخليجي أكبر بكثير من الجمهور الذي يفهم اللهجة اللبنانية، ومن الطبيعي أن يفضلها المصريون علي اللهجة اللبنانية. الموسيقار هاني شنودة كان أكثر وضوحا عندما قال إن: «المطرب الذي يكتفي بالغناء بلهجته ينجح في بلده، ومحيطه فقط، في حين أن المطرب الذي يغني باللهجة المصرية يحقق شهرة في العالم العربي كله، وعلي المطرب أن يختار ما بين شهرته في العالم العربي، وبين اكتفائه ببلده»، وتساءل بدهشة: «كيف يلجأ المطرب المصري للغناء بلهجة «محدش يفهمها»، في حين أن لهجته الأساسية مفهومة جدا، وسهلة». وعن السبب الذي يجعل المطربين المصريين يغنون باللهجة الخليجية مثلا متناسين أن هناك لهجات أخري في العالم العربي مثلما فعلت أنغام، وخالد سليم وقبلهما عبد الحليم حافظ، أكد هاني شنودة أن السبب الرئيسي يرجع لأهمية الجمهور الخليجي لأنه «بيدفع»، مشيرا إلي أن أغلب جمهور الدول العربية يكتفي بتحميل الأغنيات من علي الإنترنت، في حين أن الجمهور الخليجي مازال يحرص علي شراء الاسطوانات، ووصف غناء شادية باللهجة السودانية أغنية «ياحبيبي عود لي تاني»، وغناء عبد الحليم لأغنية «ياهلا» باللهجة الكويتية بأنه كان نوعًا من المجاملة لتحية الشعبين حلمي بكر من جهته فسر غناء المصريين باللهجة الخليجية ورفضهم الغناء بلهجات أخري بأنه وسيلة تجارية بحتة، واتهم بضع شركات الإنتاج بتبني نشر ثقافة الغناء الخليجي علي حساب الغناء بباقي اللهجات، واتفق مع هاني شنودة بأن غناء عبد الحليم باللهجة الخليجية كان نوعا من المجاملة، وأكد أن لأي مطرب الحرية في أن يتمسك بلهجته، لكن ليس من حق أحد بأي شكل أن يطالب المطربين المصريين بالغناء بلهجته، الفكرة الأساسية التي دار حولها الجميع هي أن «مصر هوليوود الشرق»، تلك العبارة التي رفضها الدكتور حسن شرارة العميد الأسبق للكونسرفتوار حيث أشار إلي أنها فكرة كانت زمان وانتهت، وأكد أن لكل مطرب الحرية في الغناء باللهجة التي يحبها، وأن الغناء باللهجة المصرية ليس دوما جواز المرور لعالم الشهرة ووصف صوت نجوي كرم بأنه صوت جبلي بدوي من الصعب أن يؤدي بلهجة غير اللبنانية، وقال حسن شرارة إن الجمهور في جميع أنحاء الوطن العربي يحبها في هذا اللون، لكنه أكد أيضا أن المطرب المصري ليس بحاجة للغناء بلهجة غير لهجته لأنه لن يستفيد شيئًا. الغريب أن الجميع لم يذكر أبدا سببا لغناء المطربين والمطربات المصريات باللهجة الخليجية، وعمل البومات كاملة بهذه اللهجة مثل أنغام وآمال ماهر وخالد سليم. لا علاقة هنا بالوطنية وانتشار اللهجة الأم «المصرية»، لكن العلاقة واضحة جدا بين أموال الخليج ودينارات وريالات مهرجانات الخليج وحفلاته الخاصة، والغناء باللهجة الخليجية شديدة الصعوبة علي أذن المستمع المصري.