تصر الحكومة ومباحثها وأبواقها وطبها الشرعي علي أن الشاب السكندري خالد سعيد لم يمت بالتعذيب الوحشي علي قارعة الطريق وإنما مات شهيد «اللفافة» التي لا أثر لها في أحراز القضية ولا في أوراقها الأصلية، وهم جميعا مازالوا يوصوننا خيرًا ب «اللفافة»حتي ألقوا في روعنا أن تلك «اللفافة» صارت عنوان المرحلة وأنها من الآن فصاعدا ستلعب دورا محوريا بارزا في حياة المصريين المحدثين وموتهم، ولهذا أظن أن استمارات استخراج الأوراق الثبوتية الرسمية التي يحتاجها المواطن قبل أن يبتلع «لفافته» ويموت (بطاقة رقم قومي، باسبور، رخصة ..إلخ) ستحتوي علي قسم كامل يتعلق ب «اللفافة» وستكون صياغته علي نحو يشبه أسئلة «الموقف من التجنيد»، أي كالتالي: ما حالتك «اللفافية» وما موقفك الحالي من «اللفافة»؟! ضع علامة (صح) أمام الإجابة المناسبة لحالتك: * حامل «لفافة» * مؤجل «اللفافة» * لم يصبه دور ابتلاع «اللفافة» بعد وما هي مواصفات لفافتك؟! * «لفافة» تبغ * «لفافة» بانجو «لفافة» متفجرة ( من نوع «دمدم») ومادامت «اللفافة» ستحظي (أوهي حظيت بالفعل) بكل هذ التأثير في حياة ووفاة المواطن المصري المعاصر، فلا بد أن تجدها حضرتك متوفرة وحاضرة بقوة في منتجات البنية الفوقية للمجتمع من الفكر والفن والإبداع عموما إلي الأمثولات والمأثورات والأمثال الشعبية.. يعني في السينما مثلا أتوقع أن نشاهد في قاعات العرض قريبا أفلاما تحمل عناوين : مواطن ومخبر و«لفافة» «اللفافة» لاتزال في حلقي «لفافة» في القلب أنف وثلاث «لفافات» و..عاصفة من «اللفافات» أرجوك أعطني هذه «اللفافة» «لفافة» علي نهر درينا (عن رواية «إيفو أندريتش» الشهيرة) أما الأغاني فربما ننشد وننوح قريبا علي طريقة المرحوم فريد الأطرش : «لفافة» غرامي «لفافة» طويلة ماليش يد فيها، ماليش فيها حيلة كتبها «المخبر» عليَّ بدمي وبدموع عينيا. وقد تظهر ضمن أبواب وزوايا الخدمات الثابتة في الصحف زاوية مستحدثة عنوانها (أين «تبلع» هذا المساء)، وربما تضيف «دار التحرير» إلي قائمة المطبوعات السرية التي اخترعها الأستاذ سمير رجب وسماها أسماء من ماركة «عقيدتي» و«شاشتي» و«مامتي» و«خالتي» وخلافه، دورية جديدة تصدر بانتظام ممل تحت اسم «لفافتي»!! كما لن يمر وقت طويل حتي نسمع ونتداول أمثلة ومأثورات شعبية من نوع: ابلع «لفافة» تنقذ مخبرًا إن سرقت اسرق مدينة، وإن بلعت أبلع «لفافة» يعرف المرأ من «لفافته» «لفافتك» البلاستيك تريحك من قرف الدنيا وتغنيك عن سؤال النيابة الطريق إلي الآخرة مفروش ب «اللفافات» و..من وحي حديث «اللفافات» هذا أختم بأغنية أتوقع أن يشدو و«يسرسع» بها أطفالنا في مقبل الأيام، تقول كلماتها: قطتي جميلة اسمها نميرة و«لفافتي» صغيرة وبيقولوا كبيرة شكلها رومانتيك مع أنها بلاستيك ستبقي كظلي وح احشرها في حلقي