شحنات شهرية خليجية من البنزين والسولار والمازوت قيمتها 900 مليون دولار أزمة نقص الوقود أكبر تحدٍّ يواجه المستقبل المصرى، ومع عدم وجود بديل طبيعى تعتمده الحكومة فى خلق مصادر جديدة لتوليد الطاقة، يظل شبح نقص الوقود يهدِّد مسار التنمية فى مصر كلها، خصوصًا إذا عرفنا أن قيمة المساعدات التى تصل من دول عربية شقيقة وتقدر بنحو 900 مليون دولار شهريًّا فى صورة منح بترولية وغازية، ستنتهى مع حلول أغسطس المقبل، والتى أسهمت إلى حد كبير فى القضاء على ظاهرة التكدُّس والازدحام أمام محطات البنزين، وحل جزء كبير من مشكلات نقص الوقود لقطاع الكهرباء، خصوصًا مع وجود عجز مالى كبير تعانى منه الدولة، لا تستطيع بسببه تغطية احتياجات السوق التى تزيد على كميات الوقود المنتج، نظرًا لانخفاض الإنتاج اليومى من الحقول من مليون برميل زيت يوميًّا إلى 640 ألف برميل فقط. تأثير مساعدات الخليج على السوق المصرية: شبح توقُّف المساعدات البترولية القادمة من بعض دول الخليج، يتطلَّب بدوره ضرورة تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لإتمام عمليات الاستيراد من الخارج، خصوصًا مع رفض المراكب المحملة بالمنتجات المختلفة تفريغ الشحنات إلا بعد الحصول على خطابات الضمان، وهو ما أدَّى إلى إصرار أصحاب هذه المراكب على التوقُّف فى المياه لحين تدبير الاعتمادات اللازمة، إذ يتطلَّب الاستيراد من الخارج تدبير 1.4 مليار دولار شهريًّا بإجمالى 16.8 مليار دولار سنويًّا، بخلاف الإنتاج المحلى من الحقول يوميًّا، مع العلم أن قطاع البترول يوفِّر ما يعادل نصف هذا المبلغ بمعدل 700 مليون دولار شهريًّا من موارده، بينما يوفِّر الجزء الباقى من خلال مفاوضات مع البنك المركزى عن طريق مجلس الوزراء ووزارة المالية. سعر طن البنزين يتراوح بين 930 و1000 دولار، ويصل سعر طن السولار إلى 930 دولارًا، وسعر طن المازوت إلى 640 دولارًا، وبالنسبة إلى الاستهلاك السنوى من الوقود بأنواعه فإنه يصل إلى نحو 5.5 مليون طن من البنزين، تنتج مصر منها نحو 4 ملايين طن، أى فى حدود 70%، مقسمة إلى 58% لبنزين 80، و41% لبنزين 92، وفى نحو 1% لبنزين 95، بينما تستهلك السوق المصرية 13 مليون طن من السولار، ينتج منها 7 ملايين طن فقط، أى فى حدود 50%، ويستورد الباقى من الخارج. وبالنسبة إلى البوتاجاز، فإن معدل الاستهلاك يصل إلى 5 ملايين طن من البوتاجاز، ينتج منها السوق المصرية ما يعادل 50%، ويستورد باقى الكمية من الخارج، وبالنسبة إلى المازوت فإن الاستهلاك السنوى يختلف من فترة إلى أخرى، إذ يزيد الطلب على المازوت فى فصل الصيف مع زيادة استهلاك الكهرباء، وفى فترات نقص الغاز الطبيعى لمحطات التوليد، ليصل الإنتاج اليومى من المازوت إلى 13 ألف طن، أى فى حدود 40% من الاستهلاك، ويتم استيراد باقى الكمية من الخارج. الشركات الأجنبية ومعضلة التنمية البترولية: سبب آخر من أسباب الأزمة يتمثَّل فى توقُّف عمليات التنمية التى تقوم بها الشركات الأجنبية للحقول، بسبب توقف الهيئة العامة للبترول عن سداد مديونيات الشركاء الأجانب، مما تسبّب فى تناقص إنتاجية الحقول، فى الوقت التى زاد فيه الطلب على المنتجات البترولية، وهو ما جعل دخول حقول جديدة خلال العام الحالى على الإنتاج لا تكفى لسد احتياجات السوق المحلية، كما أن التوقف التام منذ عام 2010 عن عقد اتفاقيات جديدة للبحث والاستكشاف وحفر مناطق جديدة، أدّى إلى تفاقم المشكلة وأصبح قطاع البترول مطالبًا بتدبير احتياجات السوق من المنتجات دون مساعدة من القطاعات الأخرى المختلفة، فضلًا عن مديونية القطاع لدى الجهات الحكومية، التى تصل إلى نحو 160 مليار جنيه، كفيلة فى حل جزء كبير من المشكلة، ليس أقلها سداد مديونية الشركاء، وتدبير اعتمادات عمليات الاستيراد من الخارج. اتفاقات واستثمارات بترولية: وعلى الرغم من أن وزارة البترول قامت مؤخرًا بتوقيع 48 اتفاقية جديدة للبحث والاستكشاف باستثمارات تصل إلى 2 مليار دولار كحد أدنى، بالإضافة إلى 3 اتفاقات أخرى مع شركات إنجليزية وإماراتية فى صعيد مصر، تتبع شركة جنوب الوادى القابضة للبترول، فإن زيادة الطلب على المنتجات أدَّت إلى استمرار الأزمة، ويرجع هذا إلى أن 92 % من محطات التوليد تعمل بالغاز، والباقى بالمازوت والسولار، كما أن زيادة الكميات التى يتم ضخها يوميًّا فى السوق المحلية والتى تصل إلى 40 ألف طن من السولار، هى كمية كبيرة بالمقارنة بالفترات السابقة، خصوصًا مع دخول موسم الحصاد، وقيام المزارعين بتخزين كميات كبيرة من السولار، وتخصيص جزء لمحطات توليد الكهرباء يصل إلى 2000 طن يوميًّا، وضخ كميات من البنزين تصل إلى 20 ألف طن يوميًّا، وضخ 14 ألف طن من البوتاجاز، ونحو 32 ألف طن من المازوت، لمحاولة سد احتياجات قطاع الكهرباء التى تصل إلى 38 ألف طن يوميًّا، بعد أن زادت الكميات المخصصة للكهرباء من 16 ألف طن يوميًّا فى الأيام العادية إلى 25 ألف طن يوميًّا، بالإضافة إلى 7 آلاف للقطاع الصناعى.