طالب عدد من القضاة والنشطاء الحقوقيين بضرورة وضع ضمانات في القانون لحماية الشهود والمبلغين عن قضايا فساد وإهدار للمال العام لما يمكن أن يتعرضوا له من تنكيل، واقترح المشاركون في الدائرة المستديرة التي نظمتها المجموعة المتحدة حول «حماية الشهود والمبلغين في قضايا إهدار المال العام» بمعاملة المبلغ والشاهد في قضايا الفساد معاملة تحفظ كرامته وتعتبر الاعتداء عليه في حكم الاعتداء علي الموظف العام؛ لأنه مكلف بخدمة العدالة خلال تلك الفترة. من جانبه شدد المستشار زغلول البلشي - نائب رئيس محكمة النقض - علي ضرورة حماية الشاهد في قضايا إهدار المال العام طوال فترة الشهادة، لافتاً إلي أن الشاهد الزور توقع عليه العقوبة، وأضاف: فمن باب أولي حماية الشاهد والمبلغ عن الفساد في مجتمع أصبح الطبيعي فيه ظاهرة، كما أصبح الفاسد يمارس سلوكه المنحرف دون خجل أو خوف! كما طالب المستشار هشام رءوف - رئيس محكمة الاستئناف - بضرورة وجود تعديل تشريعي لحماية الموظف العمومي حالة إبلاغه عن وقائع فساد خلال فترة المحاكمة والتحقيق، وذلك لضمان عدم تعرضه للتنكيل أو توقيع إجراءات عقوبية عليه أثناء تلك الفترة قد تتسبب في قطع رزقه، أو أن تكون سبباً في منع غيره من الإبلاغ عن وقائع فساد قد يراها. بدورهم استعرض المشاركون في الورشة تحاربهم في الكشف عن الفساد، وكيف تم اضطهادهم والتنكيل بهم في عملهم، بدءاً من الوقف عن العمل، مروراً بعزلهم من مناصبهم، وأخيراً بمحاربتهم في أرزاقهم وفصل البعض منهم من وظائفهم، وكان من المشاركين المهندس يحيي حسين - أبرز المعارضين لسياسة الخصخصة -، حيث أكد أنه عزل من مناصب كثيرة، مشيراً إلي أن كل ما يتعرض له من تنكيل للكشف عن الفساد الحكومي لا يساوي شيئاًَ في سبيل قيامه بواجبه. وشرحت سهير الشرقاوي - الموظفة بوزارة الصحة وصاحبة البلاغ الشهير في قضية أكياس الدم الملوثة - ما تعرضت له من اضطهاد سواء من أنصار - رجل الأعمال هاني سرور المحبوس حالياً علي ذمة قضية أكياس الدم الفاسدة، أو حتي في عملها داخل وزارة الصحة التي كافأتها بنقلها لمستشفي الصحة النفسية بالعباسية، وتطرق الدكتور عبداللَّه سعد - رئيس مجلس إدارة شركة الريف الأوروبي -، في الحديث عن الرشوة في الحكومة، وكيف تمت محاربته لرفضه دفع رشاوي لمسئولين كبار في وزارة الزراعة وكشفه عن شبكة فساد وانحراف تسيطر علي جميع المؤسسات في مصر. في سياق مواز قال نجاد البرعي - الناشط الحقوقي ورئيس المجموعة المتحدة -: إن الفساد ليس صناعة شخص واحد، مؤكداً أن من يساهم في كشفه يتم الانتقام منه والتنكيل به، وقال: للأسف القانون المصري لا توجد به ضمانات أو نصوص لحماية الشهود في قضايا حماية المال العام. وأضاف أن مصر وقعت علي اتفاقيات دولية لمكافحة الفساد بموجب المادة 151 من الدستور، تصبح هذه الاتفاقيات جزءاً من القانون المصري وتستوجب وجود ضمانات لحماية المبلغين عن وقائع إهدار للمال العام، مشيراً إلي أن المجموعة المتحدة قدمت 106 بلاغات للنيابة حول وقائع إهدار للمال العام بقيمة 102 مليون جنيه وانتقد «البرعي» عدم جدية النيابة بالشكل المطلوب مع هذه القضايا، مما يوضح أن تصرف النيابة العامة قد يقلل أحياناً من تحجيم انتشار الفساد! واختتم المشارك الكاتب الصحفي سعد هجرس قائلاً إن الزواج غير الشرعي بين السياسة والثروة هو المسئول عن 99% من الفساد الذي لا توجد آلية فعالة لمكافحته، منتقداً في السياق ذاته عمل الصحفيين كمستشارين للوزراء والمسئولين، ومطالباً بقانون يتيح حرية تداول المعلومات.