لا تتوقف الكتب التي تتناول حياة عبدالحليم حافظ عن الإصدار.. هناك نهم لدي القراء لمعرفة المزيد.. ولكن في الوقت نفسه لا يجب أن نستسلم لكل ما يقال مهما كانت درجة الاقتراب حتي مع افتراض غياب المصلحة وهي غائبة بالتأكيد عن الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه إلا أن بعض الحقائق مع مرور السنوات تختلط علي قائلها.. أحدثكم عن كتاب «حليم وأنا» للدكتور هشام عيسي الطبيب المعالج لعبدالحليم والذي طلب الرئيس «جمال عبدالناصر» منه أن يصاحبه في كل رحلاته.. كانت هذه هي المهمة العسكرية التي كلف بها الضابط الطبيب الشاب منذ الستينيات.. من بين فصول الكتاب كشف «هشام» عن سر عدم لقاء «عبدالحليم حافظ» و«يوسف شاهين».. لو أنك راجعت كل حوارات «يوسف شاهين» سوف تلمح تقديراً خاصاً من «يوسف شاهين» لموهبة «عبدالحليم حافظ» الممثل.. قدم «يوسف شاهين» فيلمين لفريد الأطرش رغم إنه لم يقتنع به ممثلاً.. حتي في فيلم «انت حبيبي» رغم النجاح الجماهيري الطاغي كانت لديه ملاحظات سلبية عديدة علي أدائه، بينما مع «عبدالحليم» الأمر كان مختلفاً.. كان «حليم» هو أول المرشحين لبطولة فيلم «الاختيار» وذلك عام 70.. «يوسف شاهين» أراد أن يقدم للجمهور «عبدالحليم حافظ» الممثل وليس المطرب.. «عبدالحليم» بعد النجاح الطاغي لفيلمه «أبي فوق الشجرة» كان يري أن الجمهور سوف يصدم لو أنه دخل الفيلم ولم ير مطربه الأول يغني.. «يوسف» أصر و«عبدالحليم» أصر وبعد ذلك رشح «يوسف شاهين» النجم الشاب في تلك السنوات «محمود يس» لبطولة «الاختيار».. ولكن محمود لم يستطع التفرغ فأسند دوره إلي «عزت العلايلي».. هذه هي الرواية الحقيقية كما ذكرها عشرات المرات «يوسف شاهين» بينما «د. هشام» يقول إن اسم الفيلم هو «وتمضي الأيام» ولم يتردد ولو مرة واحدة هذا الاسم في أرشيف «يوسف شاهين».. سر الخلاف الذي استند إليه «د. هشام» هو أن «يوسف» قرر أن يسند دورين للشيخ «إمام عيسي» و«أحمد فؤاد نجم» ليلعبا دور صديقين لعبدالحليم وعندما علم بذلك قال: المجنون عايز يجيب معايا اثنين شيوعيين وانسحب!! لم أعثر في أرشيف «شاهين» ولا «عبدالحليم» علي شيء يؤيد هذا الكلام ولم يستعن «يوسف شاهين» بالشيخ «إمام» و«نجم» إلا في فيلم «العصفور» الذي قدما فقط أغانيه.. أتصور أن المعلومات اختلطت علي «د. هشام» بين موقف «عبدالحليم» من تجربة «فؤاد نجم» والشيخ «إمام» وفيلم «يوسف شاهين» فالمعروف أن «عبدالحليم» كان يرفض بالفعل غناء أشعار «فؤاد نجم» التي تحمس لتلحينها «كمال الطويل» لسبب بعيد تماماً عن الشيوعية، وهو أن «نجم» كان زميلاً لعبدالحليم في الملجأ ولم يكن «عبدالحليم» يريد لهذه الصفحة أن يتذكرها أحد!!