«ماريسا سيلفر» واحدة من كتاب كاليفورنيا المعاصرين الأكثر شهرة، والتي عادة ما تثير أعمالها الكثير من الجدل. وفي مجموعتها الجديدة «وحدي معك» لا تجمل الصورة وإنما تكشف بصبر عن المشاعر المعقدة بين الغضب والشوق والأمل والتي عادة ما تصاحب سوء الحظ. أفضل قصص سيلفر شائكة وذكية وتشبع القارئ تماما. مجموعة «وحدي معك» القصصية ليست محبطة لكن لا تتوقع منها أن ترفع من معنوياتك. في افتتاحياتها «مؤقتا» تحكي عن امرأة شابة تعيش عامين بشكل مؤقت في وكالة بلوس أنجلوس في غرفة بلا نوافذ. كل محاولاتها غير المجدية لربط نفسها بالعالم -سواء في ممارستها الحب مع رفيقها في الحجرة أو في عملها القاسي- تبدو حزينة. يستفيض «تايلور أنتريم» في عرضه المجموعة القصصية في نيويورك تايمز بالغوص داخلها، فيأخذنا معه إلي «الزائر»، حيث نستكشف حياة كاندي الممرضة المتشددة في مستشفي للمحاربين القدامي. ويثيرها أحدهم وهو جندي فقد ساقيه وإحدي ذراعيه والآن يرفض أن يتكلم. وتزيح سيلفر الغطاء عن هذا العداء من خلال كشفها عن مصدر الحزن والغضب الكامن في حياة كاندي. هذا الغضب تتزامن معه الشهوة التي تبدو في مشهد تنظف فيه جسد الجندي العاري والذي يكشف بشدة عن عدوانيتها وعدائها تجاهه. المعجبون بأعمال سيلفر سوف يتعرفون علي ثنائية من الأفكار المألوفة في هذه المجموعة: الأمهات غير المسئولات والرجال الخائنين. وتتكرر هذه الثنائية بشكل ثابت يوحي بتجربة قاسية في حياة سيلفر. ومع هذا فإن حساسيتها الشديدة تظهر في «مستنقع» القصة التي تحكي عن مارثا ابنة جوليا ذات ال24 ربيعا والتي لم تنم بشكل صحيح. فهي طفولية وغير واعية بنفسها وتصبح حاملا بعد لقاء مع شاب يعاني متلازمة داون. زوج جوليا يقترح التدخل لإنهاء الحمل ولأنه محامٍ سابق يحاول وضع ذلك في إطار قانوني فمارثا ليست ناضجة بشكل كافٍ حتي تصبح أما وسوف يتحمل هو وجوليا العبء كله لكن في النهاية ترفض جوليا فكرة الإجهاض القسري ويصل «جاري» الطفل الصغير بصحة جيدة. بعدها يدخل بيرتون زوج جوليا في علاقة غرامية ويترك المنزل، بينما تواصل جوليا لعب دور الأم البديلة. وتبلغ القصة ذروتها في مشهد سباحة مثير لبيرتون مع جاري ومارثا علي ضفة نهر سريع. ويقترب بيرتون من الهاوية بسرعة رهيبة لكنه في اللحظة الأخيرة يبتعد. الشهوة يمكن أن تكون وراء كل هذه الأشياء لكن تجريدية عبارات سيلفر جعلت البعض يشعر بأنها سحبت التركيز من الفكرة. وهي للأسف إحدي عادات سيلفر رغم كونها قادرة علي الوصف الدقيق بصورة مشبعة ومرضية لكنها تغرق مرارا وتكرارا في الحديث بشكل عام عن المشاعر وتعمد إلي استخدام بعض الكلاشيهات المحفوظة وهو أمر يمكن تخطيه في الحدود التي تتطلبها القصة القصيرة، حيث تبرز أهمية اللغة بشكل عام. وعلي الرغم من هذا فإن هفوات سيلفر الأسلوبية لا تقلل من موهبتها في كشف العقد في العلاقات المتوترة في «وحدي معك» تصل إلي مستوي جديد، فأفضل ما في المجموعة يأتي في النهاية مع «ماري» الأم التي تعاني مرضاً عقلياً والتي تأتيها لحظة نور من خلال صديقة ابنها المثيرة. كانت العائلة الصغيرة في أجازة أسرية بالمغرب، ماري وزوجها وابنها وصديقته إليس. وبينما يتحاور الرجلان ويلتفان حول اضطرابات ماري واكتئابها، تطلب إليس من ماري أن تعرف شعورها عن التفكير في الانتحار. المدهش والمفاجئ هنا أن هذه الجرعة من العدائية والوقاحة سوف تكون سببا في أن تدب بعض الحياة في ماري. القصة لا تنتهي نهاية سعيدة؛ لأن سيلفر أكثر ذكاء من هذا لكنها تعطيك بحذر قليلاً من الأمل. ماريسا سيلفر روائية وكاتبة ومخرجة سينمائية أمريكية، ولدت في العام 1960، والدها المنتج والمخرج السينمائي رافائيل سيلفر، ووالدتها المخرجة جوان ميكلين سيلفر. أخرجت فيلمها الأول (قديم بما فيه الكفاية) أثناء دراستها بجامعة هارفارد. وحصل الفيلم علي جائزة كراند جيوري برايز في العام 1984عندما كانت في الثالثة والعشرين من العمر. أخرجت بعد هذا الفيلم مجموعة أفلام مميزة، كما صدرت لها مجموعة كتب أشهرها رواية «إله الحرب».